حينما يتعوَّد الإنسان على فعل الخير يصبح ذلك الفعل جزءاً طبيعياً من حياته، حتى يصل إلى درجة لا يستطيع فيها أن يتخلَّى عن عادته الحسنة تلك ولو في أصعب الظروف وأشد الأوقات التي قد تمر عليه، وتتجلَّى هذه الصفة عند من رزقه الله التوفيق للعطاء والاستمرار عليه، وبالتالي يجد فيها حياته وسعادته كما يجد البركة في نفسه وأهله وماله.

هذا الإنسان الذي يؤمن بأن صلاته لربه تعود عليه بالأجر والخير؛ كذلك يؤمن بأن فعله للخير ومساعدته للآخرين تعود عليه أيضاً بالأجر والفلاح "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" الحج: 77، وإذا ما انطلق أناسٌ لفعل الخير بدوافع الإنسانية أو المروءة أو غيرها؛ فإنه إلى جانب ذلك يفعل الخير ساعياً لرضا ربه والفوز بجنته "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ" فاطر: 29.

وتلك هي سعادة العطاء التي يدرك المحسن الكريم حلاوتها فيزداد منها، وتترسَّخ هذه العادة لديه كجزء أساسي من هويته، وما أجمل أن نجد في المجتمع كثيراً من هؤلاء المحسنين الذين يأخذ الله بقلوبهم وأيديهم للخير، ويجمِّل الله بهم الناس والحياة، ويستحق ذلك المجتمع التقدير والاحترام.

هذا ما وجدناه في المجتمع الكويتي أفراداً وجماعات، وهكذا اعتاد الناس منذ أن عاشوا على هذه الأرض؛ يفزعون لبعضهم البعض في مختلف الظروف والأحوال، والتي كانت أكبر دليل على حبهم للعمل الخيري ومسارعتهم فيه، وكان يحدث أن تحلّ مصيبة على أحدهم فتذهب بماله؛ فيكتتبون للجمع له من كل أبناء المجتمع تعويضاً لخسارته وجبراً لخاطره، وتكون النتيجة أن ذلك التعويض يأتي إليه بأكثر مما فقده!

وفزع أبناء الكويت لمساعدة القبائل المجاورة لنجدتها من الاعتداءات عليها، ومد يد العون لها عند حصول الأضرار والكوارث، وقدَّمت الكويت مساعداتها للدول العربية، بل وخصَّصت لذلك صندوقاً "الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية"، وذهبت أبعد من ذلك لتساعد المجتمعات والدول الأخرى في مختلف أنحاء العالم، وما تزال إلى اليوم من خلال مؤسساتها الحكومية والأهلية والمدنية والخيرية تمد أياديها لكل محتاج، رافعة شعارها الذي سارت به واعتادت عليه "الكويت بجانبكم"، وبذلك استحقت أن تنال اللقب بجدارة "مركز العمل الإنساني"، فطوبى للكويت أفراداً ومجتمعاً وحكومة وقيادة، وهنيئاً لهم هذه العادة الأصيلة والجديرة بالتقدير والعرفان.