بالرغم من الأهمية البالغة لدور الإعلام في العمل الخيري والإنساني إلا أن دخوله كان متأخراً نسبياً، حيث سيطرة على القائمين على الإعلام فكرة أن للإعلام دوراً ثانوياً، يمكن تأجيله أو حتى الاستغناء عنه، وجاء هذا الاعتقاد من منطلق أن المستهدفون من الاعلام هم المانحون والمتبرعون فقط، وهذه الجهات يمكن التواصل معها بوسائل مختلفة دون الحاجة إلى إدارة إعلامية متخصصة، إلا أن هذا الاعتقاد بدأ بالتغير تدريجياً فظهرت الحاجة إلى بناء علاقات وطيه مع جهات حكومية وخاصة ومحلية ودولية كما ظهرت الحاجة إلى أن يكون هذا التواصل أكثر فاعلية مع أطراف العمل الإنساني كل هذه الأمور عززت من فكرة الاهتمام بالإعلام لدى المنظمات الإنسانية.
أما المناهضين لهذا الأمر فيرتكزن في رأيهم على أن العمل الإنساني هو حالة وجدانية وقيم إنسانية نبيله لايجب أن تجد طريقاً للنشر والإذاعة وهذا الرأي أغفل كثيراً جوانب مهمة منها تهيئة البيئة الداخلية والخارجية للمنظمات الإنسانية لتكون أكثر قابلية للتعامل مع المشاريع والخدمات إضافة إلى دور الإعلام اللازم لزيادة فاعلية العمل وهذا الدور لايمكن أن يكون موجوداً دون جهاز اعلامي متخصص.
فالعمل الإعلامي بطبيعته له أركان أربعة مجتمعة تعمل بمهمة التواصل بين المؤسسات الخيرية وبين بيئتها الداخلية والخارجية وغياب أي ركن من هذه الأركان يعرض الدول الإعلامي للمؤسسة لعدم النجاح المرجو وهذه الأركان الأربعة تتمثل في المرسل والمستقبل والرسالة الإعلامية والوسيلة.
ومن خلال هذه السطور سوف نتطرق لكل دور منهما أما العنصر الأول فهو المرسل فقد يبدو للجميع أن المرسل في الاعلام الإنساني هو المنظمة لكن التساؤل الذي طرح نفسه من المسؤول داخل المنظمة؟ في السابق كان المسؤول قسم العلاقات العامة إلا أن التوجه الحديث في الاعلام الإنساني يقوم على ضرورة قيام جميع كوادر المنظمة بمهمة الإرسال مع الاحتفاظ بالدور القيادي لمدير إدارة العلاقات العامة أما العنصر الثاني فهو المستقبل وقد كان تحديد المستقبلين للرسالة الإعلامية يقتصر على المانحين فقط اتسع ليشمل المستهدفين بالخدمات أيضا بل والبيئة الخارجية من منظمات ربحية وجهات حكومية ومنظمات شريكة وأيضا تعد البيئة الداخلية هي من الجهات المستقبلة للرسالة الإعلامية فالإدارة الناجحة هي التي تعمل على إرسال رسائل للبيئة الداخلية تزيد لدى العاملين في المنظمة الانتماء والولاء فكثراً من المنظمات الإنسانية تجد أن عنصر الانتماء فيها غير موجود بل تجد أن بعض العاملين في المؤسسات الخيرية يعملون بنفس الوظيفية ونفس المهنة في مؤسسات أخرى وهذا يمثل خطر كبير على الولاء.
أما العنصر الثالث فيتمثل في الرسالة الإعلامية وهى جوهر العمل الإعلامي ويتمثل في المحتوى الإعلامي التي ترغب المؤسسة في ايصاله إلى المستقبلين، ومن الأخطاء التي يقع فيها العاملين في المجال الإعلامي هو عدم تخصيص الرسالة الإعلامية بمعني أنها تعتمد رساله واحدة لكل المستقبلين وهذا الأمر ينعكس سلباً على نشاط المنظمة الإعلامي وبيئتها الداخلية والخارجية فيجب أن تكون الرسالة واحدة مضموناً لكن تختلف في صياغتها ولا أدل على ذلك هذا الموقف الذي حدث مع عبدالله بن عمر قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلي إزار يتقعقع، فقال: " من هذا؟ " قلت: عبد الله بن عمر قال: " إن كنت عبد الله فارفع إزارك " فيما كان موقف هناك موقف آخر لرجل من الأنصار أرخى ثيابه فقال له عمر بن الخطاب يا غلام ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى وأبقى" فالرسالة واحدة لكن الصيغة مختلفة.
أما العنصر الرابع فهو يتمثل في الوسيلة الإعلامية وهي تشمل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء وغيرها من الوسائل المتاحة وهناك يمكن اختيار الوسيلة على حسب طبيعة المستقبل فالجهات الرسمية لايمكن استخدام الوسائل المرئية أو الإلكترونية أو المسموعة ولكن يجب أن تكون هناك تقارير مالية وإدارية وتقارير للمشاريع المنفذة بينما المستهدفون من الخدمات يمكن أن تتناسب معهم وسائل الاعلام المقروء والمسموعة والمرئية فلكل مستقبل وسيلة تتناسب وطبيعة اهتماماته