عرض وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير الدولة لشؤون البلدية محمد الجبري جهود الكويت الناجحة في تعزيز أمنها المائي مؤكدا دعم الكويت القوي لمبادرة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) لبلورة استراتيجية اقليمية مشتركة ازاء تحدي ندرة المياه.
جاء ذلك في كلمة القاها الجبري خلال مشاركته في مؤتمر وزاري اقليمي عقد اليوم الثلاثاء برعاية منظمة (فاو) وجامعة الدول العربية تحت شعار (معالجة ندرة المياه وتحسين الأمن الغذائي في ظل تغير المناخ: وجهات نظر من إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا) ضمن فعاليات الدورة 40 للمؤتمر العام للمنظمة المنعقد بمقرها في روما.
وقال الجبري في هذا السياق ان لدى دولة الكويت نقصا حادا في الموارد المائية الطبيعية والمصنفة كإحدى الدول الأشد معاناة جراء الظروف المناخية القاسية معتبرا أن شحة المياه العذبة "تحد كبير لا يختلف عليه اثنان".
وأضاف ان "الكويت من الناحية الجوهرية لا تمتلك سوى مورد مائي طبيعي واحد ومحدود ينحصر في المياه الجوفية" بينما يتم تلبية الجزء الأعظم من احتياجات البلاد من الموارد المائية عن طريق تحلية مياه البحر.
وذكر أن النمو السكاني وارتفاع مستويات المعيشة تسبب في ارتفاع هائل غير مسبوق في معدلات استهلاك المياه برغم ما تبذله الدولة من جهود منذ عقود طويلة لزيادة وتعظيم الموارد المائية المتيسرة لمواجهة ندرة المياه ومواكبة الطفرة التنموية المعاصرة وما صاحبها من نمو سكاني سريع.
وأشار الى أن الضرورات على ضوء هذه الحقائق اقتضت الاعتماد على مياه الصرف الصحي المعالجة كمصدر اضافي للري الزراعي ولتخفيف الضغط على المياه الجوفية التي يصعب تعويضها "ما جعل من المياه المعالجة عاملا أساسيا في تحقيق الأمن المائي المستدام في الكويت".
وأوضح أن الكويت وبفضل توجيهات سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه تحرص باستمرار على تأمين المزيد من الموارد المائية بما يلبي الاحتياجات المتزايدة للأغراض الزراعية والتجميلية والإنتاجية وكذلك المياه الصالحة للشرب عبر تطوير وتوسعة محطات تحلية مياه البحر.
وفي هذا المجال استعرض الجبري أمام المؤتمر الوزاري ما أنجزته الكويت التي "أنشأت عدة محطات لتنقية مياه الصرف الصحي المعالجة أبرزها (محطة الصليبية) للمعالجة الرباعية الأكبر والأحدث في العالم حيث تبلغ طاقتها الإنتاجية 600 ألف متر مكعب يوميا من المياه للاستخدامات الزراعية".
وقال ان الكويت وهي تشارك في هذا المؤتمر الهام لتبادل الخبرات والآراء في مواجهة هذا التحدي التاريخي "تدعم وبقوة المبادرة الإقليمية التي أطلقتها منظمة (فاو) بالتعاون مع جامعة الدول العربية في 2013 بشأن (ندرة المياه في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا) التي تدعم تنسيق الاستراتيجية التعاونية الإقليمية.
واختتم الجبري كلمته بالتأكيد أن "الوقت قد حان لتفعيل هذه المبادرة بصورة جدية وبالسرعة الممكنة" من جانب المنظمة ودول الاقليم الأكثر معاناة من شحة المياه "بما يسهم في تعزيز أمننا الغذائي المستدام" ودعا الى أن تكون الجامعة العربية طرفا أساسيا في متابعة تنفيذ هذه المبادرة.
وفي كلمته الافتتاحية أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن "مستقبل المنطقة العربية يرتبط بشكل وثيق بمشكلة ندرة المياه" وأشار الى وجود "فجوة كبيرة بين الإمدادات والطلب بالنسبة للمياه وكذلك الغذاء في المنطقة العربية".
وقال أبو الغيط ان شحة المياه تتصدر كل التهديدات التي تحيق بالمنطقة وتمثل "قضية وجود" بالنسبة للبلدان العربية التي تعاني منها 13 بلدا من اصل 19 من بلدان العجز المائي الشديد وذلك على ضوء الزيادة السكانية المطردة مع استمرار التراجع في الموارد المائية التي تنبع 80 في المائة منها خارج البلاد العربية.
ونبه الى أن هذه الفجوة من شأنها أن "تقود إلى عواقب اقتصادية وأمنية وخيمة" معتبرا أن الصراعات والأزمات التي تعصف بالمنطقة مرجعها تعاظم أزمة ندرة المياه التي تعد من أسباب التوتر في سوريا بعد أن شهدت في 1998 نزوح الملايين نتيجة أكبر موجة جفاف على مدى تسع قرون.
وبدوره قال مدير عام (فاو) جوزيه غراتسيانو داسيلفا إن على الدول العربية أن تواصل السعي نحو ابتكارات تساعد على تخطي أزمة ندرة المياه في إطار مواجهة تغير المناخ.
وفي هذا الصدد أشاد داسيلفا بما حققته دول الاقليم وخاصة دول الخليج العربي من تقدم في بعض المجالات مثل تحلية المياه وجمع المياه والري بالتنقيط ومعالجة مياه الصرف الصحي على الرغم ما تكتنفه من تحديات.
وشدد على أن "من الضروري تعزيز طرق الزراعة وإنتاج الغذاء بصورة عامة بحيث يتم استخدام كميات مياه أقل وبكفاءة أكبر" في مواجهة زيادة الضغط الذي سيسفر عنه النمو السكاني وآثار تغير المناخ على مدى توفر المياه في المستقبل القريب.
وأبرز المدير العام المساعد في اقليم الشرق الأدني وشمال أفريقيا عبد السلام ولد أحمد أبعاد التحديات المائية التي يواجهها الاقليم حيث يبلغ معدل نصيب الفرد من المياه المتجددة حوالي 600 متر مكعب للفرد في السنة الذي يعادل عشر المعدل العالمي بينما انخفض هذا المعدل في دول مجلس التعاون إلى 100 متر مكعب فقط.
وقال ان الزراعة تستهلك ما يزيد على 80 في المائة من اجمالي المياه العذبة المسحوبة في المنطقة وتصل هذه النسبة ذروتها بأكثر من 90 في المائة في بلدان منها اليمن وسوريا وهو "ما يجعل تبني ممارسات مستدامة وفعالة لإدارة المياه في الزراعة مهما جدا لتحقيق هدف التنمية المستدامة بالقضاء على الجوع".
واستعرض الوزراء الخليجيون والعرب الوضع المائي في بلدانهم وتجارب دولهم المتنوعة والناجحة في التعامل مع مشكلة ندرة المياه مؤكدين أهمية تعزيز التعاون والاستفادة من التجارب والخبرات المتبادلة في اطار استراتيجية اقليمية تقوم على التقنيات الحديثة والترشيد.
وسعت الفاو عبر المؤتمر الوزاري الاقليمي الى جمع وجهات النظر والخبرات من مختلف البلدان للتعامل مع الأمن الغذائي وندرة المياه في سياق تغير المناخ والى مناقشة خيارات الاستجابة المحتملة للخروج بتوصيات لتحقيق مستويات أعلى ومستدامة من الأمن الغذائي في ظل ندرة المياه في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وغيره من مناطق العالم.
ويعد اقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا أكثر مناطق العالم معاناة من مشكلة ندرة المياه ذات البعد العالمي والتي تتوقع فاو أن تصبح أكثر إلحاح في العقود المقبلة ما قد يعرقل بشكل كبير الجهود استئصال الجوع وفق أجندة 2030 للتنمية المستدامة.
ويضم وفد الكويت المشارك في المؤتمر المنعقد في روما والذي انطلق امس الاثنين ويستمر حتى ال8 من يوليو الجاري كلا من سفير الكويت لدى ايطاليا الشيخ علي الخالد ورئيس مجلس الإدارة المدير العام للهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية فيصل الحساوي ومندوب الكويت الدائم لدى (فاو) المهندس يوسف جحيل.