صادف يوم امس الثلاثاء الذكرى ال 45 على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية الصديقة حيث أضحت نموذجا يحتذى للعلاقات بين الدول لاسيما لناحية التعاون المتجذر بينهما والذي يحفل بآفاق واعدة مستقبلا.
وسطرت العلاقات السياسية بين البلدين الصديقين خلال تلك السنوات تناميا كبيرا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها وأصبحت مجالات التعاون متزايدة ومتشعبة ولها آفاق مستقبلية واعدة تساهم بشكل فعال في جهود التنمية والبناء والتطور والرقي المنشود الذي يطمح إليه قيادتا وشعبا البلدين الصديقين.
وبمناسبة مرور هذه الذكرى قال سفير دولة الكويت لدى جمهورية الصين الشعبية محمد الذويخ في بيان صحافي للسفارة امس الثلاثاء تلقته (كونا) إن دولة الكويت كانت أول دولة عربية خليجية تتبادل وتقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الصين وذلك في 22 مارس عام 1971.
وأضاف السفير الذويخ أن العلاقات بين دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية نشأت فعليا قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما وذلك حين قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد - طيب الله ثراه ـ عندما كان وزيرا للمالية والصناعة والتجارة بزيارة إلى الصين في 13 فبراير 1965 والتقى خلالها عددا من المسؤولين منهم رئيس جمهورية الصين الشعبية حينذاك ليو شاو تشي.
وأوضح أنه قد بني كل ذلك على قاعدة متينة وصلبة من الأسس والمبادئ والسمات الراسخة التي تقوم عليها العلاقات المتميزة بين البلدين يتصدرها الاحترام المتبادل للسيادة والمساواة ووحدة الأراضي ومبادئ التعايش السلمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المنافع المشتركة وغيرها من المبادئ والسمات والأعراف الدولية الرفيعة.
وذكر أن التعاون السياسي بين البلدين تعزز عقب الزيارة التي قام بها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر إلى جمهورية الصين الشعبية عام 2009 تلتها زيارة ناجحة لسمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء إلى الصين في يونيو عام 2014 حيث تم التوقيع على العديد من اتفاقيات تعاون مشترك ومذكرات تفاهم والتي من شأنها أن تسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين كما قام المسؤولون في البلدين من مختلف المستويات بالعديد من الزيارات المتبادلة والمثمرة بين الطرفين.
ولفت إلى أن دولة الكويت تدعم بقوة سياسة الصين الواحدة وتساند مساعي جمهورية الصين الشعبية في هذا الصدد سياسيا واقتصاديا «فقد كانت الكويت من الدول الداعمة لاستحواذ جمهورية الصين الشعبية لمقعدها الدائم في الأمم المتحدة عام 1971».
وأشار السفير الذويخ في المقابل إلى أن الصين تؤيد وبحزم حماية سيادة واستقلال دولة الكويت كما وقفت الصين إلى جانب الكويت عندما تعرضت للاحتلال من جانب العراق عام 1990.
وقال إن قادة الكويت وحكومتها وشعبها أعربوا عن خالص شكرهم وتقديرهم لجمهورية الصين قيادة وحزبا وحكومة وشعبا وشجع ذلك التأييد السياسي المتبادل بين البلدين على فتح آفاق واسعة للتعاون بينهما في المجالات الاقتصادية والتجارية والفنية والثقافية والعسكرية.
وبين أنه بعد حرب تحرير الكويت ساهمت الشركات الصينية في إعادة بناء الكويت وشاركت مؤسسة البترول الوطنية الصينية في إطفاء حرائق النفط التي تسببت بها قوات الاحتلال العراقي ونجح فريق الإطفاء الصيني في السيطرة على عشرة آبار نفطية مشتعلة في حقل برقان كما نفذت شركة الهندسة البترولية الصينية مشروع ترميم مصفاة الأحمدي لتكرير النفط.
وذكر السفير الذويخ أن الفضل في تنامي العلاقات بين البلدين يرجع إلى دور القيادتين الحكيمتين في بلورة الرؤى والأفكار التنموية العابرة للحدود الوطنية نحو آفاق الصداقة الواسعة مع الدول والشعوب والأمم الأخرى.
وقال «لا يفوتنا في هذا المجال أن نشيد برؤية رئيس جمهورية الصين الشعبية الصديقة شي جين بينغ المتمثلة بإعادة إحياء طريق الحرير القديم وطريق الحرير البحري للقرن الواحد والعشرين عبر سلسلة كبيرة من المشروعات التنموية الطموحة».
وأضاف أن تلك المشروعات «إن تم الشروع بها فستغير شكل ونمط العلاقات الدولية وآفاق التعاون بين دول العالم على نحو إيجابي وستكرس المنافع المشتركة لجميع الدول والشعوب والأمم وتساهم كثيرا في حل القضايا والمشكلات التي تعانيها معظم الدول النامية وتعزز الأمن والسلم الإقليميين».
ولفت من جانب آخر إلى أن رؤية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد  لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي ورؤية إنشاء مدينة الحرير التي أطلقها عام 2006 جسدت آفاقا جديدة لتلاقي طرق الشرق والغرب القديمة منها والحديثة في منطقة الشرق الأوسط لذلك بادرت دولة الكويت أن تكون من الدول الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
وأضاف أن دولة الكويت طرحت أيضا برامج ومشاريع تنموية ضخمة وطموحة «ونحن نرحب بالشركات الصينية للمساهمة والمشاركة في هذه البرامج والمشاريع والمجال أمامها مفتوح وواسع لما لهذه الشركات من خبرة وإمكانات فنية مؤهلة للقيام بمثل هذه المشاريع العملاقة».
وقال السفير الذويخ «إننا نرى ان مسيرة ال45 عاما من العلاقات الإيجابية والبناءة كانت خير دليل على حيوية ونشاط هذه العلاقة المتميزة ونحن على ثقة بأن التطلع الجاد لدى كل من القيادتين السياسيتين في دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية وحرصهما على تعميق هذه العلاقة خلال الفترة القادمة سيؤدي الى استمرارية هذه الشراكة نحو مجالات أوسع وأرحب وبما يعود بالنفع عليهما وعلى شعبيهما الصديقين مستقبلا».
من جانبه أكد سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة الكويت وانغ دي أن الكويت أصبحت الآن شريكا أساسيا للصين في المنطقة لافتا إلى إن دولة الكويت تعتبر من أوليات الدول العربية والخليجية التي أقامت علاقات مع الجمهورية الصينية والتي انطلقت في مثل هذا اليوم عام 1971.
وأعرب السفير دي في لقاء مع (كونا) بمناسبة ذكرى مرور 45 عاما على انطلاق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين عن سعادته لتزامن الذكرى هذا العام مع احتفالات الكويت بذكرى مرور 55 عاما على الاستقلال و25 عاما على التحرير و10 سنوات على تولي سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم.
وقال إنه على مدى ال 45 عاما الماضية شهدت العلاقات بين البلدين تطورا كبيرا في شتى مجالات التعاون «فالكويت في مقدمة الدول العربية والخليجية في تعاملها مع الصين وهي أول بلد عربي أقام علاقات دبلوماسية معها وأول بلد في المنطقة أجرى تعاونا في مجال المقاولات والذي يرجع الى ثمانينات القرن الماضي».
وأوضح أنه بعد هذه الفترة من العلاقات تحققت إنجازات كثيرة بفضل رعاية قيادتي البلدين والجهود المشتركة من الشعبين «حيث نشعر برضا تام عن كل ما تحقق لكننا لا نكتفي بذلك بل نتطلع إلى العمل مع الجانب الكويتي من أجل دفع هذه العلاقات وتحقيق المزيد من التقدم في المستقبل».
وذكر أن الكويت أكثر دولة عربية قدمت قروضا ميسرة إلى الصين حيث بلغت منذ عام 1982 حتى الآن نحو مليار دولار أمريكي في مشاريع تنموية في الصين مبينا أن «الجانب الصيني يتذكر هذا الأمر الجميل الذي قدمته الكويت».
وبين أن الكويت أول بلد عربي استثمر في الصندوق السيادي الصيني باستثمارات بلغت منذ عام 2005 حتى الان نحو 10 مليارات دولار.
واستذكر السفير الصيني موقف بلاده حين تعرضت الكويت للغزو العراقي مؤكدا أن الصين أعلنت حينها دعم جهود تحرير الكويت واستعادة أرضها وفي تلك الفترة زار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصين حيث تم استقباله استقبالا رسميا على مستوى رئيس دولة رغم أن بلده كان محتلا.
ولفت إلى أن هناك توافقا كبيرا بين الجانبين حول رؤيتهما للأحداث الإقليمية والدولية معبرا عن تقدير حكومة الصين لسياسة الكويت المتسمة بالحكمة والاتزان في التعامل مع الأحداث في المنطقة وهو ما يبرز حكمة القيادة الكويتية في السياسات الخارجية.
وأشار السفير دي إلى أن هناك مبادئ عامة تنتهجها الخارجية الصينية تتفق تماما مع السياسة العامة للخارجية الكويتية وأهمها عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وإيجاد الحلول السياسية للمشاكل عبر الحوار والمفاوضات والسماح للشعوب بتقرير مصيرها ومستقبلها.
ودعا دول المنطقة إلى اعتماد الطرق التنموية المناسبة للتعامل مع الظروف الخاصة «فأي حل أو برنامج يجب ألا يفرض من الخارج بل يأتي من الداخل سواء في سوريا أو العراق أو أي دولة أخرى».
وشدد على ضرورة مكافحة الإرهاب بوصفه «الآفة التي يعانيها العالم» داعيا إلى تضافر الجهود الدولية من أجل مكافحته ومعالجته عبر مكافحة المنظمات الإرهابية ومعالجة أسباب وجذور المشكلة.
كما دعا السفير الصيني إلى عدم ممارسة ازدواجية المعايير وعدم ربط الإرهاب بالدين أو بدولة أو شعب محدد لافتا الى جهود بلاده في التعاون مع الآخرين للقضاء على هذه الظاهرة.
وعن التعاون الاقتصادي بين البلدين اعتبر وانغ دي أن الكويت شريك مهم للصين في جميع المجالات وخصوصا الاقتصادي إذ إن هناك ثلاثة قطاعات رئيسية الأول هو القطاع النفطي حيث تعتبر شركة (سينوبك) أكبر مقاول يقدم خدمة حفر الآبار للكويت ويبرز القطاع الثاني في مجال الاتصالات وتصنف شركة (هواوي) كثاني شركة أجنبية تؤسس شركة في الكويت بتملك 100 في المئة وتبلغ حصتها السوقية أكثر من 50 في المئة وهي الأكبر في سوق الاتصالات المحلي.
وعن المجال الثالث أشار إلى أنه قطاع البنية التحتية «وهناك الكثير من الشركات الصينية التي شاركت في تنفيذ البنية التحتية لعدد من المشاريع فشركة الإنشاءات الصينية في الشرق الأوسط نفذت مشروع مبنى البنك المركزي الكويتي والمقر الرئيسي لبنك الكويت الوطني وقبل فترة وقعت عقد تنفيذ مرافق (المدينة الجامعية في صباح السالم) لافتا إلى أن «هذه المجالات الثلاثة تتقدم باستمرار».
وكشف السفير دي أن حجم التبادل التجاري بين الكويت والصين بلغ 2ر11 مليار دولار في عام 2015 مقارنة ب 4ر13 مليار دولار في 2014 بسبب انخفاض أسعار النفط غير أن حجم صادرات النفط شهد زيادة تاريخية وصلت إلى 35 في المئة وهو يعتبر الأعلى في تاريخ العلاقة بين البلدين حيث وصل إلى 14 مليون طن في السنة.
وبين أن الكويت تصدر البتروكيماويات إلى الصين أيضا في حين أن أبرز الواردات الكويتية من الصين هي المعدات الميكانيكية.
وعن رأيه بالاختراعات الكويتية ذكر أن هناك شركتين صينيتين وقعتا مع مخترعين كويتيين في مركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع عقدين لتصنيع وتسويق اختراعيهما مشيرا إلى أن الاختراعات تعتبر من الزخم الجديد للتنمية.
وأشار إلى أن الحكومة الصينية تشجع الاختراعات والإبداع من أجل دفع النمو الاقتصادي حيث أصدرت الكثير من السياسات التشجيعية خصوصا للشباب من أجل الابداع والاختراعات مضيفا «لقد وجدت التوجه نفسه في الكويت فالحكومة ترعى رفع قدرة الشباب على الاختراعات».
وحول الاستثمارات أو المشاريع الجديدة بين البلدين أفاد السفير الصيني بأنه رغم ما يعانيه العالم من ظروف اقتصادية صعبة وأزمات تخيم عليه فإن الصين تريد تقوية العلاقات الاقتصادية مع الكويت فهي ترى أنها مهمة في المنطقة سياسيا واقتصاديا.
وأشار إلى أنه قبل سنتين طرح الرئيس الصيني مبادرة لبناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين بهدف تعزيز التواصل بين الشعوب والدول في المنطقة «وفي الوقت نفسه لاحظنا أن القيادة الكويتية مهتمة جدا بإحياء طريق الحرير وأن خطة التنمية في الكويت تتمتع بالروح نفسها لذلك يجري التخطيط والمناقشات حول مشروع تنموي في هذا المجال من خلال مشروع مدينة الحرير».
وأضاف انه أثناء زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك إلى الصين عام 2014 تم توقيع وثيقة التعاون بين الصين والكويت من أجل المشاركة في بناء مدينة الحرير ومشروع طريق الحرير الجديد وهي أول وثيقة تعاون وقعتها الصين مع دول العالم في هذا المجال.
وشدد السفير الصيني على أن بلاده جاهزة من أجل خطة تطوير الجزر الخمس التنموية التي تجري مناقشتها حاليا مبينا أن هناك مشاورات مكثفة جرت بين الجانبين حول هذه المشاريع حيث زار خبراء صينيون أكثر من مرة الكويت للقاء نظرائهم لمناقشة كيفية مساهمة الجانب الصيني في هذا المشروع التنموي.
وذكر أن هناك تعاونا بين الصين والكويت في مجال التمويل الاستثماري ابتداء ببنك التجارة والصناعة الصيني الذي يوجد فرع له في الكويت والذي افتتح خلال العام الماضي ويقدم خدماته للشركات العاملة هنا والمواطنين والمقيمين أيضا.
وأكد أهمية التعاون المالي إذ يعتبر من المجالات الحيوية للتعاون بين البلدين فهناك تعاون استثماري وفي مجال البنية التحتية ومع تطور هذا التعاون لابد أن يكون هناك تعاون استثماري يقدم خدمة أفضل للشركات الصينية أو الكويتية ويعطي دفعا جديدا للعلاقة بين البلدين بالتأكيد.
وعما إذا كانت هناك طلبات لافتتاح شركات أو فروع بنوك في الكويت أوضح أنه مع التطور المستمر للتعاون الاقتصادي بين البلدين ومع دخول مزيد من الشركات الكبيرة ذات القدرة الفائقة «بالتأكيد ستكون هناك شركات صينية جديدة في الكويت إذ إن هناك آفاقا واسعة للتعاون في هذا المجال بين البلدين».
وعن عدد المقيمين الصينيين في الكويت أشار إلى أن هناك نحو ألف صيني لكن هناك 6 آلاف آخرين يعملون في شركات صينية تنفذ مشاريع في الكويت في شتى القطاعات.