- أشار أحد الباحثين إلى أنّ العصا احترقت عندما أحرق موسى عجل السامريّ
- سيّدُنا آدمُ هَبطَ بها منَ الجنّة وبقِيَت في الأرضِ إلى أن سلَّمها جبريلُ إلى موسى
- تشير بعض الروايات إلى أن ظهورها في المستقبل سيكون من علامات السّاعة

موسى عليه السّلام موسى عليه السلام أحد أنبياء الله تعالى الذين أرسلهم الله -عزَّ وجل- إلى بني إسرائيل، وقد جاء موسى -عليه السّلام- كغيره من الأنبياء بالعديد من المُعجزات التي تُظهر صدق نبوته، وقد أُرسِل من عند الله لهداية الناس وإرشادهم إلى عبادة الله وحده، وإفراده بالوحدانية والعبودية، ومن المعجزات التي جاء بها موسى عليه السّلام عصاه التي كان يرعى بها غنمه حين أُرسل إليه، حيث إنّ الله سبحانه وتعالى أفرد تلك العصا بمزايا جعلتها مُعجزةً بحدّ ذاتها، ناهيك عن أن موسى عليه السّلام كان يستخدمها في عدد من الأمور في رعيه واسترشاده في الطريق وغير ذلك، قال تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى *قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى *قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى *فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى *قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى)، فقد أشار موسى عليه السّلام في الآية أنّه كان يستخدم تلك العصا في عدة أمور، فجعلها الله سبحانه وتعالى بقدرته مُعجزةً تتحوّل إلى أفعى حين يُلقيها موسى من يده.
 
 
 
 الاسم والمولد والنَّسب اسمه ونسبه هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السّلام جميعاً،واسم أمه يوخابد، أيارخا، وقيل أياذخت، وقيل يوحاند، وقيل بادونا، أمّا امرأة موسى التي زوّجها له شعيب -عليه السّلام- على أن يرعى غنمه مدّةً من الزمن فاسمها فهو صفورا بنت شعيب.
 وقت ولادته
 ولد رسول الله موسى عليه السّلام في مصر في زمن الفراعنة، وكانت فترة ولادته بعد ولادة إبراهيم -عليه السّلام- بأربعمائة وخمس وعشرين سنةً، أي أنّ مولده كان بحدود عام 1526 ميلاديّة، وقد كانت ولادته في فترة قتل فرعون لمن يُولَد من أبناء بني إسرائيل الذكور خوفاً على ملكه؛ فقد رأى في تلك الفترة رؤيا فَسّرها له الكهنة بأن غُلاماً سيولد من بني إسرائيل سينتزع منه ملكه، وكان فرعون، خوفاً من هلاك نسل بني إسرائيل جميعهم، يُجري القتل فيهم سنةً ويتركهم أخرى، فجاء هارون أخو موسى في السّنة التي كان فيها فرعون يترك أبناء بني إسرائيل دون ذبح، وجاء موسى في السنة التي فيها ذبحٌ للذكور. حينها ألهم الله أم موسى أن ترضعه بنفسها ثم تصنع تابوتاً وتضعه فيه وترميه في النيل، ففعلت ذلك، فأوصل النيل موسى إلى قصر فرعون بأمر الله، فوقع في يد زوجته -وكانت عاقراً- فطلبت منه أن يجعله ابناً لهم ولا يقتله، قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ*فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ).
 
 
 
 فأطاعها فرعون في ذلك، ومكث موسى في قصر فرعون، ونشأ وتربى فيه حتى أصبح يُقال له ابن فرعون، ولأنّ أمه أرضعته قبل أن ترميه في النيل لم يقبل موسى مرضعةً أبداً، فحرَّم الله عليه المراضع كما جاء في كتاب الله، فبدأ فرعون وزوجته يبحثون عن امرأة يتقبّلها موسى لترضعه، إلى أن انتهوا إلى أمّه عن طريق شقيقته التي كانت تعمل في قصر فرعون، فردّه الله إليها كما وعدها.
 
 
 عصا موسى 
لم يرد في مكان عصا موسى -عليه السّلام- نصٌ صريح، ولا أتى بها دليلٌ واضح، إنّما وردت بعض الروايات التي تُشير إلى ظهورها في المُستقبل كإحدى علامات السّاعة، وقد أشار أحد الباحثين إلى أنّ عصا موسى عليه السّلام قد احترقت عندما أحرق موسى عجل السامريّ، حيث زعم ذلك الباحث أنّ السامريّ كان قد استغلّ عصا موسى في بث الروح في العجل لما لها من خواص مُعجِزة، وقد كان لها الدور من وجهة نظره في حركة العجل وصوت خواره الذين كان يسمعهما ويشاهدهما بنو إسرائيل حينها، ممّا دفعهم لتصديق السامريّ وعبادة العجل، وقد جاء في علامات الساعة الكبرى أنّه ستخرج دابةٌ من الأرض تُحدِّث الناس، وأنّ عصا موسى ستكون مع تلك الدابة، وستأتي حينها بالمُعجزات والخوارق الطبيعيّة.
 
 
 
 
معجزات العصا 
 
وقيلَ إنّ هذه العَصا هَبطَ بها سيّدُنا ءادمُ منَ الجنّة وبقِيَت في الأرضِ إلى أن سلَّمها سيدُنا جبريلُ إلى سيدِنا موسى عليه السلام. وكان يتَوكّأ علَيها أي يَستَعينُ بها في المشيِ والوقوفِ. ويخبِطُ بها على أَغصَانِ الشّجَر ليَسقُطَ وَرقُهَا فَيَسهُلَ على غنَمِه تَناوُلهَا فتَأكُلَها. وإذا هَجم سَبُعٌ أو عدُوٌّ فإنها كانت تُقَاتِلُه وتحارِبُه وتُبعِدُه عنهُم وعنه علَيه السلام. وإذا ابتَعدَت بعضُ الغنَماتِ عن القَطِيع أعَادتهم إليه بإذنِ الله. وكانَت طُولُهَا عشَرَة أَذرُع. ومِن مَنافِعِها العَجِيبةِ أَنها كانَت تُماشِي وتحَادِثُ سيدَنا موسى علَيه السّلام في طَرِيقِه وتَجَوُّلِه. وكانَ لها رأسَانِ مُتَشَعِّبانِ مِنها، يُعَلِّقُ عَليها أحمَالَه مِن قَوسٍ وسِهَامٍ. ثم عندَما يَدخُلُ الليلُ كانَ رَأسَا العصَا يُضِيئَانِ كالشّمع. وكانَ إذا أرادَ أن يشرَبَ مِن بِئرٍ تَطُول العصَا بطُولِ البِئر مهمَا كانَ عَمِيقًا ويتَحوَّلُ رأسَاهَا إلى ما يُشبِهُ الدَّلْوَ فيَملؤه ويَشرَبُ مِنه. 
وأما إذَا عَطِشَ في صَحراءَ ليسَ فيها بِئرٌ ولم يكن معهُ ماءٌ غَرزَهَا في الأرضِ فتَنبُع ماءٌ بإذنِ الله. فإذا رفَعها عن الأرضِ نضَبَ الماءُ. وكان إذَا اشتدَّ علَيه الحرُّ يَركُزُها فتَطُولُ شُعبَتَاها ثم يُلقِي علَيها كِسَاءَهُ ويَستَظِلُّ تحتَه. وإذا اشتَهَى ثَمرةً كانَ يَركُزُها في الأرضِ فتُورِقُ وتُثمِرُ بإذنِ اللهِ فيَأكُل منهَا ما طَابَ. 
وكانت تَدفَعُ عنه حشَراتِ الأرضِ وهَوامَّها وهي حَيواناتٌ تُؤذِي كالعقَاربِ. وأَوّلَ مَرّة تحوَّلَت هذه العصَا إلى ثعبانٍ كانَ لها عُرفٌ كعُرفِ الفَرسِ وكان متَّسِعٌ فَمُهَا أَربَعينَ ذِراعًا وابتَلعَت كُلَّ ما مرَّت بهِ مِنَ الصُّخورِ والأشجار حتى سمِعَ سيدُنا موسى لها صَريرَ الحجَر في فَمِها وجَوفِها. 
وأوحَى الله تعالى إليه أن يُدخل يدَه فيها تَقويةً لقَلبِه وإنها مُعجِزةٌ لهُ ولن تَضُرَّه. فأدخلَ موسى يدَه في فَمِها بينَ أَسنانها فعَادَت خَشَبةً كما كانَت. وهذا ليسَ سِحرًا لأنّ السِّحرَ يُفعَلُ مِثلُه وقد يأتي شخصٌ بسِحرٍ فيَأتيْهِ مَن يُعارِضُه بسِحرٍ أَقوى. أما هذا الأمر معجزةٌ من معجزاتِ الأنبياء. 
ومن أكبر معجزات سيدنا موسى عليه السلام بهذه العصا أنه عندما خرج هو والمسلمين المؤمنون الذين هم من ذرية إسرائيل وهو يعقوب كانوا في أرض مصر التي كان يحكمها فرعون. ولما وصل سيدنا موسى إلى شاطئ البحر أوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه فانفلق البحر اثنتي عشر فرقا وكان كل فرق كالجبل العظيم وصار ما بين ذلك أرضا يابسة فاجتاز موسى ومن معه البحر فاجتازوا البحر وكانوا ستمائة الف فلما شعر بذلك فرعون وكان منشغلا بعيد لهم فسار ليدرك موسى ومعه مليون وستمائة ألف مقاتل حتى وصل إلى شاطئ البحر. وما أن خرج موسى وقومه ناجين بعون الله حتى عاد البحر وأطبق على فرعون ومن معه فغرقوا وسط الأمواج العالية.
وبلغت عصا موسى -عليه السّلام- من الشأن ما لم تبلغه أيّة معجزة أخرى لنبي، غير محمد -عليه السّلام- الذي جاء بأعظم معجزة على الإطلاق وهي القرآن، وكان من شأن عصا موسى -عليه السّلام- أنه كان، قبل أن يُرسل إليه، يستخدمها في جميع أموره، ومن ذلك مثلاً: كان موسى -عليه السّلام- يتوكَّأُ على عصاه في أسفاره وترحاله وتجواله، ويستعينُ بها في المشي، ويستند عليها أثناء الوقوف، ويخبطُ بها على أغصانِ الشجرِ فيتساقط وَرَقُها، ثم تأكلها أغنامه. إذا هاجمَ أغنام موسى عليه السّلام سبعٌ أو ضبعٌ أو عدوٌّ فإنها كانت تقاتلُ ذلك العدو أو السّبع وتُحاربُه حتى تُبعدُه عنها وعن موسى عليه السلامُ، وكانت أيضاً إذا ابتعدت بعضُ الغَنَماتِ عن القطيعِ أعادتهن إليهِ بإذنِ اللَّهِ.
 
 
 
قصة موسى 
 
 نشأ موسى وكبر في قصر فرعون، وفي يومٍ كان يتجوّل في السوق فرآى شِجاراً بين رجلٍ من بني إسرائيل ورجلٍ من قومٍ آخرين من عدّوه، فوكز موسى الرجل الذي من أعدائه بقصد ردعه عن شجار ابن جلدته فخرَّ الرجل ميتاً، حينها هرب موسى خشية أن يقتله فرعون وجنوده، إلى أن جاء أهل مَدين ومكث عندهم عشر سنين أو يزيد، وبعد أن أنهى موسى تلك الفترة في مَدين وتزوّج ابنة شعيب عليه السّلام، حينها بعث الله له بالرسالة، وطلب منه أن يدعو فرعون وقومه للإيمان به وحده، والكف عن عبادة غير الله، فأنكر فرعون وقومه ما جاء به موسى وهارون من التّوحيد، وطلب فرعون من موسى عليه السّلام أن يُبرهن له عن صدق نبوّته، فجاءه موسى بالمُعجزات التي أيّده الله بها، فكذّب وطغى، واتّهمه بالسّحر والشّعوذة، فاقترح موسى على فرعون أن تجري بينه وبين سحرة فرعون مُسابقةً، فإن فاز موسى آمن له فرعون، وإن خسر رضخ لما يريد منه فرعون، واتّفقوا على يومٍ مُعيّن لذلك.
 حين بدأت المُنافسة وعرض السّحرة بضاعتهم؛ ألقى موسى عصاه فالتهمت ما جاء به السّحرة من الشّعوذة والسّحر الظاهر، فعلم السّحرة أنّ ما جاء به موسى إنّما هو الحقّ وآمنوا بموسى وما جاء به، فاتّهمهم فرعون حينها بالمُكر والخديعة وأمر بقتلهم جميعاً، ومع كل ما جاء به موسى عليه السّلام من الدلائل على توحيد الله وتنزيهه عن المثيل والشبيه والشريك، إلا أنّ فرعون لم يزدد إلا كفراً وطغياناً، قال تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِين، وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ).
 عندما ثبت لفرعون بالدلائل والمُعجزات المُعاينة الظّاهرة، وعانى من العذاب هو وقومه جزاء كفرهم وبعدهم عن الحق، حينها أدرك أنّ ما جاء به موسى عن الله أنما هو الحق اليقين، وظهر له واتّضح أنّ زوال ملكه سيكون على يد موسى عليه السّلام، وحينها أراد التخلّص من موسى ودعوته ومن آمن معه حتى لا يُحافظ على ملكه ومملكته، ولكن الله لم يُمهله إلى أن يُحقّق غايته، وأنجى موسى وقومه من مكر فرعون وجنده، قال تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ*أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ*فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ
وفاته 
مات موسى بعد أن بلغ من العمر مائة وعشرين سنةً، وقد ورد في الصّحيح أنّ ملك الموت قد جاء ليقبض روحه فلطمه موسى -عليه السّلام- حينها فقلع عينه، فعاد ملك الموت إلى السّماء لينقل ما جرى معه، وأنّ موسى عليه السّلام لا يرغب بالموت، فأمر الله -سبحانه وتعالى- ملك الموت أن يقول لموسى أنه سيكون له من الحياة بقدر ما تُغطّي راحة كفّه من الشّعر إن وضعها على ظهر ثور، فرفض موسى ذلك؛ إذ علم أنّ مصيره الحتميّ سيكون إلى الموت، وأمر ملك الموت بقبض روحه، فعن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: (أُرْسِلَ مَلَكُ الموتِ إلى موسى عليهما السلامُ، فلما جاءَهُ صكَّهُ، فرجع إلى ربّهِ، فقال: أَرْسَلْتَنِي إلى عبدٍ لا يريدُ الموتَ، قال: ارجع إليهِ، فقل لهُ يضعُ يدَهُ على متنِ ثورٍ، فلهُ بما غطَّتْ يدُهُ بكلِّ شعرةٍ سَنَةٌ، قال: أي ربِّ، ثم ماذا؟ قال: ثم الموتُ، قال: فالآنَ، قال: فسأل اللهَ أن يُدنيهِ من الأرضِ المقدسةِ رميةً بحجرٍ). قال أبو هريرةَ : فقال رسولُ اللهِ عليه الصّلاة والسّلام: (لو كنتُ ثَمَّ لأريتكم قبرَهُ، إلى جانبِ الطريقِ تحت الكثيبِ الأحمرِ).
 قيل: بل إنّ موسى -عليه السّلام- عندما كره الموت أراد الله أن يُحبّبه فيه ويجعل موسى -عليه السّلام- يطلب الموت بنفسه، فأوحى الله إلى النبي يوشع بن نون عليه السّلام، وكان من شأن يوشع عليه السّلام أنّه كثير التردّد على موسى عليه السّلام، وكان موسى يقول له: يا نبي الله، ما أحدث الله إليك؟ فقال له يوشع: يا نبي الله ألم أصحبك مدّة كذا من السنين، فهل سألتك عن شيء ممّا أحدث الله لك؟ ولم يذكر يوشع له شيئاً قط، فلمّا رأى موسى ذلك كره الحياة وأحب الموت. وقيل: إنّه مرّ بجمعٍ من الملائكة وهم يحفرون قبراً وقد أحسنوا تزيينه وتجميله من الداخل والخارج، فعرفهم موسى ووقف عندهم، فقال لهم: (يا ملائكة الله، لمن تحفرون هذا القبر؟ فقالوا: نحفره لعبد كريم على ربه، فقال: إنّ هذا العبد له منزلٌ كريم ما رأيت مضجعاً ولا مدخلاً مثله، فقالوا له: أتحبّ أن يكون لك؟ قال: وددت، قالوا: فانزل واضطجع فيه وتوجّه إلى ربّك وتنفّس أسهل تنفّس تتنفّسه، فنزل فيه وتوجّه إلى ربّه، ثم تنفّس، فقبض الله روحه، ثم سوّت الملائكة عليه التّراب).