- الانتخابات الفرعية  أولية تتم خارج نطاق قانون الانتخاب  بين من يرغبون في الترشح من المنتمين لفئة معينة «قبيلة أو طائفة» لاختيار واحد  أو أكثر من بينهم يكون له وحده أن يرشح نفسه بصورة رسمية في الانتخابات التي يعلن عنها
- الجانب العملي أثبت أن جميع من تمت إحالتهم للنيابة العامة ممن أجروا الانتخابات الفرعية من فئة القبيلة بينما في واقع الأمر توجد انتخابات  فرعية فئوية أخرى لجمعيات طائفية وأحزاب وتكتلات سياسية لكن لم تتم إحالتها للنيابة العامة
- من الأفضل إعادة النظر في قضية تجريم الانتخابات الفرعية لان جميع من تمت إحالتهم للقضاء قد قُضى ببراءتهم من هذه التهمة وكثرة هذه القضايا تثقل كاهل القضاء 
- الرأي المؤيد لتجريم الانتخابات الفرعية يرى أنها تكرس الانتماء القبلي والطائفي على حساب الانتماء الوطني وتتيح فرص الوصول إلى مقاعد  مجلس الأمة للعناصر التقليدية من أصحاب النفوذ 
 - الرأي المعارض لتجريم الانتخابات الفرعية يرى انها ضمن حرية الرأي والتعبير وهو حق دستوري مكفول لكل فرد وتوافق قانون الاجتماعات العامة والتجمعات ولا تعدو أن تكون من قبيل التصفيات المشروعة داخل العائلة الكبيرة
- لم تسلم القبيلة من الاستغلال من قبل الأحزاب السياسية في الكويت فالقبيلة الأكثر عدداً ونفوذاً تقوم الأحزاب بإنزال مرشحيها منها وذلك بهدف  الفوز في الانتخابات 

 
 
الصحافة لها دور لا غنى عنه في تثقيف القراء وتبصير الرأي العام ، وهو دور اساسي تمارسه الصحافة جنبا الى جنب مع دورها الرئيس وهو نقل الأخبار إلى متلقيها الذي يعد هدفا أساسياً ضمن أهداف أخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم .. وسيظل للصحافة رسالتها الخالدة بنشر الاخبار والمعلومات و تثقيف قرائها وخلق الوعي السياسي بين افراد المجتمع.
وفي هذا الاطار ، تخصص “ الوسط “ تلك الزاوية “ نحو وعي برلماني “ لتثقيف القاريء العزيز ثقافة برلمانية تساعده على فهم طبيعة عمل مجلس الامة وبيان اختصاصاته العديدة وتتناول مختلف القضايا البرلمانية من منظور الدستور واللائحة الداخلية للمجلس .
ونشرت « الوسط « في أعداد سابقة دراسات اعدتها ادارة البحوث و الدراسات بمجلس الامة عن الاختصاص المالي والسياسي والتشريعي للمجلس فضلا عن دراسات أخرى تتناول مختلف القضايا البرلمانية ..
واليوم نعرض لدراسة بعنوان « تجريم الانتخابات الفرعية « وهي من إعداد باحث أول قانوني فهد مطر العنزي وإشراف الخبير القانوني بالمجلس د. مصطفى كامل وصدرت في يوليو 2007م ونصها كالتالي.
 
الانتخابات سمة من سمات المجتمعات والدول الديمقراطية الحديثة ، فلا يتصور وجود دولة تؤمن بالديمقراطية وتجعلها نبراساً لها من دون انتخابات تجري في مجتمعها المدني .
فالانتخابات أمر مهم ونافع للأفراد والجماعات داخل الدولة المدنية الحديثة إن تمت وفق الأصول والأعراف الديمقراطية الصحيحة ، وما يجري داخل سير الانتخابات من منافسة ودعاية وإعلان للمرشحين وبيان برنامج كل مرشح ولقاءات تجري بين المرشحين ومناظرات أيضاً ، يحاول فيها كل مرشح أن يثبت أنه أفضل وأكفء ممثل للمجتمع والدولة بما يحمله من أفكار ومبادئ يهدف من خلالها إلى إصلاح وتنمية المجتمع والدولة ، وهو أمر صحي لأن المشاركة في الانتخابات تكون لكل من توافرت فيه شروط الانتخابات ، ويشارك فيها الناخبون من جميع الأعراق والأديان والمذاهب والتوجهات والأفكار السياسية والعقائدية وغيرها ، وهي دليل على التعددية وحرية التعبير عن الرأي والرأي الأخرى وشفافيتها التي تساعد على معرفة أغوار المجتمع والدولة وما فيه من عيوب وخلل سواء على المستوى الأفراد أو المؤسسات في الدولة لمعالجتها وإصلاحها مما يعود بالنفع بالتالي على هذه المجتمعات المدنية الحديثة بالنمو والارتقاء بأجهزة الدولة ، وما الديمقراطيات الغربية إلا خير دليل على ذلك .
ولكن هل الانتخابات جميعها التي تجري داخل الدولة المدنية الحديثة مفيدة للدولة والمجتمع وتساعد على ارتقائها ونموها ؟
لقد صدر قانون من مجلس الأمة الكويتي رقم 9 لسنة 1998 يضيف بنداً جديداً - رقم 5 – إلى المادة 45 من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة الكويتي ، ونص هذا البند الخامس المضاف على معاقبة <كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعي إليها ، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة> .
وفسرت المذكرة الإيضاحية الانتخابات الفرعية بأنها عبارة عن تنظيم لانتخابات أولية وهي الانتخابات التي تجري أو تتم خارج نطاق الإجراءات التي نص عليها قانون الانتخاب (وعلى الأخص في المادة 18 المعدلة من هذا القانون) التي تنص على أن <يحدد ميعاد الانتخابات العامة بمرسوم ويحدد ميعاد الانتخابات التكميلية بقرار من وزير الداخلية> ، هي ما تعارف على تسميته بالانتخابات الفرعية ، بين من يرغبون في الترشيح من المنتمين لفئة معينة (قبيلة أو طائفة) لاختيار واحد أو أكثر من بينهم يكون له وحده أن يرشح نفسه بصورة رسمية في الانتخابات التي يعلن عنها .
ولكن مع الاحترام لأعضاء مجلس الأمة الذين قاموا بسن هذا القانون وإصداره يوجد لدينا بعض الملاحظات عليه من جوانب عدة منها :
السند القانوني لهذا النص : اختلفت الآراء حول الانتخابات الفرعية بين مجرَّم لهذه الانتخابات الفرعية وبين مؤيد لها وسوف نبين هذه الآراء فيما يلي :
 الرأي المؤيد لتجريم الانتخابات الفرعية وحججه :
- أن المرشح بعد نجاحه في الانتخابات إنما يمثل الأمة بأسرها وليس دائرة انتخابية محددة ، ولا جماعة أو فئة أو طائفة معينة ، وذلك تطبيقاً لنص المادة 108 من الدستور الكويتي .
- الانتخابات الفرعية تكرس الانتماء القبلي والطائفي على حساب الانتماء الوطني وتتيح فرص الوصول إلى مقاعد مجلس الأمة للعناصر التقليدية من أصحاب النفوذ والقدرة على التأثير داخل القبيلة أو الطائفة وتحرم في الوقت ذاته أصحاب الحقوق من العناصر الأخرى الأوفر قدرة والأكثر عطاء ، والأكبر نفعاً للمصلحة العامة . 
- معارضة هذه الانتخابات لديننا الإسلامي الحنيف النابذ لهذه العصبية .
 الرأي المعارض لتجريم الانتخابات الفرعية :
- يستند هذا الرأي إلى أن حرية الرأي والتعبير عنه حق دستوري مكفول لكل فرد طبقاً لنص المادة 36 من الدستور الكويتي ، وما هذه الانتخابات وإجراءاتها إلا صورة من صور التعبير عن حرية الرأي المكفولة لكل إنسان .
وأنها توافق القانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات التي تبيح هذا السعي في شأن الاجتماعات طالما أنها تمت وفق الإجراءات المنظمة لها وفق هذا القانون
- الانتخابات الفرعية لا تعدو أن تكون من قبيل التصفيات المشروعة داخل العائلة الكبيرة .
- المشاركة في هذه الانتخابات اختيارية ، ونتيجتها غير ملزمة ، وهناك من فاز في هذه الانتخابات العامة مع أنه رفض الدخول في الانتخابات الفرعية وهناك من فاز في الانتخابات الفرعية ولم ينجح في الانتخابات العامة .
-  أن منع القيام بهذا النوع من التصفيات عن طريق التشريع والتجريم لن يمنع من دون حصولها بصورة أو أخرى ، وأي تشريع يصدر يحظر الانتخابات الفرعية سيدفع المواطنين إلى التحايل والالتفاف حول أي قانون يصدر في هذا الشأن .
 وذهب رأي ثالث يحاول به أصحابه تخفيف حدة كل من الرأيين السابقين ، وذلك بأن إذا كان حظر الانتخابات الفرعية ضرورياً فليكن عاماً بالنسبة للجميع فلا يشتمل على أعضاء مجلس الأمة والبلدي ، بل يجب أن يشمل الحظر كافة الانتخابات الأخرى ، مثل التي تجرى بالنسبة للجمعيات تعاونية كانت أو ذات نفع عام وانتخابات الأندية والاتحاديات الرياضية والنقابات والتكتلات السياسية التي لا يمكن تجاهلها على ساحة العمل السياسي بكل اتجاهاته .
 الجانب التشريعي : أقتصر المشرع على تجريم الانتخابات الفرعية وفق ما نص عليه في المذكرة الإيضاحية على من يرشح نفسه من المنتمين لفئة معينة (قبيلة أو طائفة) ، فيلاحظ وجود قصور تشريعي في هذا النص ، حيث حصر التجريم الفئوي على القبيلة والطائفة وفق أي مذهب كانت ، ولم يعمم ويشمل بهذه الفئوية الفئات الأخرى كفئة التجار والأحزاب والتكتلات السياسية والجمعيات الأخرى .
 الجانب السياسي : التطورات الاقتصادية والسياسية التي ظهرت في المجتمع الكويتي وظهور مفهوم فكرة الدولة الحديثة فيها كلها عوامل أسهمت في تغيير بنية المجتمع الكويتي من مجتمع بدائي تقليدي قائم على البحر وصيد الأسماك والرعي والزراعة إلى مجتمع مدني حديث يملك وفرة اقتصادية طيبة من ظهور النفط الذي ساعد على نماء المجتمع وتطوره وتكوين بنية تحتية للمجتمع تكفل صعوده ورقيه وانفتاحه على الدول الأخرى والاستفادة من خبراتها وتجاربها ، ومن ضمن هذه المتغيرات القبيلة في المجتمع المدني الكويتي ، فهي لم تعد بمفهومها التقليدي السابق القائم على السمع والطاعة لكبير القبيلة وزعيمها ، بل تطورت وتأثرت بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تأثر بها المجتمع الكويتي ، وأصبحت كياناً سياسياً واجتماعياً قائماً في الدولة مثله مثل أي تجمعات وتكتلات سياسية أخرى ، تقوم بالاهتمام بأبنائها ورعايتهم وتسهم بإبراز الكفاءات والكوادر لتمثيلها وتمثيل مصالحها بما لا يتعارض مع مصلحة الوطن كأي تكتل سياسي آخر .
ولكن لم تسلم القبيلة أيضاً من الاستغلال من قبل الأحزاب السياسية في الكويت ، فالقبيلة الأكثر عدداً ونفوذاً تقوم الأحزاب بإنزال مرشحيها منها وذلك بهدف الفوز في الانتخابات معتمدين في ذلك على كثرتها ونفوذها اللذين هما عاملان مساعدان للفوز في الانتخابات العامة .
 الجانب العملي : يلاحظ أن جميع من تمت إحالتهم للنيابة العامة ممن أجروا الانتخابات الفرعية من فئة القبيلة ، بينما في واقع الأمر توجد انتخابات فرعية فئوية أخرى لجمعيات طائفية وأحزاب وتكتلات سياسية لكن لم يتم إحالتها للنيابة العامة . فضلاً عن ذلك فإن جميع من تم إحالتهم للقضاء قد قُضى ببراءتهم من هذه التهمة ، ولذلك فأن كثرة هذه القضايا تثقل كاهل القضاء الذي هو مثقل أصلاً بكثرة القضايا لديه ، لذا من الأفضل إعادة النظر في قضية تجريم الانتخابات الفرعية لتلافي هذا القصور فيها ولمجاراة الواقع السياسي .