تقدم مدافن الصبية الركامية في شمالي البلاد دليلاً آخر على أهمية هذه المنطقة وصوراً عن الاستيطان البشري فيها، خصوصاً أنها محط تلاق لطرق التجارة القديمة بين بلاد الرافدين والجزيرة العربية.
وقد ألهمت هذه المنطقة الأثرية في الكويت الكثيرين من علماء الآثار والتاريخ، إذ تنطوي تاريخيا على مزية خاصة نابعة من حيوية تلك المنطقة دالة عليها المكتشفات والتنقيبات الأثرية فيها إذ كانت تتحكم بخطوط الملاحة البرية والبحرية.
وعلى تلك الطرق بنيت المستوطنات والمدافن وفي تلك المنطقة كان هناك انتشار كبير لآبار المياه الممتدة قرب سواحل الخليج في الكويت وربما جزء من تلك المدافن يعود إلى تجار كانوا ينقلون البضائع بين مدن بلاد الرافدين والانتشار البشري الحضاري في شرق الجزيرة العربية.
وقد ركزت محاضرة بعنوان (أسرار مدافن الصبية الركامية في شمال الكويت) حاول خلالها مدير إدارة الثقافة والمتاحف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور سلطان الدويش سبر أغوار تلك المنطقة مستعرضا طبيعة الآثار في منطقة الصبية التي تعود إلى أكثر من سبعة آلاف عام وعرج على إطارها الزمني والجغرافي والبيئي.
وعلاوة على ذلك تناول الدويش وهو آثاري وباحث وصاحب مؤلفات متخصصة في المحاضرة التي أقيمت في مركز اليرموك الثقافي مساء أول أمس ضمن الموسم الثقافي الـ 24 لدار الآثار الإسلامية قصة اكتشاف المنطقة الأثرية في الصبية التي عملت فيها بعثات التنقيب ومر عليها العديد من العلماء من مختلف دول العالم.
وشرح خلال المحاضرة التي مثلت ملتقى للمهتمين بالآثار والتاريخ توالي البعثات على الكويت وما تم اكتشافه ومنها أحفورة تعود الى 16 مليون سنة وتحديدا إلى العصر الميوسيني وقطعتان من عظم إصبع فيل الماموث الذي كان يعيش في أرض الكويت.
ورأى أن أهم العوامل التي ساعدت على الاستيطان البشري وقيام الحضارة في منطقة الصبية وجود مئات آبار المياه على طول الشريط الساحلي الكويتي منها بئر طبيج ومغطي وكاظمة ولم يغفل الإشارة إلى وجود المراعي نظرا إلى وجود العديد من النباتات البرية والأشجار التي ساهمت في نشوء الحضارات هناك.
وسلط الضوء على الاكتشافات ومنها اكتشاف منشآت الإنسان القديم والمساكن بالصبية منذ فترة العبيد وعدد المدافن في موقع بحرة والمعابد في شمال الكويت في حين تبدت مظاهر الحضارة هناك من خلال اكتشاف ورشة لصناعة الخرز وإدارة السنفرة والتنعيم وأفران للطبخ وصناعة الفخار.