لا أدل من القباب الذهبية للقصر الرئاسي على الموارد الكبيرة التي يدرها الغاز في تركمانستان، لكن الطموحات العالمية لهذا البلد الصغير الواقع في آسيا الوسطى تتعثر في سوق الطاقة الذي يواجه تقلبات كبيرة.
وحدها قطر تملك احتياطيات من الغاز مقارنة بعدد السكان أكبر مما تملكه هذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي تضم خمسة ملايين نسمة وكانت تعتبر حتى بضع سنوات فقط الحلقة المفقودة في خريطة الطاقة التي تمتد من بروكسل إلى نيودلهي.
لكن واقع السوق خيب آمال أكثر المتحمسين بين التقدم التقني الذي سمح بظهور أطراف فاعلة أخرى وتطوير الغاز الطبيعي المسال وقبل عام انهيار أسعار المحروقات.
وحاليا، وحدها الصين تتحرك في تركمانستان. فالشركة الصينية الوطنية تستورد أكثر من 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا عن طريق أنبوب يمر عبر كازاخستان وأوزبكستان منذ 2009، أما روسيا التي كانت أبرز المستوردين فقد خفضت تدريجيا الكميات التي تشتريها إلى كمية محدودة مما ترك كل الاقتصاد تحت رحمة الطلب الصيني.
وقال أندرو نيف المحلل في مكتب آي إتش إس إينيرجي، إنه طالما أن الصين تواصل زيادة وارداتها ستواصل الحكومة التركمانستانية شراء قصور من الرخام. وبحسب «الفرنسية»، فإن طموحات تركمانستان اليوم تمر بمشروعين عملاقين لأنابيب الغاز يمثلان معا 60 مليار متر مكعب سنويا، هما الأنبوب العابر لبحر قزوين وتقدر قيمته بخمسة مليارات دولار ويتوجه إلى جنوب أوروبا وخط أنابيب تركمانستان-أفغانستان - باكستان - الهند (تابي) الذي يقدر بعشرة مليارات دولار ويفترض أن يربط آسيا الوسطى بشبه القارة الهندية. وفي الحالتين يواجه المشروعان منافسة شديدة من روسيا وحاليا إيران التي تستعد للعودة إلى الساحة العالمية. وتركمانستان الراغبة في تحريك مشروع تابي، نصبت شركتها لإنتاج الغاز على رأسه.
وخلال المؤتمر السنوي الذي يضم مستثمرين عالميين في عشق آباد في تشرين الثاني (نوفمبر) دافع محمود خليلوف وزير النفط والغاز عن سمعة بلاده كشريك موثوق به ومستقر ومسؤول.
من جهته أوضح تشارلز هندري وزير الطاقة البريطاني الذي يتولى رئاسة مجلس يوراجيا بارتنرز، أن حاجة أوروبا من الغاز ستستمر، مؤكدا أنه كلما زادت سبل التموين واستقرت كان الحال أفضل.
أما لوران روزوكا المحلل في مؤسسة «فيراسيتي وورلدوايد»، فيرى أن الإرادة السياسية لا تكفي لتنفيذ مشاريع تقدر بمليارات الدولارات، وتساءل عن السعر النهائي للغاز بعد أخذ تكاليف النقل والبناء في الاعتبار.
وباتت وفرة المعروض في الأسواق العالمية وتراجع الأسعار، يلقيان بثقلهما على تركمانستان التي تصدر 80 بالمئة من المحروقات ويتوجب عليها أن تسدد للشركة الصينية الوطنية القروض الممنوحة لبناء خط أنابيب الغاز إلى الصين. ويشهد اقتصاد البلاد تباطؤا واضطر البنك المركزي إلى خفض قيمة العملة المحلية هذه السنة بـ 20 بالمئة على غرار عديد من الجمهوريات السوفياتية السابقة التي تخضع لضغوط كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية في روسيا.