أثار رفع مصر قيمة عملتها الجنيه الأسبوع المنصرم تكهنات بتغيير كبير في طريقة إدارتها لأزمة العملة التي تعانيها منذ فترة طويلة في ظل دلائل متزايدة على أن البنك المركزي ربما يعد العدة لآلية أكثر مرونة لسعر الصرف.
وبحسب «رويترز»، فإن بعض الاقتصاديون - ولا سيما أولئك أصحاب الذاكرة الأبعد مدى - يعتقدون أن هذه الخطوة ربما تمهد لفترة تنطوي على تقلبات أكبر للعملة التي تدار بإحكام يفضي إلى خفض لقيمتها ومرونة أكبر في سعرها سيرا على النهج نفسه الذي اتبعته مصر قبل نحو عقد من الزمن.
وأبقى البنك المركزي الجنيه في نطاق ضيق من خلال مزادات دورية لبيع الدولار استحدثها في 2012، لكن الضغوط النزولية تواصلت، ما أجبره على السماح بتخفيضات تدريجية للعملة كل بضعة أشهر.
ومع ذلك فقد رفع البنك سعر الجنيه بنسبة 2.5 بالمئة الأربعاء الماضي، في أول تحرك من نوعه منذ 2013، وضخ مليار دولار في الاقتصاد، وفاجأ هذا المصرفيين الذين كانوا يطالبون بمزيد من الخفض في قيمة العملة لتعزيز القدرة التنافسية وضرب السوق السوداء للدولار التي اتسعت لسد حاجة الاقتصاد الذي يعتمد على الواردات في ظل نقص حاد في العملة الأجنبية. وكافح هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري المنتهية ولايته على مدى شهور للدفاع عن الجنيه، وأكد معظم المصرفيين أنه لا يمكنه الصمود إلى ما لا نهاية مع وصول الاحتياطيات الأجنبية إلى 16.4 مليار دولار تكفي لتغطية الواردات في ثلاثة أشهر فقط.
وفرض رامز في (فبراير) سقفا على كمية الدولارات التي يمكن إيداعها في المصارف وهو ما ساهم في كبح السوق السوداء واستقرار الجنيه ولو لبضعة أشهر، وطالما تحدث مصرفيون عن أنه لم يعد ممكنا الإبقاء على سعر الجنيه عند مستوى أعلى من قيمته الحقيقية بعدما ألحق نقص الدولار والضبابية بشأن العملة الضرر بالتجارة والصناعة وأزعج المستثمرين.
وعبر كثيرون عن ارتياحهم عندما استقال رامز وباتوا يتطلعون إلى المحافظ الجديد طارق عامر لتغيير النهج، وعقب رفع قيمة الجنيه واجه المصرفيون صعوبة لتفسير سبب تدخل البنك المركزي لزيادة قيمة عملة هي بالفعل أعلى من قيمتها بعدما رفعها إلى 7.73 جنيه للدولار وأبقاها عند السعر نفسه في اليوم التالي.
ووسط التغيير في القيادة، التزم البنك الصمت بشأن دوافعه، لكن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن ضخ الدولارات يهدف أيضا لتقليل انكشاف المصارف على أسعار الصرف قبل خفض كبير في سعر العملة، ويقولون إن رفع قيمة العملة يهدف كذلك لإبعاد المضاربين الذين يراهنون على هبوط الجنيه، بهدف تخفيف ربط العملة في نهاية المطاف والسماح بهبوطها.