توقع مختصون نفطيون أن تحقق أسعار الخام بعض التعافي خلال السبوع الجاري بدعم من تراجع عدد المنصات النفطية في الولايات المتحدة التي تبشر بقرب تقلص الإنتاج الصخري الأميركي الذي قاد الطفرة في المعروض العالمي منذ أكثر من عام.
وقال المختصون «إن تحسن المستويات السعرية لن يكون كبيرا نتيجة استمرار حالة وفرة المعروض التي أكدت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها أنه سيستمر حتى العام المقبل 2016».
وأوضح الدكتور برنارد ماير أستاذ الجيولوجيا في جامعة كاليجاري في كندا، أن الإنتاج الصخري الأميركي لم ينجح في مواجهة صعوبات السوق حتى الآن وما زالت الأسعار المتدنية تمثل عقبة كبيرة تحد من انتعاش هذه الصناعة باهظة التكاليف، ولذا كان من الطبيعي أن نجد تناقصا مستمرا ومتناميا في المنصات النفطية الأميركية.
يذكر أن شركة «بيكر هيوز» للخدمات النفطية أشارت في تقرير لها إلى أن عدد المنصات العاملة في الولايات المتحدة انخفض في الأسبوع الماضي بواقع عشر منصات إلى 595 منصة وهو أدنى مستوى منذ تموز (يوليو) 2010.
وأشار ماير إلى أن كل موارد النفط الضيق سواء الصخري الأميركي أو الرملي في كندا تواجه صعوبات كبيرة نتيجة الأزمة التي تواجه الاستثمارات خاصة فيما يتعلق بتغطية مراكزها المالية وتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات، موضحا أن تقلص المعروض النفطي قادم بقوة إلى الحد الذي يقلق على تأمين إمدادات الطاقة حول العالم.
وأضاف ماير أنه «في المقابل سنجد أن الكفة تميل لمصلحة أصحاب الإنتاج منخفض التكاليف، ولذا ليس مستغربا أن نجد العراق تحقق مستويات قياسية في التصدير ونجد السعودية تنجح في دخول أسواق بولندا وأوروبا الشرقية وتنافس روسيا وغيرها من كبار المنتجين».
ويقول «، ايفليو ستيلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، «إن ضعف الأسعار يمثل تحديا كبيرا يواجه الاستثمارات، ولذا تسعى الشركات الدولية إلى التغلب على تداعيات الأزمة عبر توسيع الشراكة التجارية والاستثمارية، ولذا من الطبيعي أن نسمع عن مشاريع مشتركة تقودها بريتش بتروليوم «بي بي» بالتعاون مع «سي إن بي سي» الصينية لتطوير موارد نفطية وزيادة استثمارات في العراق»، مشيرا إلى أن بغداد من أرخص مناطق إنتاج النفط في العالم، وقد تتسابق الاستثمارات على العمل فيها بهدف تحقيق ربحية في ظل المستويات المتدنية الحالية للأسعار. وأوضح ستيلوف أن مناطق أخرى في العالم ستواجه كسادا استثماريا واسعا خاصة في منطقة بحر الشمال والإنتاج الصخري الأميركي والتنقيب عن النفط في المياه العميقة «وفي تقديري فإن دول «أوبك» هي الأقدر على تأمين الإمدادات والاحتياجات العالمية من الطاقة في السنوات المقبلة». ويعتقد ستيلوف أن الأداء السلبي للدولار خاصة مع استبعاد رفع الفائدة المصرفية سيصب في مصلحة نمو أسعار الخام إلا أنه في الوقت نفسه نجد أن تراجع النشاط الصناعي الأميركي يؤثر سلبا في الطلب نتيجة أن الولايات المتحدة تعتبر أكبر مستهلك للنفط على مستوى العالم، مشيرا إلى أن طفرة الطلب ستكون قادمة بشكل أكبر في السنوات المقبلة من الدول النامية التي تأخذ بعديد من برامج التنمية الفعالة كما أنها أصبحت هدفا للاستثمار ورؤوس الأموال الأجنبية في المرحلة الراهنة.
من جهته، يرى أوسكار آنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن الشهر الجاري سيشهد عديدا من الاتصالات الدولية الموسعة التي قد تسهم في دعم استقرار النفط وفي مقدمتها اجتماع مختصي الدول المنتجة في «أوبك» وخارجها في فيينا الأربعاء المقبل الذي سيركز على تنسيق المواقف والأخذ بكثير من الآليات الفعالة التي تمكن السوق من تجاوز كبوتها الراهنة.
وأشار آنديسنر «، إلى أن السعودية بثت أجواء إيجابية في السوق عبر تأكيدها الثقة بنمو مستويات الطلب العالمي على النفط وقرب حدوث التوازن بين العرض والطلب وتجاوز حالة وفرة وتخمة المعروض في مقابل تباطؤ الطلب.
إلى ذلك، أكد ميخائيل هويبل عمدة العاصمة النمساوية فيينا في تصريحات للنشرة التحليلية الدورية لـ «أوبك»، أن المنظمة تلعب دورا محوريا في سوق الطاقة واستقرارها ولها أهمية فريدة من نوعها في تحفيز النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء على الصعيد الدولي كما تجعل الاستثمار في الصناعة أكثر جاذبية وتسعى بشكل جاد إلى رفع مستويات المعيشة وزيادة جودة الحياة.
وقال هويبل «إنه كمسؤول حكومي يتمنى أن تصل صناعة النفط إلى أفضل الممارسات في مجال البيئة وأن نحاول دائما أن نفعل ما هو أفضل في مجال الحفاظ على البيئة»، مشيرا إلى وجود عديد من أساليب الإنتاج الجيدة والفعالة التي يمكن أن تسيطر على الانبعاثات على أوسع نطاق «ويجب علينا دائما أن نختار المعايير عالية المستوى عندما يتعلق الأمر بالبيئة وصحة السكان». وكانت أسعار النفط الخام قد ارتفعت نحو 2 بالمئة في ختام تعاملات الأسبوع مع قيام المستثمرين بتغطية المراكز بعد أربعة أيام من الخسائر الحادة وبدعم من تراجع عدد المنصات النفطية العاملة في الولايات المتحدة للأسبوع السابع على التوالي. وتكبد خام النفط الأميركي ومزيج برنت أكبر خسارة أسبوعية لهما في ثمانية أسابيع بعدما توقعت وكالة الطاقة الدولية في تقرير أن تظل السوق العالمية متخمة بالإمدادات حتى 2016. وارتفع سعر الخام الأميركي 88 سنتا عند التسوية إلى 47.26 دولار للبرميل، وخسر الخام نحو 5 بالمئة خلال الأسبوع. وزاد عقد أقرب استحقاق لخام برنت تسليم (ديسمبر) 73 سنتا إلى 50.46 دولار للبرميل عند التسوية، بينما خسر الخام نحو 4 بالمئة خلال الأسبوع.