أثبت اقتصاد السعودية متانته مسجلاً نمواً بواقع 4.0% على أساس سنوي خلال الربع الثاني من 2015 بالرغم من تراجع أسعار النفط بنحو أكثر من 50% منذ يونيو العام الماضي وما خلفه التراجع من تأثير على الانتاج الحقيقي. وارتفع الانتاج في القطاع النفطي الذي بواقع 4.8% على أساس سنوي في الربع الثاني من 2015 ليصل إلى 10.0 مليون برميل يومياً في المتوسط وذلك منذ بداية 2015 حتى الآن. وتنوي السعودية الحفاظ على حصتها السوقية في ظل تراجع أسعار النفط والاستجابة لارتفاع الطلب المحلي على النفط الذي ارتفع ارتفاعاً كبيراً تماشياً مع ارتفاع الطاقة التكريرية، حيث رفعت السعودية مستوى منتجات البترول المكررة رغم استمرار استغلال انتاج الطاقة كميات كبيرة من النفط. ونرفع توقعاتنا السابقة للناتج المحلي الإجمالي النفطي الحقيقي لهذا العام بأكمله من 1.9% إلى 3.3% متسارعاً عن 2014 عند 0.7%. ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال 2016 ليصل إلى 0.7% على أساس سنوي.
الإنفاق الحكومي
حافظ القطاع غير النفطي على قوته مسجلاً نمواً بواقع 3.4% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام 2015 بدعم من ارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي. ولكن هنالك بعض المؤشرات التي تنذر بتباطؤ النمو. إذ تباطأ الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير للمرة الثالثة على التوالي، كما تراجعت العديد من المؤشرات الاقتصادية، كصفقات أجهزة السحب الآلي وأجهزة نقاط البيع ونمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص وثقة الأعمال، وذلك على أساس سنوي، الأمر الذي من الممكن أن يعزى إلى فترة فصل الصيف وإجازة العيد. إضافة إلى ذلك، فقد ارتفعت معدلات الانتاج والطلبات الجديدة والتوظيف والشراء ارتفاعاً حادّا خلال شهر أغسطس وفق قراءات مؤشر السعودية لمديري المشتريات لشهر سبتمبر الذي يتتبع الأوضاع الاقتصادية لأكثر من 400 شركة من شركات القطاع الخاص غير النفطي، وقد تراجع المؤشر لأقل مستوى له عند 56.5 خلال الشهر
تماشياً مع تراجع نموالطلبات الجديدة والانتاج. كما يبدو أن وتيرة الفرص الوظيفية قد شهدت تباطؤاً بينما حافظ نمو التوظيف ونشاط الأعمال على مستوى جيد. كما ارتفعت كشوفات الرواتب لثمانية عشر أشهر متتالية. ومع أخذ ذلك الأمر بعين الاعتبار، فمن المتوقع أن يسجل النمو غير النفطي تباطؤاً من 5.3% في العام 2014 ليصل إلى 3.7% في هذا العام والعام القادم، بينما من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بواقع 3.5% و2.4% خلال العامين 2015 و2016 على التوالي.
وتيرة التوظيف
بالنظر إلى وتيرة التوظيف في السعودية، توافقت نتائج الاستطلاعات الأخيرة لمؤشر مديري المشتريات مع بيانات التوظيف التي أصدرتها مكتب الإحصاءات المركزي الذي أظهر ارتفاع عدد الموظفين السعوديين بنحو 56 ألف أو 1.1% إلى 4.9 مليون خلال العام الماضي (النصف الأول من العام 2014 حتى النصف
الأول من العام 2015) على الرغم من أن التوظيف قد تباطأ بشكل ملحوظ من معدلات نموه السنوي التي شهدها في النصف الأول من العام 2014 والنصف الأول من العام 2013 عند 5.6% و8.9% على التوالي. كما أن هذه الوتيرة تعد أبطأ من وتيرة ارتفاع توظيف العمالة الوافدة البالغة 4.5% على اساس سنوي خلال النصف الأول من العام 2015 والزيادة في وتيرة النمو العام للاقتصاد خلال الفترة ذاتها والبالغة 4.0% على اساس سنوي.
 وقد شهدت وتيرة خلق الفرص الوظيفية الجديدة تسارعاً عن المعدل العام لنمو الناتج المحلي الإجمالي حتى شهر يونيو من هذا العام. وقد شهدت نسبة السعوديين الموظفين في القطاع الخاص (نسبة السعودة التي تعد مؤشراً أساسياً لبرنامج نطاقات الحكومي) تحسناً ثابتاً من 9.9% في العام 2009 إلى 15.2% في العام 2013 (آخر البيانات المتوفرة). كما ارتفع عدد السعوديين الذين توظفوا في القطاع الخاص في الفترة ما بين العام 2010 والعام 2013 ليبلغ ثلاثة أضعاف عدد السعوديين الذين توظفوا في القطاع الحكومي بنسبة 21.6% مقابل 7.4% على أساس سنوي وعلى التوالي. كما شهدت معدلات البطالة تراجعاً ثايتاً وتدريجياً منذ العام 2011 ليصل إلى 11.6% من 12.4% وذلك اعتباراً من منتصف العام 2015.   
معدل التضخم
لا يزال معدل التضخم في السعودية مستقرّاً عند 2.2% اعتباراً من شهر أغسطس ما يعكس بصورة كبيرة تراجع أسعار المواد الغذائية العالمية وأسعار السلع وقوة الدولار الذي يرتبط به الريال السعودي. وقد أدى ارتفاع الدولار أمام سلة العملات الرئيسية خلال العام الماضي إلى تراجع تكاليف الواردات وذلك لأن معظمها تستورد بغير الدولار الامر الذي ساهم بدوره في ارتفاع الطاقة الشرائية لدى السعوديين. إلا أن العديد من مؤشرات غلاء المعيشة في السعودية تشير إلى احتمالية ارتفاع معدل التضخم كلإسكان والمواد الغذائية والنقل والمواصلات. فقد ارتفعت تكاليف الإسكان والخدمات بواقع 3.9% خلال شهر أغسطس بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية والنقل بواقع 2.1% على اساس سنوي و 1.7% على اساس سنوي على التوالي. ومن المتوقع أن يرتفع التضخم تدريجياً خلال العام القادم ليصل المتوسط السنوي لمعدل التضخم إلى 2.3% في العام 2015 و2.6% في العام 2016 على التوالي.
عجز مالي
من المحتمل أن يتسع هذا العام العجز المالي الذي سجلته ميزانية المملكة خلال العام 2014 للمرة الأولى منذ الأزمة المالية ليصل إلى ما يقارب -22.4% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد جاء هذا العجز نتيجة ارتفاع المصروفات والتي تشمل منحة الملك سلمان للشعب السعودي بعد تسلمه مقاليد الحكم البالغة 32 مليار دولار في فبراير الماضي بالإضافة إى التكاليف المتزايدة وغير المعلنة للتواجد العسكري في اليمن وأخيراً تراجع الإيرادات النفطية على خلفية تراجع أسعار النفط هذا العام. وقد خفضت السلطات من مستويات الإنفاق الرأسمالي على البنية التحتية غبر الأساسية كالملاعب الجديدة وذلك بعد أن ارتأت الحاجة لتعزيز الأوضاع المالية.
السندات السيادية
مع تسجيل المملكة عجز مالي، اتجهت الأنظار للاحتياطيات التي تراجعت بواقع 83.5 مليار دولار خلال العام الماضي أو 11.2% لتصل إلى 662.2 مليار دولار اعتباراً من شهر أغسطس. وبينما لا تزال الاحتياطيات توفر دعماً جيداً من قيمة  31 شهر من الواردات، إلا أن التراجع السريع في العام 2015 والذي يساوي 8.6 مليار دولار شهرياً قد تسبب في قلق الأسواق وظهور بعض الآراء التي تعتقد باضطرار المملكة للتخلي عن ارتباط عملتها بالدولار. كما دفع تراجع الاحتياطيات إعلان السلطات لأول برنامج لإصدار السندات السيادية بالعملة المحلية منذ العام 2007 وذلك في أغسطس.
تراجع الإحتياطات
 واجهت أسواق المال خلال شهر أغسطس بعض المخاوف بشأن اضطرار السعودية للتخلي عن ارتباط عملتها بالدولار نتيجة وجود عجز مالي وتراجع الإحتياطيات وإصدارات الدين. فقد اتجهت الأنظار نحو استدامة السعودية لسعر الصرف الثابت امام الدولار الأميركي بعد أن تراجعت عملة الصين الريمنبي وبعد أن قامت كازاخستان التي تعتبر دولة منتجة للنفط بالتخلي عن ارتباط عملتها بالدولار.
الأسهم السعودية
لا تزال السوق السعودية متأثرة بتراجع أسعار النفط وتراجع الثقة. فعلى الرغم من ارتفاع مؤشر تداول خلال الأشهر الماضية بصورة طفيفة إلا أنه لا يزال يسجل تراجعاً قدره 10,4% منذ بداية السنة المالية عند 7.462 في السادس من أكتوبر. فقد شهد أداءاً جيداً حتى منتصف شهر أغسطس بدعم من فتح السوق للمستثمرين الأجانب في يونيو إلا أن تقييما مؤشر ستاندرد ان بورز و “فيتش” قد أظهرا المخاوف التي يواجهها نشاط المؤشر.