أكدت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» أن النمو العالمي في عام 2015 لن يتجاوز النمو المتحقق في عام 2014، أو ما يُعادل نحو 2.5 بالمئة. وأوصت المنظمة البلدان الغنية بتحفيز الطلب عن طريق زيادة الإنفاق العام، ورفع الأجور لتفادي «ركود اقتصادي» يتميز بفترة طويلة من النمو المنخفض. وقال موخيسا كيتويي، الأمين العام للمنظمة، في مقدمة تقرير عن التجارة والتنمية في جنيف، «إننا دخلنا المرحلة الثالثة من الأزمة المالية العالمية، ولتجنب «ركود مؤكد»، أي فترة طويلة من النمو الضعيف المستقل عن الدورات الاقتصادية العادية، ينبغي للبلدان الغنية أن تحفز الطلب بزيادة الإنفاق العام ورفع المرتبات».
وأضاف كيتويي، أن «انخفاض حصة الأجور بمقدار عشر نقاط مئوية منذ الثمانينيات، وتوسع فجوة التفاوت في الدخل أسهما إلى حد كبير في انكماش الطلب»، مشيرا إلى أنه في عالم مفتوح، فإن إجراءات تحفيز الاقتصاد ستكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة في الاقتصاد العالمي، وأن نقيض هذا الإجراء سيزيد من تضخم الأسعار والديون الخاصة.
وبحسب تقرير «أونكتاد» فإنه من أجل الخروج من الركود، ينبغي تبني سياسات تحابي زيادة الدخول، التي ستؤدي بدورها إلى زيادة في الطلب، لأن معني زيادة الأجور، أن اشتراكات المعاشات التقاعدية ستكون أعلى، ما سيخفف الضغط على الصناديق التقاعدية، وستتمكن الأسر من الاستهلاك أكثر دون أن تزداد ديونها.
ووفقا لـ «أونكتاد»، فإن النمو في البلدان المتقدمة في عام 2015 سيبلغ نحو 1.9 بالمئة مقارنة بـ 1.6 بالمئة في عام 2014. وفسرت المنظمة هذا التسارع الطفيف بارتفاع استهلاك الأسر المعيشية، التي استفادت من الانخفاض في أسعار الطاقة، والزيادة في أسعار الأسهم والعقارات، وهذه أصلا ما كانت لتنشط من دون الزيادة في العمالة، خاصة في ألمانيا، والولايات المتحدة، واليابان وبريطانيا.
وطبقا للمنظمة، فإن السياسات النقدية ستظل توسعية، طالما بقيت تلجأ إلى أسعار فائدة منخفضة جدا في جميع البلدان المتقدمة، وتبني برامج التيسير الكمي، أي بمواصلة المصارف شراء الأصول المالية بهدف زيادة كمية الأموال المحددة مقدما في الاقتصاد. غير أن «أونكتاد» تعتبر أن أيا من هذه العوامل لا يبدو كافيا وحده لتحقيق نمو قوي لمواجهة آثار الأزمة المالية العالمية التي دخلت مرحلتها الثالثة. وقالت المنظمة «إنه ما زالت هناك شكوك حول قوة الانتعاش في أوروبا واليابان، وحتى في الولايات المتحدة، فإن ميزانيات الأسر المعيشية لا تزال هشة وارتفاع الدولار يقلص من مساهمة الصادرات الصافية في نمو الناتج المحلي الإجمالي». وأضافت أن «اختيار السياسات التوسعية النقدية وحدها لمعالجة الانكماش في الطلب قاد الشركات إلى تحويل أرباحها في الأسهم نحو الاستثمار في الأصول المالية، وليس في إنتاج السلع، وهو أمرٌ لا يخدم النمو الحقيقي في الطلب».
وأشارت إلى أنه إذا كان الركود الاقتصادي مرتبطا بالطلب (الإنتاج يفوق الاستهلاك)، فالسياسات التي ترمي إلى وضع حد أقصى للدخل الناجم من العمل، والتحكم في الإنفاق العام ستدفع إلى تفاقم المشكلة بدلا من حلها. ودعت المنظمة أيضا إلى إنشاء آلية فعالة لإعادة هيكلة الديون السيادية، محذرة من أن الأمر سيصبح في معظم البلدان النامية، أكثر صعوبة لضمان خدمة الدين العام الذي لا يزال ينمو، ضمن سياق يتسم بالانخفاض المتواصل في أسعار سلع المواد الأساسية، والمواد الأولية الخام، وزيادة في معدلات الفائدة، وانخفاض قيمة العملة، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وحذَّر الفريدو كالكانو رئيس إدارة السياسات الاقتصادية في «أونكتاد»، من أننا لا نقول نحن على شفير الهاوية، ولكن ينبغي لنا أن نعد أنفسنا لأزمات أخرى من الديون مماثلة لما عرفناه في الأرجنتين واليونان.