قال وزير التجارة النيوزيلندي تيم جروسر «إن التوصل إلى اتفاقية تاريخية للتجارة الحرة في المحيط الهادئ أصبح قيد المنال في المحادثات التي تجري حاليا في أتلانتا»، محذرا من أن عدم التوصل إلى هذه الاتفاقية ستكون له تبعات استراتيجية مقلقة طويلة الأمد.
ويواصل وزراء 12 دولة مشاركة في محادثات اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ لتحرير التجارة مفاوضات اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاق هو الأهم تجاريا منذ جيل كامل وميراثا مهما يسجل في تاريخ الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل انتهاء ولايته الثانية والأخيرة.
وبحسب «رويترز»، فقد مُددت المحادثات ليوم خامس في محاولة للخروج من مأزق بشأن فترات الاحتكار بالنسبة إلى الأدوية، حيث يتوقع أن تخفض هذه الاتفاقية العوائق التجارية وتضع معايير مشتركة عبر 40 في المائة من الاقتصاد العالمي.
وأضاف جروسر أن «الإخفاق في التوصل إلى اتفاق سيكون علامة سيئة لمحاولات الربط بين الدول من خلال علاقات تجارية واستثمارية». وتتعثر محادثات الشراكة عبر المحيط الهادئ بسبب القواعد التي تُملي مدى سرعة طرح النسخ المنخفضة التكاليف من الأدوية البيولوجية في الأسواق مع مقاومة أستراليا ودول أخرى ضغوط الولايات المتحدة لزيادة الفترة أكثر من خمس سنوات.
ويعوق هذا المأزق التوصل إلى اتفاق بشأن تجارة منتجات الألبان المهمة بالنسبة إلى نيوزيلندا مقر شركة فونتيرا وهي أكبر شركة لتصدير منتجات الألبان في العالم. وسيكون النجاح في التوصل إلى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ انتصارا كبيرا وتعزيزا للثقة ويعزز حملة لإقامة منطقة أوسع للتجارة الحرة تشمل آسيا والمحيط الهادئ، ومن المتوقع أن تضيف هذه الاتفاقية 300 مليار دولار سنويا إلى الاقتصاد العالمي.
وكانت المفاوضات قد تم تمديدها للمرة الثانية بناء على طلب أميركي، وصرح أكيرا أماري وزير الإنعاش الاقتصادي الياباني للصحفيين أمس بأنه ناقش تمديد مهلة المفاوضات مع مايكل فرومان الممثل التجاري الأميركي. وأضاف الوزير لياباني أن «الولايات المتحدة يجب أن تتخذ أولا قرارا نهائيا بشأن براءات اختراع الأدوية وقضايا خلافية أخرى، ويجب أن يكون هذا آخر تمديد للمفاوضات».
أما ممثل إحدى الدول الآسيوية فقد صرح لصحيفة «نيويورك تايمز» بأن اللقاء النهائي يشبه تلك الحالة في لعبة الشطرنج عندما تكون جميع النقلات معروفة مسبقا، وكل طرف ينتظر الوقت الذي يستطيع فيه عمل النقلة المطلوبة المتفق عليها. ومن بين القضايا العالقة التعريفات الجمركية على منتجات الألبان وفترة حماية براءات اختراع الأدوية المطورة باستخدام التكنولوجيا الحيوية. ويريد المفاوضون الأميركيون حماية براءات الاختراع لمدة 12 عاما. وتقول مصادر مطلعة «إن الولايات المتحدة تنازلت بجعل تلك الفترة ثمانية أعوام، لكن أستراليا ودولا أخرى أعضاء تطالب بتقصير تلك المدة» حسب «إن.إتش.كيه». وتأمل اليابان ذات الاقتصاد الثالث في العالم أن يؤدي الاتفاق إلى إقرار إصلاحات داخلية لا تلقى شعبية من أجل تحرير قطاع الزراعة، وتأمل فيتنام دخول أسواق جديدة لا تزال مغلقة أمامها اليوم.
وتعتبر هذه النقطة موضع قلق المجتمع المدني الذي يخشى أن يؤدي اتفاق الشراكة إلى رفع قيود عامة على حساب الحقوق الاجتماعية والبيئية، وقالت نقابة «أي إف إل سي آي او» وهي الأبرز في الولايات المتحدة، «إنه من الواضح أن اتفاق الشراكة الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ لن يؤدي إلى إنشاء وظائف، ولن يحمي البيئة أو يضمن النوعية الجيدة للواردات»، مشيرة إلى أن الشركات هي المستفيد الأول.
ووفق وثائق سرية نشرها موقع ويكيليكس فإن الاتفاق يمكن أن يتيح لمستثمرين أن يقاضوا دولا، وأن يؤدي إلى رفع أسعار الأدوية وتعزيز حماية الملكية الفكرية على حساب المستهلكين. وهذه الانتقادات مشابهة لما تعرض له اتفاق الشراكة الاستراتيجية عبر المحيط الأطلسي الذي لا تزال المفاوضات في شأنه جارية بين الأميركيين والأوروبيين منذ (يوليو) 2013. ويبدو التوصل إلى تسوية بالنسبة إلى الاتفاق عبر المحيط الهادئ أقرب منها بالنسبة إلى الاتفاق عبر المحيط الأطلسي، إلا أن الوقت يداهم إدارة أوباما، فمن المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الولايات المتحدة في (نوفمبر) العام المقبل، وأي تأخير يمكن أن يعرقل إقرار المعاهدة من قبل الكونجرس الأميركي.