بعد ستة اسابيع من الغارات الجوية للتحالف العسكري بقيادة السعودية بدأت تتعزز فرص الهدنة الانسانية في اليمن اذ ابدى الحوثيون استعدادهم لـ»التعاطي بايجابية» في رد غير مباشر على اعلان الرياض، فيما وافق حلفاؤهم عليها.
ومن دون الاشارة مباشرة الى اعلان السعودية هدنة انسانية تبدأ غدا الثلاثاء، اعلن الحوثيون الاحد استعدادهم لـ”التعاطي بايجابية” مع جهود “رفع المعاناة” في اليمن، وفق ما نقلت محطة المسيرة التابعة لهم.
في المقابل وافقت القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والمتحالفة مع الحوثيين على اقتراح الرياض هدنة من خمسة ايام تبدا غدا الثلاثاء.
وياتي ذلك بعد ساعات على قصف طائرات التحالف العسكري بقيادة السعودية منزل الرئيس السابق في صنعاء وبعد ليلة ثانية من الضربات المكثفة على مواقع الحوثيين في معقلهم الرئيسي في صعدة في شمال البلاد.
ويتزامن ذلك ايضا مع تعبير الامم المتحدة عن قلقها المتزايد ازاء ارتفاع عدد القتلى المدنيين جراء الغارات الجوية، فضلا عن الازمة الانسانية الناتجة عن الحصار البحري والبري الذي تفرضه السعودية وحلفاؤها على اليمن لمنع وصول المساعدات للحوثيين.
وجاء في بيان للمجلس السياسي لانصار الله (الحوثيون) “اذ نؤكد على ضرورة الرفع الفوري للحصار الجائر وغير المبرر على ابناء الشعب اليمني الذي فاقم من معاناته، فاننا نشير الى اننا سنتعاطى بايجابية مع اي جهود او دعوات او خطوات ايجابية وجادة من شأنها رفع المعاناة».
واضاف البيان “كما نشيد بجهود الدول الشقيقة والصديقة في وقف العدوان ورفع المعاناة عن الشعب اليمني”، في ما بدا اشارة الى روسيا التي قدمت اقتراحا لوقف اطلاق النار بداية الشهر الحالي لمجلس الامن الدولي من دون ان تنجح في تمريره.
مساعي الدول
ونقلت الوكالة اليمنية للانباء (سبأ) عن العقيد الركن شرف غالب لقمان المتحدث باسم القوات المسلحة الحليفة للحوثيين انه «بناء على مساعي بعض الدول الشقيقة والصديقة في إيجاد هدنة إنسانية يتم خلالها فك الحصار والسماح للسفن التجارية بالوصول إلى الموانئ اليمنية وفتح المجال للمساعدات الإنسانية، فإننا نعلن موافقتنا على الهدنة الإنسانية التي تبدأ يوم الثلاثاء القادم».
واعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن الهدنة الانسانية الجمعة بدعم من واشنطن التي امنت بدورها المساعدة اللوجستية للتحالف العسكري ضد الحوثيين.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاميركي جون كيري في باريس الجمعة، اكد الجبير ان “الهدنة ستنتهي في حال لم يلتزم الحوثيون وحلفاؤهم بالاتفاق».
اما كيري فشدد على الهدنة ستبدأ الثلاثاء “شرط ان يوافق الحوثيون على عدم حصول اي قصف او اطلاق نار او تحرك للقوات او مناورات لاعادة التمركز، او اي نقل للاسلحة الثقيلة”. واكد انها “التزام قابل للتجديد”، وفي حال صموده فانه “يفتح الباب امام احتمال تمديده».
وكانت اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه صالح، اصدرت بيانا السبت رحبت فيه بالهدنة على اعتبار ان “من شانها التخفيف من اعباء وآثار العدوان الذي اثقل كاهل الشعب اليمني بمعاناة غير مسبوقة وحصار ليس له مثيلا».
وبالرغم من تخليه عن السلطة في فبراير 2012 اثر سنة من التظاهرات الدامية ضد حكمه، يتمتع صالح بتأثير كبير على القوات المسلحة وهو متهم بتسهيل سيطرة الحوثيين على صنعاء وانحاء اخرى من اليمن خلال 2014 و2015.
وشكلت تلك القوات هدفا اساسيا للحملة الجوية التي سقط ضحيتها اكثر من 1400 قتيل وتأتي موافقة القوات الموالية لصالح على الهدنة التي ستؤدي الى تعليق الضربات الجوية المستمرة منذ اكثر من ستة اسابيع، بعد ساعات على استهداف مقاتلات التحالف العسكري منزل الرئيس السابق في صنعاء. ولا يعتقد ان صالح كان موجودا في منزله اثناء الغارتين. وكان مجلس الامن الدولي فرض عقوبات على صالح وابنه بسبب دعمهما للمتمردين وتقويض المرحلة الانتقالية منذ تخليه عن السلطة.
غارات التحالف
وشنت طائرات قوات التحالف لليلة الثانية على التوالي غارات مكثفة على صعدة معقل الحوثيين في الشمال بعدما كانت اعلنتها منطقة عسكرية برغم دعوات المنظمات الانسانية لتجنب المدنيين الذين لم يستطيعوا الفرار قبل المهلة التي مُنحت لهم وانتهت مساء الجمعة.
واعتبرت الرياض ان المتمردين تخطوا “الخطوط الحمراء” بعد قصف استهدف مناطق سكنية حدودية في المملكة. 
وتحدث سكان عن 15 غارة على الاقل في كافة انحاء محافظة صعدة. وكانت طائرات التحالف والمدفعية السعودية استهدفت بلدة مران السبت معقل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي. وحذرت منظمات اغاثة من ان عددا كبيرا من المدنيين عالقين في المحافظة وليس بامكانهم ايجاد وسيلة لخروجهم منا.
واشارت منظمة “اطباء بلا حدود” الى “استحالة” ان يغادر كافة سكان محافظة صعدة خلال ساعات فقط، ودعت على حسابها على موقع تويتر التحالف الى تفادي استهداف المناطق السكنية.
وبات الوضع الانساني مقلقا في اليمن في ظل الحصار الجوي والبحري الذي يفرضه التحالف. وقالت الامم المتحدة ان القتال والحصار اديا الى تدهور سريع في مخزون الوقود ما يعرقل توزيع المواد الضرورية على المواطنين العالقين في هذه الحرب.