اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء انه لن يتراجع عن تعديل قانون العمل رغم التظاهرات الاحتجاجية ضده في كل انحاء فرنسا ومعارضة نواب من داخل الحزب الاشتراكي، معلنا استعداده للدفاع عن مواقفه قبل 11 شهرا من نهاية ولايته.

وقال هولاند لاذاعة اوروبا-1 في بداية اسبوع جديد من التحركات النقابية الاحتجاجية "لن اتراجع لان حكومات عديدة تراجعت من قبل". واضاف ان هذا القانون "سيمر لانه نوقش وتم التشاور حوله وتصحيحه وتعديله"، مؤكدا انه بات يحظى بدعم النقابات المؤيدة للاصلاحات واغلبية النواب الاشتراكيين.

اضطرت الحكومة الفرنسية بعد فشلها في الحصول على تأييد اغلبية النواب الى اللجوء الاسبوع الماضي الى اداة دستورية تتيح تبني النص من القراءة الاولى من دون طرحه للتصويت.

لكن تمرير القانون بقرار من السلطة التنفيذية لم يضع حدا لحركة الاحتجاج والاضرابات. فقد دشن سائقو شاحنات اسبوعا جديدا من الاحتجاجات عبر اغلاق الطريق الى مبان تابعة لسلطات المرافىء ومنشآت نفطية في غرب فرنسا.

ومن المقرر تنظيم اضرابات في وسائل النقل وتظاهرات جديدة الثلاثاء والخميس. وقال المسؤول في "الاتحاد العام للشغل" (سي جي تي) فيليب مارتينيز "عندما لا يتم الاصغاء الينا علينا ان نسمع صوتنا".

وتقول الحكومة ان الهدف من تعديل القانون هو جعله اكثر مرونة لمكافحة البطالة المستشرية بعد ان بلغت 10%. ولكن معارضيه يقولون انه يصب في مصلحة الشركات ويضعف الامن الوظيفي.

ومنذ اكثر من شهرين، يتظاهر معارضو التعديل ومعظمهم من اوساط اليسار. ورغم ان القدرة على الحشد خفت مع الوقت الا انها زادت حدة اذ تخللتها صدامات عنيفة ولا سيما مع رجال الشرطة.

وقال هولاند متوجها الى مثيري الشغب "كفى!". مؤكدا ان العنف "غير مقبول" وان "التظاهر حق لكن تخريب الممتلكات جريمة".

واشار الى توقيف اكثر من الف شخص وصدور ستين حكم قضائي منذ بدء الحركة الاحتجاجية التي اصيب خلالها 350 شرطيا بجروح في اعمال شغب. 

وامام العنف الذي يستهدف الشرطيين، قررت نقابة الشرطة التظاهر الاربعاء احتجاجا على "الحقد ضد الشرطة".

- لا بديل في معسكر اليسار -

في ظل هذه الاجواء المضطربة، يبدو هولاند الذي لا تتجاوز شعبيته 15% في استطلاعات الرأي غير مستعد للتخلي عن معركة اخرى وهي معركة اعادة انتخابه.

حتى وان لم يعلن رسميا نيته الترشح لانتخابات 2017 فانه يعمل جاهدا منذ اسابيع للدفاع عن حصيلة ولايته ويصدر الاعلان تلو الاخر لاستمالة ناخبيه عبر تحسين مرتبات الموظفين وعلاوات المدرسين ويقدم نفسه باعتباره المرشح الطبيعي لليسار.

وكرر الثلاثاء القول ان فرنسا "افضل حالا" مستندا الى تحسن طفيف في الاقتصاد وفي خلق الوظائف حتى وان كان تسعة من اصل عشرة فرنسيين لا يوافقونه  الرأي، وفق استطلاع نشر الاثنين. واعلن الرئيس كذلك انه يعتزم "اعادة توزيع" ثمار التحسن الاقتصادي من خلال خفض بعض الضرائب في الصيف.

وقال هولاند في زلة لسان كشفت عن نيته الترشح "لا بديل في معسكر اليسار (...) اذا لم (انتخب)... اذا لم يتم انتخاب اليسار مجددا، سينتصر اليمين أو اليمين المتطرف".

واعاد توجيه نداء للانضباط الى وزير الاقتصاد ايمانويل ماكرون المصرفي السابق البالغ من العمر 38 عاما والذي تقول وسائل الاعلام انه يطمح للرئاسة، بعد ان شكل حزب "الى الامام" (اون مارش) وعبر عن مواقف معارضة لمواقف هولاند.

وقال هولاند ان ماكرون لديه الحق في التعبير عن افكاره الخاصة ولكن من دون المساس "بالتعاضد الحكومي".

ولكن تبقى مشكلة البطالة الشائكة والتي جعل من التصدي لها شرطا للترشح لولاية ثانية. واقر هولاند بانه سيكون من "التهور والغرور" الادعاء بانه يمكن خفض البطالة بصورة كبيرة. واضاف "المعركة ليست محسومة. انا اكافح يوميا من اجل ذلك".