يصادف المستهلكون في كل مكان الإعلانات التسويقية لمنتجات وخدمات مختلفة، سواء على الانترنت أو شاشات التلفاز، وأصبح المسوقون أكثر براعة في استغلال حيل نفسية معينة لإقناع المستهلك بشراء كميات أكبر من المنتجات التي لا يحتاجها أو دفع مبالغ أكبر مما تستحق هذه المنتجات.
 1 -الإيحاء: من المعروف في علم النفس أن التعرض لفكرة معينة يمكن أن يدفع الشخص للتفكير في موضوع آخر يرتبط بها، على سبيل المثال سيفكر الشخص في كلمة «لذيذ» عندما يشاهد صورة لوجبة شهية لكنه لن يفكر بنفس الكلمة إن رأى صورة لسلة قمامة.
 وفي دراسة أجريت في عام 2002 قام الباحثون بتحليل أثر تصميم خلفية أحد مواقع الإنترنت على قرار المستهلكين بشراء سيارة، فوجدوا أن الخلفية الخضراء التي احتوت على صور لعملات معدنية جعلت المستخدمين يبحثون لوقت أطول عن معلومات الأسعار، أما الخلفية الحمراء التي احتوت على صور لشعلات نارية جعلتهم يقضون وقتا أطول في الاطلاع على اجراءات السلامة.
 2 -التحايل: في بعض الأحيان تقدم الشركات عدة عروض للأسعار للإيعاز للمستهلك بأنه فاز بصفقة جيدة لصالحه، ولبيان تأثير ذلك قام «دان آرييلي» أستاذ علم النفس والاقتصاد السلوكي بجامعة «دوك» كما نقل «بزنس انسيدر» بتحليل السياسة التسويقية لمجلة «الإيكونوميست»، فالمجلة تقدم ثلاثة عروض للاشتراك بخدماتها وهي 59 دولارا للنسخة الإلكترونية و125 دولارا للنسخة الورقية و125 دولارا للنسختين معا أي نفس قيمة العرض الثاني.
 وبتقديم العروض الثلاثة على مئة من طلابه للاختيار من بينها اختار معظمهم العرض الثالث باعتباره الأكثر توفيرا، وشعروا أنهم حصلوا على صفقة جيدة، لكن عندما استثنى «آرييلي» العرض الثاني (النسخة الورقية فقط) من قائمة الخيارات اختار معظم الطلبة العرض الأرخص (النسخة الالكترونية فقط) باعتباره العرض الأفضل.
 3 -وهم النفاد: البشر عادة ما يميلون لاقتناء الأشياء التي تبدو مواردها نادرة، وفي عام 1975 قام الباحثون بدراسة محدودة للتدليل على ذلك، فقدموا عبوتين متشابهتين تماما من الكعك لـ 200 شخص، العبوة الأولى تحتوي على 10 قطع من الكعك بينما تحتوي العبوة الثانية على قطعتين فقط، فخلص المشاركون إلى أن الكعك الموجود في العبوة الثانية أكثر قيمة من نظيره في العبوة الأولى.
 وتستخدم الكثير من الشركات هذه الحيلة طوال الوقت لدفع المستهلكين للإسراع بالشراء خشية نفاد المنتج، فمثلا تعلن شركات الطيران أنه لم يتبق لديها غير عدد محدود من التذاكر بالسعر المميز.
 4 - الخوف من الخسارة: يتساءل الكثيرون حول مدى استفادة الشركات من تقديم عروض التجربة المجانية لمنتجاتها/ خدماتها، والواقع أنها تستفيد كثيرا، فقد أوضحت الأبحاث أن الإنسان يتخذ مواقف أكثر حسما عندما يكون على وشك خسارة شيء ما مما يكون عليه عندما يكتسب نفس الشيء، لذلك فإنه عند انتهاء فترة التجربة المجانية سيفضل المستخدمون الاشتراك في الموقع خشية خسارة هذا الشيء الذي كان بحوزتهم لفترة ما.
 وفي عام 1990 أجرى أستاذ علم النفس والاقتصاد السلوكي الحائز جائزة «نوبل» «دانييل كاهنيمان» دراسة خلصت إلى هذه النتيجة، حيث قسّم المشاركين إلى 3 مجموعات، أعطى الأولى «أكواب» والثانية «ألواح شوكولاتة» بينما لم يعط الثالثة شيئا، ووجد أن 86 بالمئة من الفريق الأول قرروا الاحتفاظ بالأكواب و90 بالمئة من الفريق الثاني احتفظوا بالشكولاتة، في المقابل فإن 50 بالمئة فقط من الفريق الثالث اختار شراء الأكواب.
 5 - تبادل المنفعة: أشار خبير علم النفس «روبرت سيالديني» في كتابه «التأثير: علم نفس الاقناع» إلى أن الإنسان يميل إلى تقديم خدمات للأشخاص الذين قدموا له خدمات مسبقا.
 ويمكن استغلال هذا التوجه في علم التسويق بتحسين الخدمة المقدمة بوسائل بسيطة وغير مكلفة، ووجد «سيالديني» أن رواد المطاعم يدفعون بقشيشا أكبر بـ 3.3 بالمئة من المعتاد إذا قُدمت لهم فاتورة الدفع مزينة بواحدة من أوراق النعناع، ويدفعون 20 بالمئة أكثر إذا زُينت بورقتين.
 6 -دليل اجتماعي: لكثير من الناس يفعلون أشياء لمجرد أن من حولهم يفعلونها فيما يوصف التصرف «بسياسة القطيع»، فقد يشترون منتجات أو يشتركون في خدمات لا يحتاجونها لمجرد أن معظم أفراد المجتمع يفعلون ذلك، لهذا لجأت العديد من العروض التلفزيونية مؤخرا إلى استخدام الضحكات المسجلة للإيحاء للجمهور بأن هناك شيئا طريفا فيدفعهم للضحك كذلك.
 كما تلجأ العديد من العلامات التجارية أو الأشخاص لشراء متابعين لهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف «بالمتابعين الأشباح» أو المزيفين للإيعاز للمستهلكين أن لديهم قاعدة واسعة من المتابعين والعملاء.
7 - نقطة الارتكاز: يُقصد بهذا المصطلح أن الشخص عادة ما يقوم باتخاذ القرار اعتمادا بشكل كبير على المعلومات الأولى المتوفرة عن الموضوع، على سبيل المثال وجدت دراسة في عام 2011 أن الشركات تقدم رواتب أعلى لطالبي الوظائف الذين يبالغون في توقعات رواتبهم من نظرائهم الذين يطالبون برواتب واقعية.
 وفي مجال التسويق تستخدم الشركات هذه الاستراتيجية لدفع مبيعاتها عندما توحي للمستهلك بأن سعر المنتج هبط كثيرا عن قيمته الأولى، على سبيل المثال يندفع المستهلك نحو شراء منتج هبط سعره من 100 إلى 50 دولارا ظنا أنه وفر مبلغا كبيرا، مع أنه في الأحوال العادية لم يكن ليشتري نفس المنتج بالثمن الجديد.
 8 - تكرار الوهم: عندما يعبر بالإنسان كلمة أو فكرة أو شيء مادي للمرة الأولى فإنه سيلفت انتباهه تلقائيا كلما صادفه في مكان ما فيما يعرف بظاهرة «الانتباه الانتقائي»، وفي كل مرة يتعرض فيها الشخص لهذا المؤثر فإنه يعتبره دليلا جديدا على أنه ينتشر في كل مكان فيما يعرف باسم «الانحياز التأكيدي»، وتستغل الشركات هذه العوامل النفسية التلقائية لترويج منتجاتها فيما يعرف بظاهرة «تكرار الوهم»، فعندما يرى المستهلك المنتج مرة ثم يصادفه مرة أخرى فسيشعر وكأنه يراه في كل مكان.
 9 - تأثير القصة: جد علماء النفس أن «القصص» لها تأثير أكبر في إيصال الرسالة من «الاحصائيات والأرقام» لأنها تقدم تجربة فردية يمكن للشخص التعاطف معها ومقارنتها بتجربته الشخصية، وفي هذا الإطار تستخدم الإعلانات التجارية شهادات المستهلكين وتجاربهم للتأثير على المتابعين بصورة أكبر فتشجعهم على شراء المنتج.