شهد عام 2025 تحولاً بارزاً في السياسة النقدية الكويتية، حيث عاد بنك الكويت المركزي إلى طرح أدوات الدين العام بعد توقف دام منذ سبتمبر 2017، مدعوماً بإصدار قانون التمويل والسيولة في مارس 2025.
كما اتجه البنك نحو خفض سعر الخصم مرتين، مواكباً جزئياً التوجه العالمي للتيسير النقدي، إلى جانب تبني إجراءات واسعة لتعزيز الشفافية، حماية العملاء، وتطوير الخدمات المصرفية الرقمية.
وإلى جانب ذلك، فقد تبنى “المركزي” على مدار العام العديد من السياسات الداعمة لحماية العملاء ومحاربة الاحتيال، فضلاً عن تعزيز الشفافية، وتدعيم الخدمات المصرفية خاصة الإلكترونية.
وأصدر مجلس الوزراء الكويتي قانون التمويل والسيولة في الكويت في شهر مارس 2025، الذي حدد سقف الدين العام عند 30 مليار دينار كويتي كحد أقصى أو ما يعادله من العملات الأجنبية القابلة للتحويل، مع إتاحة إصدار أدوات مالية بآجال استحقاق تصل إلى 50 عاماً، ودخل القانون حيز التنفيذ مع امتداد العمل به لـ50 عاماً.
وتبع إصدار القانون بدء بنك الكويت المركزي في طرح إصدارات دين عام والتي وصل عددها اعتباراً من 24 يونيو 2025، حتى 17 ديسمبر الماضي 13 إصداراً بقيمة 2.20 مليار دينار، وذلك بعد انقطاعه عن الإصدار منذ 27 سبتمبر 2017 عقب توقف قانون الدين العام آنذاك، علماً بأن إجمالي الرصيد وصل إلى 2.25 مليار دينار بإضافة سندات يونيو 2017 البالغ قيمتها 50 مليون دينار.
تنوعت إصدارات “المركزي” في العام الحالي من حيث الآجال والعوائد، إذ طرح إصدارين لأجل 10 سنوات – الأكبر من حيث المدة خلال 2025 – بقيمة 50 مليون دينار لكل منهما، كما طرح 3 إصدارات لأجل 7 سنوات بقيمة إجمالية 500 مليون دينار.
يأتي ذلك فضلاً عن طرح إصدارين لأجل 5 سنوات بقيمة إجمالية 400 مليون دينار، وإصدارين لأجل 3 سنوات بإجمالي 250 مليون دينار، وثلاث إصدارات لأجل عامين بقيمة إجمالية 450 مليون دينار، فضلاً عن إصدار وحيد بقيمة 500 مليون دينار لأجل عام.
وخلال العام الحالي، لم يقف “المركزي الكويتي” موقف المتفرج من التوجه العالمي للتيسير النقدي ودعم الاقتصادات، خاصة مع خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بنحو 3 مرات، إلا أن “الكويتي” اكتفى بالخفض مرتين فقط.
كانت المرة الأولى في سبتمبر 2025، إذ خفض سعر الخصم بواقع 25 نقطة أساس ليصبح 3.75 % بدلًا من 4 %؛ واضعاً في الاعتبار طبيعة الاقتصاد الكويتي والظروف التي يفرضها المشهد الاقتصادي العالمي، وبيانات الاقتصاد الكلي التي تُظهر تباطؤ معدل التضخم من 3 % في يوليو/تموز 2024 إلى 2.39 % في الشهر ذاته من العام الحالي، مع استمرار الاستقرار النسبي في سعر صرف الدينار أمام العملات الرئيسية.
وأكد “الكويتي” التزامه بنهج متدرج ومتوازن لتحقيق أهداف الاستقرار النقدي والمالي، ومواصلة المتابعة الدقيقة لمستجدات الأوضاع الاقتصادية والمصرفية محليًا وعالميًا، ورصد اتجاهات أسعار الفائدة العالمية، مُشدداً جاهزيته للتحرك باستخدام مختلف الأدوات لتعزيز الثقة بالعملة الوطنية، ودعم بيئة النمو الاقتصادي المستدام، وترسيخ الاستقرار النقدي والمالي.
ورغم ذلك لم يلحق “الكويتي” بالركب العالمي والخليجي في خفض سعر الخصم خلال أكتوبر ، إذ اكتفى بالتأكيد على أن تقييمه الحالي للبيانات والمعلومات الاقتصادية والمالية المحلية المتوافرة لديه يعكس سلامة ومتانة أوضاع الاستقرار النقدي والاستقرار المالي، وأن السياسة النقدية تعتبر متوافقة مع الاوضاع الاقتصادية المحلية.
وفي ديسمبر ، غير “الكويتي” بوصلته النقدية؛ ليتفق مع “الفيدرالي” في خفض سعر الخصم بـ25 نقطة أساس إلى 3.50 %؛ وأرجع ذلك لمواكبة تطورات الأوضاع في الاقتصاد المحلي، وتحفيز أنشطة القطاعات الاقتصادية، مع المحافظة على متانة الأوضاع المالية لوحدات القطاع المصرفي والمالي.
دور “المركزي” المركزي لم يتوقف عند هذا الحد، إذ واصل مشاورته الدورية مع بعثة صندوق النقد الدولي، ليُعلن في سبتمبر 2025 اختتام زيارة البعثة للكويت التمهيدية بموجب المادة الرابعة من اتفاقية إنشاء الصندوق، والتي تم الإشارة خلالها إلى وجود مؤشرات تعاف اقتصادي في الكويت.
وتولى “المركزي” بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والجهات المحلية المعنية، إنجاز الترتيبات الخاصة بهذه الزيارة، بما في ذلك تجميع المعلومات والبيانات وترتيب الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الجهات الحكومية وغير الحكومية؛ لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والسياسة المالية والسياسة النقدية ومتانة القطاع المصرفي والمالي.
وأعقب ذلك الإعلان في ديسمبر ، انتهاء مهمة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للكويت، مع التأكيد على بدء مسار التعافي الاقتصادي خلال 2025، وتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.6 %، ومواصلة النمو إلى 3.8 % في 2026.