وقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وجمعية الإصلاح الاجتماعي اتفاقية لتمكين اللاجئين السوريين من خلال تقديم منحة نقدية للعودة وإعادة الاندماج في سوريا، ووقع الاتفاقية كل من نسرين ربيعان، ممثلة المفوضية لدى دولة الكويت، وسعد العتيبي، الرئيس التنفيذي لجمعية نماء الخيرية، التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي في مقر المؤسسة الخيرية في الكويت، ومن خلال هذه المساهمة، تقدم المفوضية منحة نقدية ل 705 أسرة (3,525 فردا) من العائلات النازحة داخليا والعائدة في سوريا لدعمهم ولمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، وبالتالي مساعدتهم على إعادة بناء حياتهم واستعادة الاستقرار الاقتصادي.
وأعربت ممثلة المفوضية نسرين ربيعان عن تقديرها لنماء الخيرية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، قائلة: يسعدني أن أكون متواجدة اليوم في مقر جمعية الاصلاح الاجتماعي في تعاوننا للسنة الرابعة على التوالي لتوقيع اتفاقية منحة لتمكين المفوضية من تقديم الدعم وتمكين العائدين والنازحين في سوريا من خلال المساعدات النقدية، حيث بدأت شراكتنا في عام 2022 في مجال دعم برنامج التعليم العالي للاجئين السوريين في الأردن ولبنان، ثم توفير الإغاثة العاجلة الى النازحين قسراً في السودان العام الماضي حيث كانت جمعية الإصلاح اول مؤسسة من الكويت استجابت لنداء المفوضية وتوفير الدعم في الوقت المناسب العام الماضي الى الاسر في لبنان لتلبية احتياجاتهم من الدواء والاستجابة الفورية في القطاع الصحي.
وأضافت لقد عانت سوريا معاناة هائلة منذ عام 2011، حيث تجاوز عدد المحتاجين 16 مليون شخص. وقد أدى سقوط حكومة الأسد، بعد ما يقرب من 14 عاماً من الصراع، إلى تغير المشهد مع نزوح العديد من الأشخاص من مختلف المحافظات، في حين يعود بعض اللاجئين من البلدان المجاورة. وتتطلب الأزمة المستمرة تقديم الدعم لمن هم داخل سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة. شهدت الأشهر الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد العائدين. فمنذ أحداث أوائل ديسمبر/كانون الأول 2024، عبر نحو 354,900 شخص إلى سوريا. لا تزال المفوضية ملتزمة بتيسير العودة الطوعية والمستنيرة والآمنة. ويشمل ذلك تقديم المساعدة المالية والمساعدة في مجال النقل.
وتابعت ربيعان : من خلال هذا الدعم السخي، ستتمكن المفوضية من تقديم المنح النقدية للأسر النازحة قسراً والعائدين لدعم احتياجاتهم اليومية لحوالي 705 أسرة اي ما يقارب 3،525 فرداً، مما يساعدهم على إعادة بناء حياتهم والاستقرار الاقتصادي وتمكينهم من تغطية تكاليفهم الشهرية. تعد المساعدة المالية واحدة من أكثر الطرق الفعالة لدعم الاسر في سوريا. إنه بمثابة شبكة حلقة الأمان التي تساعد العائلات على تغطية الإيجار والغذاء والنقل والأدوات المنزلية الأساسية والدواء خلال الأشهر الأولى من العودة.
واختتمت ربيعان في ظل تسارع وتيرة الأزمات الإنسانية حول العالم، وتخطي اللاجئين والمهجرين قسرًا حاجز ال 120 مليون، تبرز أهمية الشراكة مع جميع أطياف المجتمع أكثر من أي وقت مضى، حيث تعتبر الكويت مثالًا في تمكين مؤسساتها وجهاتها الخيرية بمختلف القطاعات من أخذ دور إنساني ريادي تكافلي، تماشيًا مع الرؤية الإنسانية للبلاد، وتتطلع المفوضية ان تكون هذه المبادرة مثالا لتشجيع الجميع بدعم اللاجئين والنازحين ونشر الوعي حول أهمية تحسين حياتهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم ومساعدتهم في بناء مستقبل أفضل.
ومن ناحيته قال نائب رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي محمد العمر :  "تجسد هذه الاتفاقية التزامنا الجاد والمشترك بتحسين أوضاع اللاجئين العائدين والمجتمعات المضيفة ودعمهم في هذه الفترة الحرجة ونحن ندرك أهمية هذه الخطوة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا، ونعتزم بذل كل جهد ممكن لضمان تحقيق الأهداف المحددة في هذا الاتفاق.
وبين العمر أن هذا  التعاون بين جمعية الإصلاح الاجتماعي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يعد مثالا على كيفية العمل الجماعي لتحقيق الخير في العالم، وندرك الأهمية الكبيرة لهذا التعاون لدعم المحتاجين، حيث تقوم نماء الخيرية في سوريا لدعم الأسر التي تمكنهم من شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية،  مما يعزز الاقتصاد المحلي ويفيد المجتمعات، و تشكل جزءا أساسيا من رؤيتنا لدعم وتحسين الحياة في هذه المجالات. نحن نعمل بجد للمساعدة في مجموعة متنوعة من المجالات لدعم الناس وتحسين نوعية حياتهم ".
وقال يوسف سيف المطيري - المتحدث والناطق الرسمي وزارة الشؤون الاجتماعية أن العمل الخيري في الكويت ليس مجرد نشاط تطوعي أو موسمي، العمل الخيري الكويتي هو جزء أصيل من هويتنا الثقافية والاجتماعية والدينية فلقد جبل أهل الكويت على حب الخير منذ عهد الأجداد، يحملون الخير معهم إلى كل من احتاجه، نحن نتحدث عن ظاهرة مجتمعية شكلت كويتنا كمجتمع كويتي فريد.
وتابع المطيري : نحن، ككويتيين، نعتز ونفتخر بهذه الرسالة الخيرية التي حملناها على عاتقنا، جيلاً بعد جيل. وهذا ليس غريباً على شعب جبل على المروءة والمبادرة وإغاثة الملهوف، حتى أصبحت الكويت بفضل الله وفضل عطائها، منارة مضيئة في سماء العمل الإنساني ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أحيي الشعب السوري البطل، الذي رغم سنوات الحرب والمحن، أثبت أنه شعب وفيّ يستحق فرصة جديدة للحياة. ونحن في الكويت، نساند أشقاءنا السوريين في محنتهم، ونؤمن بأن دعمهم في محنتهم ليس فقط أخلاقيًا وإنسانيًا، بل هو حق يعود كل سوري إلى وطنه، ويساهم في إعادة بناءه، واستعادة استقراره وكرامته وموفور الرأس.
وأضاف المطيري: إن وزارة الشؤون الاجتماعية، وتوجيهات عليا من معالي وزيرة الشؤون، تولي جل اهتمامها لدعم العمل الخيري الكويتي وتمكينه من أداء رسالته، خاصة في ظل التحديات الراهنة، وذلك من خلال تحديث السياسات والإجراءات التي تواكب متطلبات الشفافية، وتعتز بمبدأ الحوكمة، وضمان الاستدامة والإدارة بمستوى الأداء فلم يعد العمل الخيري مجرد اجتهاد فردي، بل نسعى أن يكون مشروعًا تنمويًا متكاملاً، يعمل بمنهج علمي، ويخطط له بعقل استراتيجي، ويتابع بمؤشرات واضحة.
وقال المطيري: نحن، كدولة، وكمؤسسة حكومية، نؤكد التزامنا بالشراكة مع المنظمات الدولية والأممية، وندعم كافة المساند والجهود في ميدان العمل الإنساني العالمي. هذا التزام نابع من قناعتنا بدورنا في المجتمع الدولي، وواجبنا تجاه الإنسانية جمعاء دون تمييز أو استثناء مشيراً إلى أن الكويت — هذه الأرض الطيبة الطاهرة — كانت ولا تزال منبعًا للعطاء، ومَثَلاً للخير، ومثالًا يُحتذى في البذل الإنساني، وليس أدل على ذلك من اختيارها عاصمة ومركزًا للعمل الإنساني، ومنح حضرة صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، رحمه الله، لقب "قائد العمل الإنساني"، في تكريمٍ استثنائي من المجتمع الدولي، واليوم، نرى المسيرة تُستكمل بيد حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، هذا الأمير المجدد، يسير على ذات النهج، متممًا درب المسيرة المباركة بالعزم والوفاء.
قال عاصم الفيلكاوي، مراقب إدارة الجمعيات الخيرية بوزارة الشؤون الاجتماعية: "إننا في وزارة الشؤون الاجتماعية نتابع عن كثب جميع الاتفاقيات التي تبرمها الجمعيات الخيرية الكويتية، وفي هذا الإطار حضرنا اليوم توقيع الاتفاقية بين نماء الخيرية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي ومفوضية شؤون اللاجئين، والتي تُعد بادرة طيبة تستحق الإشادة، لما تحمله من دعم حقيقي لإخواننا اللاجئين السوريين العائدين إلى وطنهم لإعمار مدنهم وإعادة الحياة فيها."
وأضاف الفيلكاوي: "نحن في إدارة الرقابة على العمل الخيري نعمل وفق منظومة متكاملة، وملمون بكافة التصورات والخطط المستقبلية المتعلقة بالعمل الخيري، سواء داخل الكويت أو خارجها، بالتعاون مع الجهات الرسمية والحكومية، حيث وضعت الوزارة خطة شاملة تغطي جميع جوانب العمل الخيري، بهدف ضمان استدامته، وتعزيز أثره، والحفاظ على سمعة الكويت الإنسانية الرائدة على مستوى العالم."
ومن جانبه قال رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية سعد العتيبي : تأتي هذه الاتفاقية استكمالًا لمسيرة الكويت الخيرية والإنسانية الممتدة منذ تأسيسها وحتى اليوم، فقد تربينا على أن الخير شرف ومسؤولية، وأن العطاء صفة أصيلة من صفات أهل الكويت الذين عُرفوا بإنسانيتهم منذ القدم، فأينما وُجد محتاج، وجدت الكويتي إلى جواره ناصرًا ومعينًا بعد توفيق الله.
وأوضح العتيبي أن هذه الاتفاقية تعكس عدة محاور مهمة منها المحور الإنساني حيث تؤكد مجددًا على أن الكويت ستظل حاضرة بقوة في ميادين العطاء الإنساني، وأن جمعياتها الخيرية تقف دائمًا في الصفوف الأولى لإغاثة المنكوبين ومساعدة المحتاجين، وخاصة في سوريا الجريحة التي امتدت مأساتها طويلاً.
وبين أن هذه الاتفاقية ثمرة تعاون بين المؤسسات المحلية والدولية، وتعكس الاحترافية العالية والحوكمة الرشيدة التي تسير عليها جمعياتنا الخيرية، وتجعلها محط ثقة المنظمات الإقليمية والدولية، بفضل الله أولًا ثم بفضل حرصها على الالتزام بالقوانين والضوابط الشرعية والتنظيمية كما أن هذه الخطوة تترجم رؤية قيادتنا الحكيمة التي أرادت للكويت أن تكون دائمًا بلد الإنسانية، وهي كذلك، بفضل مؤسساتها الرسمية وجمعياتها الخيرية وقلوب أهلها الطيبين.
وأشار العتيبي أن المساعدات النقدية التي ستقدمها الاتفاقية ليست مجرد إعانات عاجلة، بل هي وسيلة لتمكين الأسر السورية من استعادة استقرارها الاقتصادي والاجتماعي، والبدء بحياة كريمة جديدة قائمة على الإنتاج والاعتماد على النفس، وهو ما نعتبره في اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية أحد أهدافنا الاستراتيجية.
ومن جانبه قال نائب الرئيس التنفيذي لنماء الخيرية عبدالعزيز الكندري أن هذه الاتفاقية تجسد شراكة استراتيجية حقيقية فمنذ عام 2022 وبدأت شراكتنا مع المفوضية لدعم الطلاب السوريين في الأردن ولبنان، ثم دعم الإغاثة العاجلة في السودان، وصولًا إلى هذه الاتفاقية اليوم لدعم النازحين والعائدين في سوريا. وهذه المسيرة تؤكد إيمان نماء الخيرية بأهمية بناء علاقات متينة مع المنظمات الدولية ذات المصداقية العالية لتحقيق أفضل الأثر الإنساني.
وبين أن هذه الاتفاقية لا تقتصر على تقديم مساعدات آنية، بل توفر منحًا نقدية تعين الأسر السورية على إعادة بناء حياتها واستقرارها الاقتصادي والاجتماعي، لتسهم في عودتهم الكريمة وتخفيف معاناتهم الطويلة، في وقت يعيشون فيه ظروفًا صعبة تتطلب منا جميعًا الوقوف معهم بكل السبل الممكنة.
وأوضح الكندري أن هذه الخطوة استمرار لدور الكويت الريادي والذي جعلها دائمًا سباقة في ميدان العمل الإنساني، فقد كانت الكويت – وما زالت – مثالًا يحتذى به في نصرة المستضعفين، عبر تاريخ طويل من البذل والعطاء دون منٍّ أو أذى.