استضافت دولة الكويت أمس الخميس ندوة خليجية بعنوان “برامج تخصيص قطاع تحلية المياه في دول مجلس التعاون الخليجي”، وذلك بالتعاون بين وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة والأمانة العامة لدول مجلس التعاون وبتنظيم إدارة العلاقات العامة وخدمة المواطن .
جاءت الندوة بحضور مجموعة عمل خبراء وحدات التحلية التابعة للجنة التعاون الكهربائي والمائي لعام 2025.
حيث سلطت الندوة الضوء على أهمية تخصيص قطاع تحلية المياه كأولوية وطنية وإقليمية، في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بالأمن المائي واستدامة الموارد. كما هدفت إلى تبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين دول المجلس، ومناقشة التحديات المشتركة، بما يعزز من كفاءة منظومة التحلية على المستويين الاقتصادي والبيئي.
وقد قدمت كل دولة من دول مجلس التعاون عرضًا تقديميًا استعرضت خلاله جهودها ومبادراتها في مجال تخصيص قطاع تحلية المياه.
وافتتح الندوة الوكيل المساعد لشئون التخطيط بالتكليف المهندس على شعبان الذي قال في كلمته يسرنا في دولة الكويت أن نحتضن هذا اللقاء الخليجي المهم، الذي يمثل منصة رفيعة
المستوى لتبادل الرؤى وتعزيز التعاون في قطاع تحلية المياه بدول مجلس التعاون.
وأضاف شعبان ان تخصيص هذا القطاع الحيوي يشكل أولوية وطنية وإقليمية في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بالأمن المائي واستدامة الموارد.
وقال شعبان إننا في دولة الكويت نؤمن بأهمية تكامل الجهود الخليجية في هذا المجال، من خلال تبادل التجارب الناجحة ومناقشة التحديات المشتركة بما يسهم في تطوير منظومة
تحلية المياه وتحقيق الكفاءة الاقتصادية والبيئية.
وقال المهندس علي شعبان: عملية تحلية المياه في دولة الكويت تتم بشكل متكامل من قبل وزارة الكهرباء والماء ومشاركة القطاع الخاص محدودة جداً متمثلة في محطة الزور الشمالية التي يتم تنفيذها من خلال قانون الشراكة ومحاور ندوة اليوم للاستفادة من تجارب دول مجلس التعاون في مشاركة القطاع الخاص في مشاريع تحلية المياه وكيفية تحويل جزء من محطات التحلية إلى القطاع الخاص
وأضاف شعبان يتم اخذ أكثر من 30 عينة من جميع محطات التحلية ومحطات الضخ والخزانات لتحليلها بصفة دورية ولله الحمد نتيجة العينات تضاهي مثيلاتها المعدلات العالمية ونتائجها طيبة ويتم نشر النتائج تباعا
واختتم شعبان كلمته حيث قال لا يفوتنا في هذا المقام أن نتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على جهودها المتميزة في الإعداد والترتيب والتنسيق لهذه الندوة، وعلى ما تبذله من دور محوري في تعزيز التعاون الخليجي المشترك في مختلف القطاعات، لا سيما في قطاع المياه والطاقة.
الاستراتيجية الخليجية
بدوره قال مدير ادارة الطاقة بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الدكتور محمد فلاح الرشيدي : يسعدني أن أنقل لكم تحيات الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتقديرها الكبير لاستضافة هذه الندوة النوعية التي تأتي في توقيت دقيق تتعاظم فيه التحديات المرتبطة بالأمن المائي واستدامة الموارد الطبيعية في منطقتنا.
لقد أدركت دول مجلس التعاون منذ وقتٍ مبكر أهمية معالجة التحديات المائية، خاصة في ظل محدودية الموارد الطبيعية والطلب المتزايد، فقامت باتخاذ خطوات عملية لتعزيز إدارة المياه، وتطوير البنية التحتية، وإدخال أساليب حديثة للتمويل والتشغيل عبر نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتأتي هذه الندوة اليوم لتُسلّط الضوء على الجهود المتقدمة التي تبذلها دول المجلس في تخصيص قطاع المياه، وما تحقق من إنجازات في هذا المجال الحيوي، من خلال تبني استراتيجيات مرنة، وتنفيذ مشاريع رائدة تسهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية على حدٍ سواء.
وقد حرصت الأمانة العامة، انطلاقًا من دورها التنسيقي، على دعم هذا التوجّه من خلال:
• إعداد وتنفيذ الاستراتيجية الخليجية الموحدة للمياه، والتي تمثل إطارًا مشتركًا لتعزيز التكامل بين الدول الأعضاء.
• تشجيع تبادل الخبرات والممارسات الناجحة في مجال الخصخصة والتحول المؤسسي.
• دعم المبادرات الإقليمية التي تعزز المحتوى المحلي، وتستقطب الاستثمارات النوعية، وتُعزز استخدام التقنيات الحديثة في تشغيل وإدارة قطاع المياه.
كما تعمل الأمانة بالتعاون مع شركائها على إطلاق مبادرات متقدمة في مجالات إدارة الطلب على المياه، وتحسين كفاءة التشغيل، وتطوير تقنيات تحلية ومعالجة المياه، بما يسهم في بناء منظومة مائية متكاملة وآمنة على مستوى دول المجلس.
التكامل الإقليمي
وأضاف الرشيدي إن العمل الجماعي والتكامل الإقليمي في قطاع المياه لم يعد خيارًا، بل هو ضرورة استراتيجية تفرضها الظروف البيئية والاقتصادية، ويفرضها طموح دول مجلس التعاون لتحقيق الأمن المائي لأجيالها القادمة.
وفي هذا السياق، نتوجه بجزيل الشكر لدولة الكويت الشقيقة، ممثلةً بوزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، على تنظيم هذا اللقاء المهم، ونتطلع إلى أن تسهم مخرجاته في صياغة نماذج تعاون جديدة تدعم المسار الخليجي المشترك.
من جهته قال رئيس الوفد القطري المشارك في الندوة المهندس خليل العلوي أن جهود دولة قطر في تخصيص مشاريع إنتاج الطاقة والمياه بدأت ملامح تخصيص قطاع إنتاج الكهرباء والمياه في دولة قطر منذ وقت مبكر، مع تأسيس شركة الكهرباء والماء القطرية في
عام 1990، حيث كانت الخطوة الأولى نحو إشراك القطاع الخاص في البنية التحتية الحيوية للدولة. وقد قامت الشركة في
وأضاف العلوي أن بداياتها بإنشاء محطة رأس أبو فنطاس (ب)، إلا أن تأخر التنفيذ في بعض المشروعات دفع الدولة إلى تكليف وزارة الكهرباء
آنذاك بإنشاء المحطات، مع نقل ملكيتها لاحقًا إلى الشركة لضمان الاستمرارية والكفاءة في التشغيل.
وفي أغسطس من عام 1999، تم دمج وزارة الكهرباء مع وزارة الطاقة والصناعة، في خطوة تهدف إلى توحيد الجهود وتعزيز الحوكمة في قطاع الطاقة. ثم تأسست المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (كهرماء) عام . 2000 کمؤسسة مستقلة مملوكة
بالكامل للدولة، لتتولى مهام التخطيط والتشغيل والإشراف على تنظيم القطاع.
وتُعد شركة الكهرباء والماء القطرية كيانًا شبه مملوك للدولة، حيث تحتفظ الدولة بالحصة الأكبر من رأس مالها، بينما يُفتح
المجال لمساهمات القطاع الخاص، وخصوصًا المطورين العالميين. وقد تم اعتماد هيكلية تضمن تملك الشركة لنسبة 60% من
المشاريع، مقابل 40% للقطاع الخاص الأجنبي، وذلك ضمن إطار تعاقدي طويل الأجل يمتد حتى 25 عامًا، وفق نظامي
(boo) البناء والتملك والتشغيل و (boot) البناء والتملك والتشغيل ثم النقل.
وعلى الرغم من عدم اكتمال الإطار القانوني والتنظيمي الشامل الذي ينظم خصخصة قطاع الإنتاج بصورة مستقلة، فقد بادرت
دولة قطر بطرح مناقصات إنتاج الكهرباء والمياه ونقل الأصول إلى شركة الكهرباء والماء اعتبارًا من عام 2001، ما شكل نواة
الخصخصة التدريجية ضمن إطار مؤسساتي يجمع بين التخطيط الحكومي والمشاركة الاستثمارية الفعالة.
المحور الأول: أهمية تخصيص قطاع الإنتاج
يشكل تخصيص قطاع إنتاج الكهرباء والمياه خيارًا استراتيجيًا لتحقيق مجموعة من الأهداف الوطنية، منها:
*رفع كفاءة التشغيل وتحسين الأداء الفني عبر إشراك شركات متخصصة تعتمد أحدث التقنيات.
*تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية وتقليل العبء الرأسمالي على الدولة.
*خفض التكاليف التشغيلية من خلال نماذج شراكة طويلة الأمد مثل (iwpp) .
*تعزيز القدرة على الاستجابة لمتغيرات الطلب وتوفير مرونة أكبر في إدارة الموارد.
المحور الثاني: تجربة قطر في تخصيص قطاع إنتاج الطاقة والمياه
تُعد تجربة قطر في تخصيص قطاع الإنتاج نموذجًا تدريجيًا قائمًا على الشراكة، ويمكن تلخيص أبرز ملامحها كما يلي:
*تأسيس شركة الكهرباء والماء القطرية: (1990)
مثلت أول خطوة نحو تخصيص قطاع الإنتاج، حيث تم إنشاؤها كشركة مساهمة تحتفظ الدولة فيها بالحصة
الكبرى، وتُدار بالاشتراك مع القطاع الخاص.
*إنشاء كهرماء: (2000)
تتولى كهرماء مسؤوليات التخطيط وشراء الكهرباء والمياه من المنتجين المستقلين، بينما تُسند مهام التشغيل والإنتاج للقطاع الخاص، مما عزز مبدأ فصل الأدوار وتطبيق معايير الحوكمة
*تبني نموذج مشاريع الإنتاج المستقل: (iwpp)
اعتمدت قطر هذا النموذج في عدد من المشروعات الكبرى، مثل محطات رأس أبو فنطاس a3 ، وأم الحول، ومشروع quot;، بالتعاون مع مطورين عالميين مثل sumitomo .
facility e&
*نقل أصول الإنتاج (منذ 2001):
تم نقل ملكية عدد من الأصول الإنتاجية إلى شركة الكهرباء والماء، ضمن خطة خصخصة تدريجية تشمل نقل
المسؤوليات التشغيلية للمطورين من القطاع الخاص.
المحور الثالث: التحديات التي تواجه تخصيص قطاع الانتاج
رغم التقدم الملحوظ، تواجه قطر تحديات متعددة في مسار تخصيص قطاع الإنتاج، منها:
*تقلبات السوق العالمي والتغييرات العالمية في البيئة يسهم في تقليل اقبال المطورين لتبني تطوير محطات تقليدية.
*التحديات التمويلية في المشاريع الكبرى، خاصة في ظل تقلبات السوق العالمية.
*ضمان استمرار الخدمة العامة بأسعار عادلة، مع الحفاظ على مستوى مناسب من الربحية للمطورين.
*محدودية الخبرات المحلية في بعض الجوانب التقنية والإدارية، مما يتطلب شراكات دولية فعالة.
*عدم اكتمال إطار تنظيمي مستقل ينظم العلاقة بين المنتجين المستقلين ويتحقق من توازن الشروط المضمنة بعقود
الشراء، وذلك نظرا لمحدودية عدد المنتجين المستقلين واحتكار الدولة لحق الشراء، والنقل والتوزيع، والبيع
المحور الرابع : الحلول والسياسات لتعزيز التخصيص
لتجاوز التحديات وتعزيز مسار التخصيص قامت دولة قطر بالنظر في دراسة عدداً من السياسات والمبادرات، التي تساعد في
*تطوير العلاقة بين الدولة والمنتجين المستقلين منها:
*تطوير البيئة القانونية والتنظيمية، بما في ذلك ضمانات سيادية واتفاقيات شراء طويلة الأجل.
*تشجيع الشراكات مع مطورين دوليين ونقل الخبرات إلى الكوادر الوطنية.
*فصل الأدوار المؤسسية بين الجهات المنظمة والمشغلة، بما يعزز الحوكمة وفعالية الرقابة.
*إدراج متطلبات الاستدامة والكفاءة ضمن معايير التعاقد مثل الالتزام باستخدام تقنيات موفرة للطاقة والمياه.
المحور الخامس: الاستدامة وتأثير الشراكة على البيئة
ساهم إشراك القطاع الخاص في مشاريع الإنتاج في تحقيق مكاسب بيئية ملموسة، من أبرزها:
*التوجه نحو تقنيات أكثر كفاءة في التحلية مثل التناضح العكسي. (ro)
*دمج الطاقة المتجددة، وخصوصًا الطاقة الشمسية في مشاريع إنتاج المياه.
*تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين كفاءة استهلاك الموارد.
*تشجيع حلول مبتكرة لإعادة استخدام المياه المالحة المركزة والحد من تصريفها.
*مواءمة السياسات البيئية مع رؤية قطر الوطنية 2030.
واختتم رئيس الوفد القطري مداخلته بقوله تُظهر تجربة قطر في تخصيص مشاريع إنتاج الكهرباء والمياه السعي الدؤوب لتحقيق التوازن بين متطلبات الكفاءة التشغيلية،
وجذب الاستثمار، وحماية البيئة. وتُعد السياسات المتبعة حالياً خطوة في الاتجاه الصحيح في إدارة الموارد الاستراتيجية عبر
الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ولتحقيق مزيد من التطور من المهم الاستمرار في تطوير الأطر التنظيمية، ودعم الكفاءات الوطنية، وربط التخصيص بأهداف التنمية المستدامة.