تولي المملكة العربية السعودية، أهمية قصوى لمواجهة التحدي الكبير في إدارة منظومة التواصل والإرشاد بشكل فعّال وشامل، مع توافد ضيوف الرحمن من مختلف دول العالم في موسم الحج حاملين لغات ولهجات متعددة، إدراكاً منها بأن ضمان وضوح المعلومات وسهولة الوصول إليها يمثل عاملاً أساسياً في تمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بسلاسة وأمان.
وعملت الجهات المعنية -وفي مقدمتها وزارة الحج والعمرة والهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي- على تطوير منظومة متكاملة للتواصل متعدد اللغات، تشمل الترجمة الفورية، والمواد التوعوية المطبوعة والمرئية، واللوحات الإرشادية، إضافة إلى دعم التطبيقات والمنصات الرقمية بلغات متعددة تغطي الشرائح الأكثر حضوراً بين الحجاج، مثل الإنجليزية والفرنسية والأردية والفارسية والإندونيسية والتركية والهوسا والبنغالية وغيرها.
وفي ساحات المسجد النبوي والمنطقة المركزية المحيطة به تنتشر فرق ميدانية مدربة على التعامل مع الحجاج بلغاتهم الأصلية، ويُخصص أفراد من ذوي الخبرة اللغوية في الإرشاد وتقديم المعلومات وتوجيه الزوار، لا سيما كبار السن أو من لا يتحدثون العربية، وتوفر بعض الجهات أجهزة ترجمة فورية تساعد في نقل التعليمات أو التوجيهات في المواقف الطارئة.
وأصبحت التطبيقات الذكية المعتمدة في موسم الحج، أداة رئيسة في تجاوز حاجز اللغة، وتتيح الواجهة بلغات متعددة، وتقدم المحتوى التوعوي والإرشادي بالصوت والصورة والنصوص، لتصل المعلومة للحاج بطريقة مبسطة وسلسة، مع مراعاة الخصوصية الثقافية والاختلافات التعليمية بين الحجاج.
وتتوفر شاشات إلكترونية داخل المسجد النبوي ومرافقه، وتبث رسائل توجيهية وتنبيهات باللغات الأكثر استخدامًا بين الحجاج، وتُنتج أفلاماً قصيرة ومقاطع توعوية تبث عبر وسائل التواصل والمنصات الرقمية الرسمية، لتوضيح الإجراءات التنظيمية أو التوجيهات الدينية بأسلوب بصري سهل الفهم.
وهذا التعدد اللغوي لا يهدف فقط إلى الإيضاح، بل يُعد فلسفة أعمق تتبناها المملكة في رسالتها لخدمة الحرمين الشريفين، تقوم على التيسير والاحتواء والتقدير لكل زائر، مهما اختلفت لغته أو خلفيته الثقافية. ويأتي ذلك ضمن منظومة متكاملة تُحدّث وتُطور سنوياً، بناء على ملاحظات الحجاج وتجارب المواسم السابقة.