لطالما تمتعت دول مجلس التعاون الخليجي بأفضل مستويات دعم الطاقة على مستوى العالم، إلا أنه ومع تراجع أسعار النفط إلى مستويات متدينة ، اتّجهت السلطات إلى خفض الدعم في محاولة منها للتقليل من مخاطر العجز المالي. ولطالما كانت مسألة الحفاظ على مستويات تكاليف دعم الطاقة غير مضمونة على المدى الطويل كما هو الحال مع مستويات الطلب على الطاقة. إذ من المتوقع أن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي عجزا ماليا متأثرة بتراجع أسعار النفط إلى أقل من 50 دولارا للبرميل وهو أقل من سعر التعادل لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من مقدرة معظم دول مجلس التعاون الخليجي على تمويل العجز المالي من خلال صناديق الثروات السيادية التي تمتلكها إلا أن التحكم بالميزانية يعدّ أمرا حتميا وفي غاية الأهمية على المدى المتوسط والمدى الطويل.

وقد بدأت حكومات دول مجلس التعاون بخفض مصروفاتها من خلال خفض دعم الطاقة للتخفيف من الأعباء المالية. إذ يقدّر صندوق النقد الدولي تراوح مستويات دعم الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي بين 1,1بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عمان إلى 4,6بالمئة في السعودية خلال العام 2015. وبينما تسبب التراجع الأخير لأسعار النفط في خفض تكاليف دعم الطاقة، إلا أن تأثيره كان أكثر سلبية على الإيرادات النفطية. فعلى سبيل المثال، ارتفعت فاتورة دعم الطاقة في البحرين من 17بالمئة إلى 34 بالمئة من الإيرادات النفطية كما ارتفعت في السعودية من 11بالمئة إلى 20بالمئة ما بين العامين 2013 و 2015. 

 أسعار النفط

تم تصنيف دول مجلس التعاون الخليجي الست من ضمن الدول العشرة الأكثر استهلاكا للطاقة وذلك لكل فرد على مستوى العالم. وقد تصدرت قطر القائمة بنحو 18,500 كيلوغرام مكافئ النفط للفرد. ويشكل دعم البنزين والكهرباء النسبة الأكبر من دعم الطاقة.

ويعرف أن أسعار البنزين في دول مجلس التعاون الخليجي مدعومة بصورة مكثفة وهي من بين الأكثر انخفاضا على مستوى العالم. إذ تبلغ الأسعار في السعودية أدنى مستوى مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي عند 0,16 دولار للتر وتليها الكويت والبحرين وقطر عند 0,23دولار و0,27 دولار و0,27 دولار للتر على التوالي. وتبلغ أسعار البنزين أعلى مستوى في عمان والإمارات عند 0,31 دولار و0,47 دولار للتر إلا أنها لا تزال أقل من الأسعار في أميركا والصين وتركيا، حيث تبلغ الأسعار أعلى مستوى لها في تركيا عند 2,54 دولار للتر.

وقد بدأت دول مجلس التعاون الخليجي برفع دعم البنزين والديزل بصورة تدريجية وصغيرة مقارنة بحجم دعم الطاقة التي تقدمه هذه الدول. فقد رفعت قطر دعم الديزل في مايو من العام 2014 بواقع 50بالمئة وتبعتها البحرين ثم الكويت في مطلع العام 2015. كما قامت دبي مؤخرا في رفع دعم الديزل والبنزين. وتُحدد حكومة دبي الأسعار مع ربطها لأسعار الأسواق العالمية. وعلى الرغم من توصيات صندوق النقد الدولي، لا تعتزم السعودية القيام بأي تعديل على أسعار الوقود.    

وقد استقرت أسعار الكهرباء في الكويت عند 0,007 دولار للكيلووات في الساعة منذ العام 1966 وذلك على الرغم من أن مجموعة بحوث الطاقة في جامعة كامبريدج قدّرت بلوغ تكلفة انتاج الكهرباء 0,14 دولار للكيلووات في الساعة أو أعلى بـ 20مرة. وقد رفعت إمارة أبوظبي تسعيرة الكهرباء بواقع 40بالمئة للوافدين من 15 فلسا للكيلووات في الساعة إلى 21 فلسا للكيلووات في الساعة لاستهلاك ما يصل إلى 20 كيلووات في الساعة. ولا تزال أسعار الكهرباء للمواطنين مدعمة بشكل كبير.  ويعدّ قطاع الإسكان القطاع الأكثر استهلاكا للكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى قطاعي التجارة والخدمات العامة ، وهو ما يجعل خفض الدعم أمرا في غاية الصعوبة. و باستثناء قطر والإمارات فإن قطاع الإسكان يستهلك أكثر من 50بالمئة من الكهرباء المنتجة. ويستهلك قطاع الإسكان في الكويت 58بالمئة من إجمالي انتاج الكهرباء مقابل 17بالمئة فقط يستهلكها القطاع الصناعي.

 أسعار الدعم

 ازدادت مناشدات صندوق النقد الدولي ومؤسسات عالمية أخرى لدول مجلس التعاون الخليجي بالقيام بإصلاحات على الدعم بعد أن شهدت أسعار النفط تراجعا مستمرا. ومع العلم بأن دعم الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي يشكل جزءا كبيرا من المصروفات الحكومية، فإن يوجد العديد من الفوائد لتخفيض هذا الدعم تتمثل بشكل أساسي في التخفيض من المصروفات المالية وارتفاع الإيرادات النفطية نظرا لتوفر المزيد من مصادر الطاقة لغرض التصدير. كما تشمل الفوائد استعمال أكثر فاعلية لمصادر الطاقة وتطوير مصادر الطاقة النظيفة إضافة إلى فوائد أخرى للبيئة كالهواء النقي.