توقع مسؤولون في مكتب نجيب عبد الرزاق رئيس الوزراء الماليزي الإعلان غدا عن إجراءات اقتصادية جديدة بعد انعقاد الاجتماع الأسبوعي للمجلس الاقتصادي.

وتستهدف تلك الإجراءات مواجهة تأثير تراجع أسعار السلع الأولية في النمو في ثالث أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا وهبوط سعر الرينجيت إلى قرب أدنى مستوى له منذ 18 عاما. وبحسب “رويترز”، فقد أدى تباطؤ الطلب من الصين أيضا وأزمة سياسية تحيط برئيس الوزراء إلى هز ثقة المستثمرين خلال الأشهر الأخيرة، ما دفع الرينجيت إلى الهبوط نحو 19 في المائة ليهبط دون مستوى أربعة رينجيتات أمام الدولار الأمريكي للمرة الأولى منذ عام 1998.

وكان نجيب قد شكل الشهر الماضي لجنة اقتصادية خاصة لاقتراح الإجراءات المباشرة ومتوسطة الأجل لتعزيز الاقتصاد واستعادة ثقة المستثمرين. وتواجه ماليزيا توترات سياسية تصاعدت في بداية (يوليو) بعد أن قال تقرير إن المحققين الذين يبحثون في صندوق “1 إم. دي. بي” الحكومي للاستثمار المثقل بالديون وجدوا ما يقرب من 700 مليون دولار مودعة في حساب نجيب.

ونفى رئيس الوزراء الذي يترأس الصندوق ارتكاب أي خطأ ولكن الفضيحة لم تنته وأثرت في الاقتصاد. وتظاهر عشرات الآلاف من الماليزيين، نهاية الشهر الماضي في كوالالمبور، للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء، نجيب عبد الرزاق، وذلك على خلفية معلومات عن تورطه في قضايا فساد، وبإجراء إصلاحات كبيرة.

وأكد وزراء في حكومة نجيب أن الأموال التي تم تحويلها هي هبات سياسية من مصادر في الشرق الأوسط، وليست هناك جوانب قذرة في القضية، دون أن يضيفوا أي تفاصيل. وقد أغلقت الحسابات ولم يكشف مصير الأموال، ووصف نجيب الاتهامات المتعلقة بالأموال بأنها مؤامرة من قبل معارضيه لإسقاطه.

ويشعر كثير من الماليزيين بالاستياء من قوانين جديدة للاستهلاك يرون أنها تسببت في ارتفاع الأسعار. ويتهم رئيس الوزراء الماليزي بإخفاء مبالغ كبيرة من صفقات الشركة الوطنية للاستثمار 11 ماليجا ديفلوبمنت برها، التي تعاني مديونية كبيرة، وكان رئيس الوزراء قد أنشأها في 2009.

وتحدثت معلومات صحافية عن ملايين الدولارات يستثمرها أفراد من عائلة نجيب في الخارج، لكن نجيب والشركة نفيا كل ذلك بشدة. وكان نجيب (62 عاما) قد وعد عند توليه السلطة في 2009 بإنهاء الفساد والاستبداد، إلا أن تقارير إعلامية كشفت أخيرا تورطه في صفقات فساد.

وتعهد نجيب ومحافظ البنك المركزي الماليزي بعدم فرض قيود على رأس المال، مؤكدا أن اقتصاد بلاده في موقف أقوى مما كان أثناء الأزمة المالية الآسيوية في 1997-1998 بما يجعله قادرا على تحمل أي “عواصف مقبلة”. ويرى نجيب أن الشركات الماليزية لديها الآن ميزانيات عمومية أكثر قوة في حين أن إصلاحات هيكلية لنظام القطاع المالي والمصرفي زادته قوة في مواجهة نوبات شديدة من التقلبات.

ويعتقد نجيب أن ماليزيا تسير قدما نحو تحقيق هدفها بأن تصبح دولة في الفئة المرتفعة الدخل بحلول 2020. وأنشأ نجيب فريقا اقتصاديا خاصا الشهر الماضي لضمان نمو مستمر وتعزيز الثقة بالرينجيت والأسهم الماليزية. وتباطأ معدل نمو الاقتصاد الماليزي لأقل وتيرة في عامين خلال الربع الثاني من العام الجاري، مع انخفاض الإنفاق من جراء فرض ضريبة جديدة على الاستهلاك.

وبحسب البنك المركزي في ماليزيا، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 4.9 في المائة في الأشهر الثلاثة المنتهية في (يونيو) الماضي، مقابل صعود بلغت نسبته 5.6 في المائة في الربع الأول من 2015.

وبلغ صافي مبيعات الأجانب من الأسهم في ماليزيا نحو ثلاثة مليارات دولار منذ بداية العام الحالي، بفعل التخوفات بشأن الأزمة السياسية في البلاد، بعد فتح تحقيق في تقارير أشار إلى تحويل 700 مليون دولار أمريكي من وكالات حكومية، ومصارف، وشركات مرتبطة بصندوق “1 إم. دي. بي” إلى حسابات مصرفية تابعة لرئيس الوزراء الماليزي.

وانخفضت الصادرات الماليزية بنسبة 3.7 في المائة خلال الربع الثاني من العام الجاري، بعد أن هوت بنحو 0.6 في المائة في أول ثلاثة أشهر من العام، فيما تباطأ معدل نمو الاستثمارات الخاصة إلى 3.9 في المائة مقابل 11.7 في المائة خلال الربع الأول.

وتميز الاقتصاد الماليزي على مدار السنوات الماضية، بمجموعة من المؤشرات الاقتصادية الكلية، من بينها احتياطي النقد الأجنبي، الذي عززته الصادرات الصناعية لهذا البلد، وكذلك ارتقاؤها على سلم السياحة العالمية.

ورغم أن احتياطي النقد الأجنبي في ماليزيا بلغ نهاية 2012 نحو 140 مليار دولار، إلا أن منحنى التراجع بدأ في 2013، ليصل إلى 115.9 مليار دولار نهاية العام الماضي، ثم 96.6 مليار دولار في نهاية تموز (يوليو) 2015.

ويعد تراجع احتياطي النقد مثيرا للقلق، خاصة في ظل أزمة ماليزيا السياسية، التي تتصاعد منذ شهور، وتعكس دلالات سلبية على مناخ الاستثمار والاستقرار، الذي تميزت به على مدار السنوات الماضية.

ويبدو أن أزمة انهيار أسعار النفط، قد أثرت بشكل كبير في عوائد ماليزيا النفطية، حيث تمتلك شركة بتروناس العاملة في مجال النفط داخل البلاد وخارجها، وكانت تعد أحد الروافد المهمة للنقد الأجنبي في ماليزيا.