أصدر المركز المالي الكويتي ش.م.ك.ع «المركز» تقريرا حول التأثير السياسي والاقتصادي لتراجع أسعار النفط في دول مجلس التعاون الخليجي، تناول فيه الآثار السياسية والاقتصادية المنعكسة على مختلف القطاعات في دول الخليج، ومدى الحاجة إلى إيجاد حلول بديلة لمواجهة تقلبات أسعار النفط. 
ويأتي هذا التقرير نتيجة للجلسة النقاشية التي أقامتها الجمعية الاقتصادية الكويتية بتاريخ 8 مارس 2015، بالتعاون مع جامعة كولومبيا ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وشركة المركز المالي الكويتي «المركز» فيما يتعلق بالأبحاث، حول «التأثير السياسي والاقتصادي لتراجع أسعار النفط في دول مجلس التعاون الخليجي». وحاضر في الجلسة كل من البروفيسور صفوان مصري، نائب الرئيس التنفيذي للمراكز العالمية والتنمية العالمية في جامعة كولومبيا، وجايسون بوردوف، المدير المؤسس لمركز سياسات الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، وهو مركز متخصص في دراسة العلاقة بين الطاقة والاقتصاد والبيئة والأمن الوطني. كما شارك عدد من الخبراء في قطاع النفط وكبار رجال الأعمال والاقتصاديين، وغيرهم من الخبراء خلال الجلسة.
وأشار تقرير «المركز» أنه وفقا لما أورده صندوق النقد الدولي، فمن المرجح أن يؤدي تراجع سعر النفط بحوالي 60بالمئة إلى تراجع إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي بحوالي 280 مليار دولار أميركي خلال العام 2015. وبعبارة أبسط، فإن ذلك يعني أنه من المتوقع أن يتحول فائض ميزانية دول المجلس مجتمعة البالغ 4.5بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى عجز بنسبة 8بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015. 
التقارب
إن الحكومات التي لا تملك المرونة للاستجابة للقوة المتنامية للتقارب تصبح معرضة لاتساع فجوة الأداء من حيث النمو الاقتصادي الناتج عن الابتكار والمعرفة. وتملي الاستجابة «للتقارب» فهم وإدراك حقيقة أنه يجب على صناع السياسة مواجهة خيارات الوسائل التقنية المطورة، ونماذج الأعمال الجديدة، والنظم القيمية المستجدة (كالحاجة إلى المساءلة)، والأوضاع التنظيمية والتشغيلية المتغيرة، والتغيرات في نماذج الاتصال بين الحكومات والناس. أما في الشرق الأوسط، فيبدو أن الإمارات قد بادرت بوضوح إلى الريادة مقارنة بالكثير من الدول من حيث الاستفادة من تيارات التقارب العالمي. ويتجلى هذا في تصنيف الإمارات في مختلف المؤشرات العالمية. 
رؤية الإصلاحات»
تقوم خارطة الطريق للسياسات المحلية الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي على التنويع الاقتصادي من خلال الابتكار والصناعة، وإيجاد فرص العمل، والالتزام بالاستثمارات في صناعات وتقنيات المستقبل (الطاقة المستجدة على سبيل المثال). ويشكل الشأن المالي جزءا أساسيا من المعادلة، ويملي ضرورة إجراء مناقشات لمواضيع منها على سبيل المثال إزالة الربط بين الميزانيات الوطنية وتقلبات أسعار النفط، وإصلاح الإعانات والدعوم، وفرض الضرائب، إلخ.
القطاع العام
وذكر التقرير أن الدوائر والهيئات والسلطات الحكومية سوف تتعرض لضغط متزايد لإعطاء الأولوية لاحتياجات المستفيدين من الخدمات. وسوف تتزايد النظرة إلى ازدواجية الجهود على أنها تبديد للموارد الثمينة. كما أن القطاع العام سوف يصبح بشكل متزايد خاضعا للمعايير المعمول بها في القطاع الخاص فيما يتعلق بتقديم الخدمات. ويجب أن يتم وضع خطة جديدة لإعادة التوافق بين الهيكليات الداخلية والقدرات التشغيلية للقطاع العام. وتتمحور هذه الخطة إلى حد كبير حول إصلاح الخدمات المدنية (أو مواجهة العجز في الحوكمة)، وإبعاد السياسة عن التعيينات في الوظائف الحكومية، وإيجاد وحماية هيئات حكومية مرنة مكتفية ذاتيا في مجالات السياسة الاستراتيجية، وتعزيز آليات التنسيق والتخطيط عالية المستوى.
سد الفجوة 
تم توجيه نقد من بعض الأوساط للزيادة في أسعار الوقود التي اعتمدتها الكويت في بداية العام 2015. ومع أن هناك توافق على الصعيد النظري على الحاجة إلى إصلاح الإعانات والدعوم، وعلى الرغم من إدراك مختلف المعنيين لذلك، فإنه لا يزال هناك فجوة في التطبيق العملي للتدابير الفعلية. ويجب التعامل مع هذه الفجوة بين النظرية والتطبيق بعناية وبالتوصل إلى إجماع عبر برامج تواصل مبتكرة. غير أن تحقيق هذا يعتبر أصعب مما يبدو في الظاهر.
ريادة الأعمال
وتتزايد الحاجة اليوم إلى تدريب الطلاب والشباب وإعدادهم للبحث عن فرص العمل خارج مؤسسات القطاع العام والشركات الكبرى الأخرى. وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي الآخذة في التطور والتقنيات الحديثة، فإن الاكتفاء الذاتي في التعلم وإيجاد مسار مهني شخصي بتوجيه ذاتي يعتبر عاملا أساسيا وهاما. وهذا يبرز مدى أهمية الإصلاحات التعليمية والتركيز على تنمية مهارات الطلبة للقرن الحادي والعشرين.
جيوسياسية الطاقة 
تعتبر الطاقة والجيوسياسية الدولية المرتبطة بها ظاهرة من المرجح أن تتزايد أهميتها على المدى القصير. وقد كان استقرار أسعار النفط والغاز على مدى الفترة من 2011 إلى منتصف 2014 ناتجا بشكل رئيسي عن زيادة الإنتاج في أميركا الشمالية والتوازن الفعلي في أسواق الطاقة الذي حققته المملكة العربية السعودية كونها منتجا رئيسيا مرجحا لكفة الأسعار والإنتاج. ومع ظهور بوادر الاختلاف المتزايد بين مصالح العديد من الدول المنتجة للطاقة (على سبيل المثال، اختلاف المصالح بين المملكة العربية السعودية وروسيا حول مستويات الإنتاج التي يجب المحافظة عليها)، يمكن أن تشهد الأسعار درجة حادة من الارتفاع أو الانخفاض بحسب التصورات فيما يتعلق بمدى قدرة مستويات العرض على الصمود في السوق العالمية. ويمكن أن تتخذ جيوسياسية الطاقة منعطفات مثيرة للاهتمام و»غير متوقعة» بسبب حقيقة أن الكثير من منتجي الطاقة عدا الولايات المتحدة ودول الأوبك الرئيسية، مثل روسيا وفنزويلا ونيجيريا، لا تستطيع توفير دعم قوي لميزانياتها الوطنية إذا كانت أسعار النفط منخفضة جدا.
النفط الصخري
تعتبر الحاجة إلى تقييم التأثير طويل الأمد لحقبة النفط الصخري مرتبطة بجيوسياسية الطاقة. فقد أثبتت وفرة النفط الصخري أنها عامل محفز رئيسي أسهم في انهيار سعر النفط في الفترة الأخيرة. ومع انتقال الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى في النصف الغربي من الكرة الأرضية إلى الاستقلالية في مجال النفط بفضل ظاهرة النفط الصخري، يمكن أن تشهد تكلفة الاستخراج مزيدا من الانخفاض، ما يؤدي إلى تفاقم الضغوط الهبوطية على أسعار النفط على المدى الطويل. وعلى الرغم من أن بعض المحللين يتوقعون تباطؤ إنتاج النفط الصخري كما يتبين من تراجع عدد الحفارات بسبب انخفاض سعر النفط، لا تزال الهيئة الأميركية لمعلومات الطاقة تتوقع نمو الإنتاج بما يتراوح بين 0.7 و0.2 مليون برميل/يوم  في العامين 2015 و2016 على التوالي.