أحيت جمهورية أذربيجان الذكرى الثانية والعشرين لرحيل الزعيم الوطني حيدر علييف، والذكرى الرابعة والثلاثين لانضمامها إلى منظمة التعاون الإسلامي، مستذكرة الدور الكبير الذي لعبه الزعيم الراحل في تطوير وتعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية.
وقد أعلنت السلطات في أذربيجان عام 2023 "عام حيدر علييف"، تكريماً لإرثه الوطني وإسهاماته البارزة في بناء الدولة وتعزيز مكانتها على المستويين الإقليمي والدولي.
سيبقى اسم الزعيم الوطني حيدر علييف محفورًا إلى الأبد في تاريخ وذاكرة الشعب الأذربيجاني. وبفضل جهوده الجبارة، استطاعت جمهورية أذربيجان المستقلة، بعد أن تجاوزت أزمات الحرب الأهلية، أن تحظى بمكانة مرموقة على الساحة الدولية من خلال تنفيذ "استراتيجية النفط"، وإجراء إصلاحات منهجية، وإقامة علاقات تعاون مثمرة مع المنظمات الدولية ودول العالم. وتحت قيادة الرئيس إلهام علييف، تسير أذربيجان على طريق التنمية الشاملة والازدهار الوطني.
فاليوم تمر الذكرى الثانية والعشرين على رحيل الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني حيدر علييف، وتبقى ذكراه المشرقة مقرونة بقدر كبير من الاحترام والتبجيل في أذربيجان، بما في ذلك في خارج البلاد.
وقد نشرت العديد من الكتب والأفلام والمقالات حول هذه الشخصية العظيمة في أذربيجان وعدد من البلدان في جميع أنحاء العالم.
وقد شارك الزعيم حيدر علييف بشكل فعال كعضو في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي وكنائب أول لرئيس مجلس وزراء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في تطوير العلاقات الدولية للبلاد.
وقام الزعيم حيدر علييف مراراً وتكراراً بزيارات عمل إلى العديد من البلدان الإسلامية في أفريقيا وآسيا، كما شارك عن كثب في المفاوضات والمباحثات السياسية للاتحاد السوفيتي مع قادة دول الشرق الأدنى والشرق الأوسط، وكان كثيراً ما يرأس الوفود الرسمية التي تزور هذه البلدان.
وقد أصبحت زياراته إلى مصر وسوريا والأردن وليبيا والعراق واليمن وباكستان وغيرها من الدول الإسلامية خلال الفترة 1982-1987 محطّ إعجاب، إذ أكسبته شهرة واسعة كأحد أبرز السياسيين في العالم الإسلامي بأسره.
ومع نيل أذربيجان استقلالها في عام 1991، أصبح تعزيز التضامن الإسلامي في العالم إحدى القضايا ذات الأولوية في سياستها الخارجية. وليس من قبيل الصدفة أن منظمة التعاون الإسلامي كانت أول منظمة دولية تنضم إليها جمهورية أذربيجان في 8 ديسمبر 1991، مما مهد الطريق لإقامة علاقات دبلوماسية متينة مع الدول الأعضاء في المنظمة.
قدّر الزعيم الوطني حيدر علييف عالياً أنشطة منظمة المؤتمر الإسلامي في دعم فكرة التضامن الإسلامي على الساحة الدولية، وأشاد بأعمال المنظمة خلال قمة رؤساء دول وحكومات منظمة المؤتمر الإسلامي التي انعقدت في 13 ديسمبر 1994 في الدار البيضاء بالمغرب، حيث صرّح قائلاً: “يمكننا أن نفتخر بأن منظمة المؤتمر الإسلامي تخدم هذه الأهداف النبيلة على وجه التحديد.
وتتمتع هذه المنظمة، التي كانت تتألف في البداية من 52 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا (وتضم منظمة المؤتمر الإسلامي حالياً 57 دولة)، ويبلغ عدد سكانها أكثر من مليار نسمة، بإمكانات روحية وسياسية واقتصادية وعلمية وثقافية هائلة.
ويأتي اتخاذ التدابير اللازمة القائمة على العدالة للحفاظ على التضامن والتعاون الشامل، وضمان السلام والأمن بين الدول الأعضاء، ضمن المبادئ الأساسية التي نص عليها ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي.
وقد التقى الزعيم الوطني حيدر علييف مع أمير دولة الكويت الراحل، سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، خلال زيارته للمغرب لحضور قمة منظمة المؤتمر الإسلامي. وقد تميز هذا اللقاء بجو من التفاهم المتبادل، حيث تبادل رئيسا الدولتين الدعوات لزيارة بلديهما.
وأكد أمير الكويت الراحل أن العدوان على أي دولة مستقلة أمر غير مقبول، مضيفاً: “…عندكم لاجئون يحتاجون مساعدة، ونحن سنقوم بتقديم الدعم لهم…”
وقد تشكلت علاقات تعاون مثمرة ورفيعة المستوى بين أذربيجان والكويت في إطار منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، وحركة عدم الانحياز، إلى جانب منظمة التعاون الإسلامي، وقد انطلق تطوير هذه العلاقات بشكل خاص منذ عهد الزعيم الوطني العظيم حيدر علييف.
وخلال زيارة الوفد البرلماني الكويتي، الذي كان يرأسه عضو مجلس الأمة الأسبق جمال العمر، رئيس مجموعة الصداقة الكويتية–الأذربيجانية في مجلس الأمة، إلى أذربيجان في سبتمبر 2001، تم التأكيد خلال الاجتماعات مع قيادة البلاد على أهمية تعزيز وتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.
في لقاء الوفد البرلماني مع الزعيم الوطني حيدر علييف في 27 سبتمبر 2001، بحث الجانبان مجدداً مختلف القضايا، بما في ذلك سبل تعزيز التعاون الكويتي–الأذربيجاني ومكافحة الإرهاب الدولي، وغيرها من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
ويجدر بالإشارة بكل فخر إلى أن السياسة البعيدة النظر للزعيم الوطني حيدر علييف تستمر بنجاح تحت القيادة الرشيدة للرئيس الحالي إلهام علييف، مواصلةً مسيرة التنمية وتعزيز مكانة أذربيجان على الساحتين الإقليمية والدولية.
وقد مثلت الزيارة الرسمية لرئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، إلى دولة الكويت في 10 فبراير 2009 حدثاً هاماً في مسار العلاقات بين البلدين. وخلال اللقاء مع أمير دولة الكويت الراحل، سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أكد الجانبان أن العلاقات الثنائية بين أذربيجان والكويت تتطور باستمرار، وأن التنسيق السياسي على أعلى المستويات.
كما تطرّق الجانبان إلى سبل تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياحة والاستثمار، وتبادلا وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وقد قلد أمير دولة الكويت الراحل، سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الرئيس إلهام علييف وسام مبارك الكبير، وهو أعلى وسام في دولة الكويت، بينما قلد رئيس جمهورية أذربيجان بدوره أمير الكويت وسام حيدر علييف، وهو أعلى وسام في أذربيجان.
وفي عام 2017، أعلنت أذربيجان “عام التضامن الإسلامي”، حيث أقيمت في العاصمة باكو العديد من الفعاليات، من بينها الألعاب الرابعة للتضامن الإسلامي، لتعزيز القيم الثقافية والرياضية والتعاون بين الدول الإسلامية.
وخِتاماً، تتطلب حياة الزعيم التاريخي حيدر علييف موسوعة كاملة لتوثيقها، فكل جانب من سيرته الحافلة بالعطاء يمثل إرثاً وطنياً ومفخرة للشعب الأذربيجاني، إذ أسهم في صنع التاريخ المعاصر لأذربيجان.
ويحيي الشعب الأذربيجاني سنوياً ذكرى الزعيم الوطني حيدر علييف، ولا تزال أعماله ومنجزاته الخالدة محفورة في ذاكرة ووعي الأمة. فلكل أمة رمز تفتخر به وتسير على نهجه وخطاه، والرئيس حيدر علييف يظل ذلك الرمز والقائد الذي يفتخر به الشعب الأذربيجاني بكل فخر واعتزاز.