مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير 2025، يواجه الوسطاء الدوليون عقبة كبيرة في الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي يُفترض أن تشهد وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابًا إسرائيليًا كاملاً من غزة مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى. وفقًا لتقارير حديثة، تُصر إسرائيل على جعل نزع سلاح حركة “حماس” والفصائل الفلسطينية شرطًا أساسيًا للانتقال، مما يُعرقل التقدم ويُثير مخاوف من فشل الاتفاق كليًا.
في اجتماعات أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مع الوسيط الأمريكي جاريد كوشنر يوم 10 نوفمبر، أُكدت هذه المطالب كـ”خط أحمر”، بينما يرى محللون أنها تهدف إلى إضعاف القدرة الدفاعية للفلسطينيين قبل أي تسوية سياسية. هذا التعثر، الذي وُصف بـ”العقدة الرئيسية” في تقارير إعلامية عربية، يُعيد إلى الأذهان شروط الاتفاق الأولي التي سمحت لإسرائيل باستئناف العمليات العسكرية بعد مارس إذا اعتُبرت المفاوضات “غير فعالة».
لم يمر الشهر الماضي دون أن تشهد غزة انتهاكات إسرائيلية متكررة للهدنة، مما يُعزز الشكوك حول التزام تل أبيب بالاتفاق. وفقًا لإحصاءات نشرتها قناة الجزيرة، سجلت إسرائيل 282 انتهاكًا بين 10 أكتوبر و10 نوفمبر، شملت هجمات جوية وقصفًا مدفعيًا أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، بما في ذلك 26 قتيلاً في غارة جوية يوم 19 أكتوبر.
هذه الانتهاكات، التي أدت إلى تعليق مؤقت للمساعدات الإنسانية قبل استئنافها تحت ضغط أمريكي، تُفسر كمحاولة لفرض واقع ميداني يُقسم غزة إلى نصفين عبر “الخط الأصفر”، وهو خط عازل يُقسم القطاع جغرافيًا. خبراء في مجلس الأطلسي يحذرون من أن هذه الانتهاكات ليست عرضية، بل جزء من استراتيجية لإجبار “حماس” على التنازل في المفاوضات، مما يُفاقم الأزمة الإنسانية في غزة حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء.
في مواجهة الضغوط الإسرائيلية، أكد المتحدث باسم “حماس” حازم قاسم في تصريحات لقناة العربية يوم 11 نوفمبر، رفض الحركة القاطع لأي تقسيم لـ”غزة”، مشددًا على التمسك الكامل باتفاق وقف إطلاق النار وسعيها لـ”نزع جميع الذرائع” من إسرائيل لاستئناف الحرب.
وأضاف قاسم أن “حماس” لن تعود إلى القتال إلا إذا فُرض عليها ذلك، مع التركيز على ضمان عودة المهجرين وفتح الحدود كما نص عليه الاتفاق الأولي. هذا الموقف، الذي يُعكس في تغريدات على منصة “إكس”، يُبرز مخاوف “حماس” من أن التعثر في المرحلة الثانية قد يُؤدي إلى عزلة سياسية للحركة، خاصة مع الضغوط الأمريكية لإعادة نشر جزئي للقوات الإسرائيلية داخل القطاع.
محللون فلسطينيون يرون في هذا التمسك فرصة لتعزيز الدعم العربي، لكنه يُعرض غزة لخطر التصعيد إذا استمرت إسرائيل في عرقلة التقدم. تُثير التوترات الحالية قلقًا دوليًا متزايدًا، حيث حذر المتحدث باسم الأمم المتحدة في مؤتمر صحفي يوم 11 نوفمبر من “مخاطر الانهيار الكامل” للهدنة إذا لم تُحل عقدة المرحلة الثانية، مشيرًا إلى أن الحرب 2023-2025 كانت الأطول في تاريخ الصراع. في الوقت نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكتوبر عن رعاية اتفاق هدنة أوسع يشمل 20 نقطة سلام، لكن التقارير تشير إلى تردد واشنطن في فرض شروط صارمة على إسرائيل.
خبراء في مركز الدراسات الفلسطينية يتوقعون أن يؤدي التعثر إلى “عودة جزئية للعنف” قبل نهاية الشهر، مما يُهدد بفقدان الآلاف من الأرواح وتفاقم الكارثة الإنسانية. مع ذلك، تستمر الاجتماعات المكثفة في القاهرة ودوحة، حيث يُسعى لإيجاد صيغة وسط تجمع بين ضمانات أمنية إسرائيلية ومطالب فلسطينية بحرية كاملة، في محاولة أخيرة لإنقاذ غزة من شبح الحرب الشاملة.