أكد الرئيس الفيتنامي ليونغ كيونغ موقف بلاده الداعم لعملية السلام في الشرق الأوسط وايمانها الراسخ بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود الرابع من يونيو من عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وقال كيونغ في كلمة ألقاها أمام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين إن الجامعة تمثل «بيتا جامعا ورمزا لروح التضامن والوحدة والعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر إشراقا قائم على التنمية المستدامة والاعتماد على الذات» مثمنا الدور الذي تضطلع به الجامعة في تعزيز الاستقرار ونشر ثقافة السلام ودعم الحضور الفاعل للدول العربية على الساحة الدولية.
وأضاف «لقد أعجب شعبنا عبر الأجيال بالحضارة العربية العريقة بما تحمله من قيم ثقافية وروحية وإنسانية سامية إذ كان للآداب والفلسفة العربية أثر بالغ في وجدان أطفالنا وشبابنا كرمز للذكاء والكرامة والشجاعة والسعي إلى العدالة والحرية».
وأكد أن هذه القيم المشتركة تشكل «أساسا متينا» لتعزيز التعاون الثقافي والحضاري بين الشعبين الفيتنامي والعربي. ولفت الرئيس الفيتنامي إلى أن زيارته إلى مصر تمثل رسالة واضحة عن تطلع واهتمام بلاده في فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع الدول العربية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والعمل الجماعي من أجل مستقبل أكثر أمنا وازدهارا.
وأشار إلى أن عالم اليوم يشهد «تحديات غير مسبوقة» تلقي بظلالها على الأمن والسلام الدوليين قائلا «تصاعدت النزاعات الإقليمية وسياسات فرض النفوذ والمنافسات الاستراتيجية بين القوى الكبرى إلى جانب الاستخدام المتكرر للقوة والتهديد بها في العلاقات الدولية». وتابع «في وقت لا تزال فيه التوترات الأمنية التقليدية قائمة في العديد من المناطق برزت تحديات أمنية غير تقليدية باتت تهدد الاستقرار العالمي مثل تغير المناخ وأمن المياه والأمن الغذائي والسيبراني».
وتطرق الرئيس كيونغ ايضا إلى تأثير السياسات الحمائية والحروب التجارية وانحسار العولمة واضطرابات سلاسل الإمداد الناجمة عن التنافسات الجيوسياسية بشكل مباشر على مصالح الدول النامية ومن بينها فيتنام والدول العربية. وشدد على أن فيتنام تؤمن بأن مسؤولية الحفاظ على السلام العالمي وتعزيز التعددية تقع على عاتق جميع الدول من دون استثناء مؤكدا أهمية احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. وبين في هذا المجال أهمية صوت ودور دول الجنوب بما فيها فيتنام والدول العربية في عالم يتجه نحو نظام القطبية المتعددة داعيا إلى تعزيز التضامن والتعددية والمساهمة المشتركة في بناء نظام اقتصادي وسياسي عالمي أكثر عدلا وتوازنا يستند إلى القانون الدولي ويخدم مصالح جميع الشعوب.
وفيما يتعلق بالأزمات في الشرق الأوسط أعرب عن قلق بلاده العميق ازاء استمرار استخدام القوة في مناطق متعددة من المنطقة وما يترتب عليه من صراعات طويلة الأمد وأزمات إنسانية متفاقمة. وفي شأن بلاده تطرق الرئيس كيونغ إلى التطور الذي شهدته فيتنام في العقود الأربعة الماضية قائلا إنها تحولت من بلد يعاني الفقر الغذائي إلى أحد أبرز مصدري الأرز في العالم وضمن أكبر 32 اقتصادا عالميا وعضو نشط في التجارة الدولية بعد توقيع 17 اتفاقية تجارة حرة مع دول عدة.
وأضاف أن فيتنام نجحت في الحفاظ على استقرارها السياسي والأمني وسيادتها وتعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين وتقوية وحدة وطنية تشمل 54 مجموعة عرقية تتعايش بسلام وتناغم داخل إطار الوحدة الوطنية الكبرى.
وأبرز في هذا الصدد الجهود التي بذلتها بلاده على صعيد التنمية قائلا انها استندت الى ثلاث ركائز وهي (الديمقراطية الاشتراكية) و(دولة القانون الاشتراكية) و(اقتصاد السوق ذو التوجه الاشتراكي).
واشار الى إن فيتنام تعد سوقا واعدة تضم أكثر من 100 مليون نسمة مع طبقة متوسطة تشهد نموا متسارعا فيما تضم الدول العربية سوقا يزيد عدد سكانه على 400 مليون نسمة بإجمالي ناتج محلي يفوق 6 تريليونات دولار أمريكي.
قطاع الصناعات الحلال
من جهة اخرى أعرب الرئيس الفيتنامي عن تطلع بلاده لزيادة تبادل الخبرات مع الدول العربية ودعمها في تطوير قطاع الصناعات (الحلال) وتعزيز صادراتها وتقديم خدماتها الحلال إلى الدول الإسلامية والعربية.
وأشار الى رؤية وطنية تحملها فيتنام تستهدف تحولها في عام 2030 إلى دولة صناعية ذات اقتصاد حديث ودخل متوسط مرتفع وأن تصبح بحلول عام 2045 دولة متقدمة ذات دخل مرتفع تزامنا مع المئوية لتأسيسها.
وعلى مستوى السياسة الخارجية أكد الرئيس كيونغ مساعي فيتنام نحو أن تكون عضوا مسؤولا وفعالا في المجتمع الدولي «ومن أجل ذلك تتبنى دبلوماسية حديثة وشاملة ومهنية تواكب مكانتها ثقافية والحضارية». وقال إن فيتنام بتاريخها العريق وثقافتها المتنوعة ومناظرها الطبيعية تمثل وجهة جاذبة للسياحة والاستثمار داعيا المستثمرين العرب إلى زيارتها لاكتشاف فرص الاستثمار والأعمال التجارية والسياحة فيها. وفيما يخص التبادل الثقافي أعرب عن أمله في تكثيف برامج التبادل الثقافي والفني وزيادة المنح الدراسية بخاصة للطلبة الفيتناميين الذين يدرسون اللغة العربية في الدول العربية.
وأبدى استعداد بلاده باعتبارها عضوا في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) للعب دور الجسر بين (آسيان) وجامعة الدول العربية لا سيما في مجالات حفظ السلام وبناء نظام دولي عادل ومتساو يقوم على أساس القانون الدولي. واختتم كلمته بالتأكيد على أن الشراكة القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ستحقق المزيد من الإنجازات في المستقبل القريب لما فيه خير الجانبين الفيتنامي والعربي.
وحضر مندوب دولة الكويت الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير طلال المطيري كلمة الرئيس الفيتنامي امام مجلس الجامعة العربية.
ويجري الرئيس الفيتنامي ليونغ كيونغ زيارة دولة إلى مصر خلال الفترة من الثالث إلى السادس من أغسطس الجاري في محطة مهمة ضمن مسار تعزيز العلاقات الثنائية.