في خطوة تعكس روح التكامل المجتمعي والتعاون بين القطاعين الحكومي والمدني، احتضن مركز "أثر" للعمل التطوعي التابع لنماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، الاجتماع الموسع الذي نظمته المؤسسات الإصلاحية ضمن مبادرة "ساندهم"، بحضور ممثلي وزارة الداخلية، والجمعيات الخيرية، وديوان حقوق الإنسان، ومكتب الأمم المتحدة، وعدد من الشركاء والمهتمين.
يأتي هذا الاجتماع في إطار متابعة المرحلة الثانية من البرنامج التأهيلي للمفرج عنهم، بهدف تعزيز جهود إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، عبر مسارات متكاملة نفسية وتدريبية وتأهيلية تنتهي بتوفير فرص عمل حقيقية، بما يضمن لهم حياة كريمة مستقرة ويجسد قيم العدالة والإنسانية والإصلاح التي عُرفت بها الكويت.
هذا وقد أكد العميد فهد العبيد، مدير عام المؤسسات الإصلاحية، أن مبادرة "ساندهم" انطلقت في ديسمبر 2023 بهدف تأهيل وتدريب نزلاء المؤسسات الإصلاحية داخل المؤسسة وخارجها، ضمن رؤية شاملة لإعادة دمجهم في المجتمع وتمكينهم من بدء حياة كريمة مستقرة بعد الإفراج عنهم.
وأوضح العبيد أن المبادرة تمر بثلاث مراحل متكاملة، تبدأ بـ المرحلة النفسية والإرشادية للتعافي من الإدمان، تليها المرحلة التدريبية المهنية لاكتساب المهارات، وتختتم بالمرحلة التأهيلية التي تركز على توفير فرص العمل وتيسير اندماجهم في سوق العمل.
وأشار إلى أن المؤسسات الإصلاحية نظمت اليوم اجتماعًا مع الجمعيات الخيرية المحلية، حيث تم عرض نتائج مبادرة ساندهم منذ انطلاقها، وأبرز برامج التدريب والتأهيل التي تلقاها النزلاء المفرج عنهم. وقال: "ناقشنا احتياجات هذه الفئة وسبل دعمهم بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والجهات المدنية، بهدف مساعدتهم على الحصول على فرص عمل حقيقية تكفل لهم الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي".
وأكد العبيد أن هذه هي أول مجموعة من النزلاء تحتضن بهذه الطريقة الشاملة، وهو إنجاز جديد يسجل للكويت في مجال الرعاية الإصلاحية، مضيفًا: “نفتخر بأن هذه المبادرة تمثل سبقًا نوعيًا وناجحًا في العمل الإصلاحي، وسنواصل تطويرها بما يحقق الأهداف الإنسانية والوطنية المرجوة بإذن الله".
ومن جانبها أعربت السفيرة غادة الطاهر، المنسق المقيم وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في دولة الكويت، عن اعتزازها بالمشاركة في الزيارة الميدانية لمتابعة سير العملية التدريبية للمرحلة الثانية من البرنامج التأهيلي ضمن المبادرة الوطنية "ساندهم"، مؤكدة أن هذه المبادرة تجسّد التزام الكويت العميق بقيم الإصلاح والعدالة والكرامة الإنسانية.
وقالت الطاهر في تصريح صحفي اليوم: "الزيارة الميدانية لمنتسبي البرنامج التدريبي اليوم تُجسد روح التعاون والمسؤولية المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وتؤكد حرص دولة الكويت، قيادةً وشعبًا، على صون كرامة الإنسان وتمكينه من حقه في حياة كريمة، بما في ذلك أولئك الذين تعثروا في الماضي ويسعون اليوم لبدء صفحة جديدة."
كما تقدمت الطاهر بخالص الشكر والتقدير إلى وزارة الداخلية وإدارة المؤسسات الإصلاحية على دورهما الريادي، مشيدة في الوقت نفسه بالشراكة البنّاءة مع ديوان حقوق الإنسان الوطني وجمعية البناء البشري للتنمية الاجتماعية، التي عملت بسرعة وكفاءة على بناء شراكات متينة مع الجهات الحكومية والمدنية والخاصة لتوفير مقاعد تدريب ميداني للمفرج عنهم لمدة 8 أسابيع، والتي تأمل أن تتوج بفرص عمل حقيقية.
وأضافت:"نثمّن دعم المؤسسات الخيرية والمدنية وفي مقدمتها جمعية نماء وجمعية المحامين الكويتية وشركات القطاع الخاص، إلى جانب الجمعيات الخيرية التي انضمت مؤخرًا، وهذا يؤكد على قيمة الشراكة البناءة التي تحرص عليها حكومة الكويت مع القطاع المدني والخيري."
وأكدت السفيرة غادة الطاهر دعم الأمم المتحدة الكامل لجمعية البناء البشري ومبادراتها الإصلاحية، مشيدة بدورها الريادي داخل وخارج الكويت وشراكاتها الدولية الفاعلة مع منظمة اليونسكو في توصيف الوظائف ومراجعة البرامج التدريبية وفق المعايير الدولية، وكذلك شراكتها مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، انسجامًا مع قواعد مانديلا النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
وأشارت إلى أن برامج التأهيل والتدريب داخل المؤسسات الإصلاحية تسهم في خفض معدلات العودة للجريمة وتعزيز استقرار المجتمع وتماسكه، مؤكدة أن منح الأفراد فرصة ثانية ينطلق من مبدأ العدالة المستنيرة التي تبني الإنسان وتحمي المجتمع.
واختتمت تصريحها بالقول:"ندعم بكل قوة هذه المبادرة المباركة ونتمنى أن تُكلل المرحلة الثالثة بالتوفيق والنجاح، لتكون الكويت دائمًا نموذجًا يُحتذى به في صون الكرامة الإنسانية وتعزيز فرص الحياة الكريمة للجميع."
ومن ناحيتها أكدت العنود العتيبي – مدير إدارة اللجان التخصصية في الديوان الوطني لحقوق الإنسان، أن الديوان يواصل دعمه الراسخ لمبادرة (ساندهم) الوطنية، إيمانًا منه بأهمية تطوير بيئة مراكز الاحتجاز بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبما يسهم في صون كرامة الإنسان وتمكينه من العودة إلى مجتمعه بصورة إيجابية.
وأوضحت العتيبي أن مبادرة (ساندهم) التي انطلقت في عام 2023، جاءت بمبادرة من الديوان الوطني لحقوق الإنسان، وبالشراكة الاستراتيجية مع وزارة الداخلية وجمعية البناء البشري للتنمية الاجتماعية، إلى جانب التعاون المثمر بين العديد من مؤسسات الدولة، الحكومية منها والأهلية، إضافة إلى الجمعيات الخيرية وجمعيات النفع العام، في صورة تكاملية تجسد روح المسؤولية المجتمعية.
وأضافت: "نحن في الديوان نؤمن إيمانًا عميقًا بأن تمكين الإنسان – حتى وإن أخطأ – هو واجب مشترك يقع على عاتق الجميع، دولة ومؤسسات ومجتمعًا، لبناء بيئة أكثر أمانًا وتماسكًا، تعيد تأهيل الفرد وتحفّزه ليكون عنصرًا فاعلًا في وطنه."
وختمت تصريحها بالقول: "نسأل الله أن تكون مبادرة (ساندهم) خطوة سديدة ومباركة في مسار حقوقي وإنساني، يُعزّز من مكانة الكويت كمركز عالمي للعمل الإنساني، ويؤكد التزامها الثابت بقيم الرحمة والعدالة والكرامة الإنسانية."
فيما قال سعد مرزوق العتيبي رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية: "في إطار مبادرة ساندهم، وضمن الشراكة المجتمعية الفاعلة بين القطاع الخيري ومؤسسات الدولة، يقوم وفد من الجمعيات والمبرات الخيرية بزيارة لمركز أثر للعمل التطوعي، للاطلاع على البرنامج التأهيلي للمفرج عنهم، والذي يهدف إلى دمجهم من جديد في المجتمع، وتمكينهم من استعادة دورهم كأفراد فاعلين وإيجابيين.
وأكد العتيبي أن هذا البرنامج يُجسّد مفهوم الوقاية الاجتماعية ويضع أسسًا حقيقية لعملية الإصلاح، من خلال تأهيل النزلاء السابقين مهنياً وسلوكياً، وتوفير مسارات عملية تُعزز من فرص اندماجهم في سوق العمل، وتفتح أمامهم أبواب الأمل لحياة مستقرة وآمنة، وتؤكد الجمعيات الخيرية من خلال هذه المشاركة أنها لا تكتفي بالدور الإغاثي الخارجي فحسب، بل تُولي اهتماماً بالغاً بالبرامج والمبادرات الداخلية، التي تُلامس احتياجات المجتمع الكويتي وتدعم فئاته المختلفة، لاسيما الفئات التي تحتاج إلى رعاية خاصة وفرص جديدة.
وبين العتيبي أن التجربة أثبتت أن العمل الخيري الكويتي راسخ في عمق المجتمع، ومتجذر في ضمير الناس، وهو اليوم يواصل أداء رسالته بروح من المسؤولية والالتزام، بالتعاون مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، لإحداث أثر إيجابي حقيقي، وندعو الجميع إلى دعم هذه المبادرات المجتمعية الهادفة، لأن إصلاح الإنسان وتمكينه من تجاوز الماضي هو أعظم استثمار في بناء الأوطان وحماية النسيج الاجتماعي."
ومن جانبه قال عبدالعزيز الكندري، نائب الرئيس التنفيذي في نماء الخيرية – جمعية الإصلاح الاجتماعي: إن مشاركتنا في مبادرة (ساندهم) تأتي في سياق التزام نماء الخيرية بدورها الوطني والإنساني في دعم فئات المجتمع المختلفة، لا سيما أولئك الذين يحتاجون إلى إعادة تأهيل واحتواء بعد ظروف صعبة مروا بها، فالمفرج عنهم ليسوا فقط أفرادًا أنهوا محكومياتهم، بل هم طاقات يمكن إعادة توجيهها نحو البناء والإنتاج إذا أُتيحت لهم الفرصة المناسبة."
"وأضاف الكندري: لقد حرصنا في نماء على أن لا تكون مشاركتنا رمزية، بل فاعلة ومؤثرة، فقمنا بتنفيذ عدد من المشاريع النوعية داخل المؤسسات الإصلاحية، شملت تشييد 4 مشاريع نوعية منها بيت العائلة والفصول الدراسية والملعب ومضمار المشي، بالإضافة إلى إطلاق برامج متخصصة تهدف إلى تنمية المهارات وتعزيز الثقة بالنفس، بما يسهم في إعادة دمج النزلاء في المجتمع بأسلوب يحفظ كرامتهم ويعزز قدراتهم."
وتابع الكندري: نؤمن بأن الشراكة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخيري والقطاع الخاص هي الركيزة الأساسية لنجاح مثل هذه المبادرات، ومبادرة (ساندهم) خير مثال على هذا التكامل المبارك الذي يثمر عن نتائج ملموسة ومؤثرة ومن هذا المنطلق، ستظل نماء شريكًا حاضرًا بقوة في كل ما يخدم مصلحة الوطن والإنسان.
واختتم الكندري تصريحه متوجهاً بالشكر إلى الديوان الوطني لحقوق الإنسان وجمعية البناء البشري ووزارة الداخلية وكافة الشركاء في العمل الإنساني على إتاحة هذا المجال الذي يُعيد الأمل في النفوس، ويؤكد أن الكويت – كانت ولا تزال – بلد الإنسانية، التي لا تنسى أبناءها مهما كانت ظروفهم، وتسعى دومًا لاحتضانهم وإعادة بنائهم من جديد."
ومن ناحيتها قالت عبير الهجرس مسؤول مركز أثر التطوعي التابع لنماء الخيرية : يُسعدنا في مركز "أثر" أن نستضيف البرنامج التأهيلي للمفرج عنهم، ضمن مبادرة "ساندهم"، والتي تُعد من المبادرات الإنسانية الرائدة التي تهدف إلى دعم فئة تستحق الرعاية والاهتمام. إن هذا البرنامج يأتي إيمانًا منّا بأهمية الدور المجتمعي في إعادة بناء حياة الأفراد بعد محنتهم، وفتح أبواب الأمل أمامهم من جديد.
وتابعت: نؤمن بأن الإصلاح لا يتوقف عند أسوار المؤسسات، بل يمتد إلى المجتمع الذي يجب أن يتهيأ لاستقبال هؤلاء الأفراد واحتضانهم، ومنحهم فرصًا حقيقية للاندماج الإيجابي، ويأتي هذا البرنامج التدريبي ليمنح المفرج عنهم الأدوات اللازمة لاكتساب مهارات حياتية وعملية، تؤهلهم لسوق العمل وتدفعهم نحو الاستقرار والاعتماد على النفس.
وأضافت الهجرس: يمثل هذا التعاون مع شركائنا في القطاع الخيري والحكومي انعكاسًا حيًا لقيم الشراكة والتكامل، ويؤكد أن العمل الخيري في الكويت لا يقتصر على الدعم المادي فحسب، بل يمتد إلى بناء الإنسان وصناعة الفرص، ونحن في "أثر" نعتبر هذه الاستضافة جزءًا من مسؤوليتنا الوطنية تجاه مجتمعنا، خاصة في دعم الفئات التي تمر بتجارب قاسية.