تتوالى المواقف الدولية والإقليمية ضد إسرائيل بشكل غير مسبوق منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة قبل نحو شهرين، تزامناً مع مفاوضات تراوح مكانها في الدوحة، وتبادل اتهامات بين حكومة بنيامين نتنياهو و«حماس» مع توسع عسكري إسرائيلي.
تلك المواقف الدولية يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تعزز جهود الوسطاء وتضيق الخناق على نتنياهو، لكن استمرار كل طرف بأفكاره دون تنازل وغياب ضغوط أميركية جادة، يعنيان أنه لن تسفر المحادثات بالدوحة عن تهدئة جديدة.
وناشد بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر، في أول عظة أسبوعية له، إسرائيل السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة ووقف الأعمال القتالية، ووصف الوضع في القطاع الفلسطيني بأنه «أكثر إثارة للقلق والحزن»، بحسب «رويترز».
كما تحدثت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في تصريحات للصحافيين، عن أنها طلبت مراجعة اتفاقية التجارة بين الاتحاد وإسرائيل بسبب «الوضع الكارثي» في غزة، غداة تعليق بريطانيا رسمياً المحادثات التجارية مع إسرائيل وفرضها عقوبات على عدد من الأفراد والجماعات في الضفة الغربية بسبب اتهامات بارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين.
وجاء هذا التعليق البريطاني غداة تحذير بريطانيا وفرنسا وكندا في بيان مشترك باتخاذ «إجراءات ملموسة» بحق إسرائيل إذا لم توقف عملياتها العسكرية في غزة وترفع القيود المفروضة على دخول المساعدات.
وأسفر اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، ونظيره الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن السماح بتسليم مساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، وفقاً لوكالة «الأنباء الإماراتية» الرسمية.
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي الدكتور أحمد فؤاد أنور، يتوقع أن تدعم تلك الضغوط الدولية والإقليمية جهود الوسطاء وتضيّق الخناق على نتنياهو الذي يواجه أزمة داخلية متصاعدة ضده.
وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن «التهديدات الدولية لها عدة أسباب؛ منها عدم قبول استمرار مشاهد الدماء وقتل الأطفال والتجويع، وتسجيل مواقف مسبقة خشية حدوث نتائج صادمة لأي تصعيد إسرائيلي كبير بغزة»، متوقعاً أيضاً أن تدعم تلك الضغوط جهود الوسطاء وتفتح فرصاً جديدة لحل جزئي.
وتأتي هذه الضغوط، وسط جهود للوسطاء لتفادي التعثر في محادثات مستمرة بالدوحة منذ 13 مايو الحالي، حيث انطلقت مع بدء زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، واستمرت بعد مغادرته ووعده بحل لأزمة غزة.
وقرر نتنياهو بعد نحو أسبوع من اتصالات مكثفة في الدوحة، عودة طاقم التفاوض الرفيع للتشاور، فيما أبقى على الطاقم التنفيذي فقط، وفق بيان لمكتبه ، أفاد بأن «إسرائيل توافق على المقترح الأميركي لإعادة المختطفين، المبني على خطة (مبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف) لكن (حماس) حتى الآن ما زالت متمسكة برفضها».
وبالتزامن، نقلت القناة الإخبارية «12» الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين أن «المفاوضات استنفذت نفسها، لقد ضغط الأميركيون علينا حتى لا نقطعها تماماً، لذا ستبقى فرق العمل الفنية»، بينما ردت «حماس» باتهام نتنياهو بـ«المناورة».
وعقب السحب الإسرائيلي الجزئي لفريق التفاوض، قالت «حماس» في بيان: «نعدّ استمرار وجود الوفد في الدوحة، رغم ثبوت افتقاره لأي صلاحية للتوصّل إلى اتفاق، محاولة مكشوفة من نتنياهو لتضليل الرأي العام العالمي، والتظاهر الكاذب بالمشاركة في العملية التفاوضية (...) لم تُجرَ أي مفاوضات حقيقية من منذ 17 مايو الحالي».