اعتمد الكويتيون قديما على وسائل بدائية وتقليدية لتوفير الإنارة في المنازل والأحياء إذ استخدموا بداية أدوات تعمل على الزيوت الطبيعية كزيت السمسم وجوز الهند وبعض ما يجلب من الخارج على شاكلتها ثم اتجهوا لاحقا إلى استخدام مصابيح (الكاز) أي الكيروسين.
ودخلت الكهرباء إلى الكويت للمرة الأولى في عهد حاكم الكويت السابع الشيخ مبارك الصباح بهدف توفير الإنارة فقط إذ اشترى الشيخ مبارك مولدا كهربائيا صغيرا استخدم لإنارة قصر السيف عند زواج ابنه الشيخ حمد المبارك عام 1908.
وعن تاريخ الكهرباء في الكويت قديما قال الباحث في التراث الكويتي محمد جمال في كتابه (الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت) إنه في عام 1933 أسس مجموعة من التجار الكويتيين أول شركة أهلية لتأمين التيار الكهربائي على أساس تجاري للمواطنين عرفت باسم (شركة الكهرباء الأهلية) وباشرت عملها بإنشاء محطة صغيرة لتوليد الطاقة الكهربائية عام 1934 تحتوي على مولدي ديزل قوة الواحد منهما 30 كيلوواط وبضغط كهربائي 400 فولت يعملان بنظام التيار المستمر (دي سي).
وأضاف أنه كان يتم تشغيل أحد المولدات صباحا حتى الساعة العاشرة ليلا ثم يتوقف ليبدأ تشغيل المولد الثاني إلى صباح اليوم التالي وهكذا مشيرا إلى أن الطاقة الكهربائية التي كانت تخرج من المولدين كانت تستخدم للانارة فقط أما العدد المحدود من الثلاجات التي كانت لدى بعض المواطنين فكانت تعمل بالكيروسين.
وأوضح جمال أن موقع المحطة كان على ساحل البحر في منطقة الشرق مقابل عمارة معرفي الواقعة بين (نقعة معرفي) و(نقعة الخميس) أما مكتب الشركة الإداري فكان في سوق التجار وبادارة السيد يوسف الحميضي.
وذكر أن سعر الوحدة الكهربائية آنذاك بلغ 6 آنات وتم إيصال التيار الكهربائي لأول مرة إلى بعض الدكاكين والبيوت في الأول من أبريل عام 1934 إذ بلغ عدد المشتركين في نهاية السنة الأولى ستين مشتركا ثم ارتفع عددهم إلى حوالي 400 مشترك بعد بضع سنوات وكان استهلاكهم يقتصر على الإنارة فقط في حين قام عدد قليل من العائلات باستخدام المراوح الكهربائية في منازلهم بصورة محدودة بينما تم تركيب مكيف هواء صغير في إحدى غرف قصر المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح.
وأشار جمال إلى أن المرحوم عبدالله الملا صالح وهو صاحب المحل الذي استأجرته الشركة الأهلية للكهرباء كمقر إداري لها في سوق التجار كان يطوف على المحال في الأسواق تطوعا منه مذكرا المستهلكين بضرورة الاقتصاد في استخدام الكهرباء وعدم الإفراط في ذلك حتى لا يزيد الضغط على المولدات ويستغل زياراته للدواوين والمجالس ليسدي بنصحه للمستهلكين بعدم الإسراف في استهلاك الكهرباء كما كان يطوف في الأحياء السكنية مع عدد من مساعديه بهدف المراقبة والتأكد من عدم سحب أسلاك من التمديدات الرئيسة بالشوارع لتوصيل التيار الكهربائي بصورة غير قانونية للبيوت غير المشتركة.
وأضاف أن بلدية الكويت اتفقت مع شركة الكهرباء آنذاك على إنارة بعض الألاسواق والشوارع بوضع خمسين مصباحا من فئة 30 شمعة يتم تشغيلها ليلا مقابل تقاضي الشركة روبيتين ونصف الروبية شهريا عن كل مصباح.
وأوضح أن طلب المواطنين على التيار الكهربائي ازداد تدريجيا الى ان بلغ عدد المشتركين حوالي 700 مشترك عام 1940 على الرغم من الركود الاقتصادي الذي شهدته البلاد في تلك الفترة بسبب الحرب العالمية الثانية.
وذكر جمال انه بعد انتهاء الحرب قررت الشركة إلغاء نظام التيار المستمر (دي سي) تدريجيا وادخال نظام التيار المتناوب او المتردد (أيه سي) ثلاثي الأطوار بضغط 380/220 فولت وتردد 50 هرتز فأقامت الشركة محطة جديدة في المرقاب اشتملت على مولدين كل منهما بقوة 200 كيلوواط وقد بدأ العمل بهما عام 1949 وجرى بعد ذلك اضافة مولد ثالث بقدرة 200 كيلوواط وقد اوقف العمل بنظام التيار المستمر نهائيا عام 1950.
وأوضح انه نتيجة للنهضة السريعة التي بدأت تشهدها البلاد في مختلف مجالات الحياة ارتفع الطلب على الطاقة الكهربائية الى درجة كبيرة مما جعل المحطات الموجودة غير قادرة على تلبية هذا الطلب.
وحينها أرتات الحكومة أن الوقت قد حان للتدخل فعمدت عام 1951 إلى شراء أسهم شركة الكهرباء الأهلية ثم تأسيس إدارة الكهرباء العامة وأوكلت إليها مسؤولية توفير وتوزيع الطاقة الكهربائية بصورة تغطي جميع احتياجات البلاد فشيدت إدارة الكهرباء عام 1952 أول محطة بخارية لتوليد الكهرباء في منطقة الشويخ قرب ساحل البحر.