- أحد رواد النهضة العربية ومفكريها في القرن التاسع عشر وأحد مؤسسي الفكر القومي العربي وأمضى الكواكبي سنين حياته مُصْلِحًا وداعيةً إلى مقاومة الاستبداد
- اشتهر بكتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» الذي يعد من أهم الكتب العربية التي تناقش ظاهرة الاستبداد السياسي
- سافر من سورية إلى مصر بنصيحة من الأفغاني .. وذاع صيته وتتلمذ على يديه الكثيرون وكان واحدًا من أشهر العلماء
- بعد وفاته وعلى قبره عند جبل المقطم رثاه الشاعر الكبير حافظ إبراهيم قائلا: هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى.. هنا خير مظلوم هنا خير كاتبِ

 
 
عبد الرحمن الكواكبي (1271 هـ / 1855 – 1320 هـ / 1902م)
هو أحد رواد النهضة العربية ومفكريها في القرن التاسع عشر، وأحد مؤسسي الفكر القومي العربي، اشتهر بكتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، الذي يعد من أهم الكتب العربية في القرن التاسع عشر التي تناقش ظاهرة الاستبداد السياسي. .. بعد وفاته وعلى قبره عند جبل المقطم كتب بيتان شعريان رثاه بهما الشاعر الكبير حافظ إبراهيم:«هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى ..هنا خير مظلوم هنا خير كاتبِ .. قفوا واقرأوا أم الكتاب وسلموا .. عليه فهذا القبر قبر الكواكبي» ..
هو عبد الرحمن أحمد بهائي محمد مسعود الكواكبي، ولد في حلب عام 1855م، يرجع نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب. ) ووالدته السيده عفيفة بنت مسعود ال نقيب وهي ابنة مفتي انطاكية في سوريا ، وهو علامة سوري رائد من رواد التعليم ومن رواد الحركة الاصلاحية العربية وكاتب ومؤلف ومحامي وفقيه شهير ، وكانت لعائلتة شأن كبير في حلب .
وعندما بلغ عبد الرحمن الكواكبي الثانية والعشرين من عمره، الْتحق كمحرر بجريدة «الفرات»، وكانت جريدة رسمية تصدر بحلب، ولكن إيمانه بالحرية وروح المقاومة لديه دفعته لأن يؤسس هو وزميله السيد هشام العطار أول جريدة رسمية عربية خالصة وهي جريدة «الشهباء»، ولم تستمر سوى خمسة عشر عددًا؛ حيث أغلقتها السلطات العثمانية بسبب المقالات النقدية اللاذعة الموجهة ضدها. وقد اشتغل الكواكبي بالعديد من الوظائف الرسمية، فكان كاتبًا فخريًّا للجنة المعارف، ثم مُحرِّرًا للمقالات، ثم صار بعد ذلك مأمور الإجراءات (رئيس قسم المحضرين)، كما كان عضوًا فخريًّا بلجنة القومسيون. وكذلك كان يشغل منصب عضو محكمة التجارة بولاية حلب، بالإضافة إلى توليه منصب رئيس البلدية.
وسافر الكواكبي إلى الهند والصين، وسواحل شرق آسيا وسواحل أفريقيا، كما سافر إلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان العثماني عبد الحميد، وذاع صيته هناك، وتتلمذ على يديه الكثيرون، وكان واحدًا من أشهر العلماء. وقد أمضى الكواكبي سنين حياته مُصْلِحًا وداعيةً إلى النهوض والتقدم بالأمة العربية ومقاومة الاستبداد. 
طلبه للعلم
عندما توفيت والدته عفيفــة آل النقيب وعمره ست سنوات ، كفلته خالته صفيه واصطحبته إلى بيتها في انطاكية ،حيث بقي هناك ثلاث سنوات ، عاد بعدها إلى حلب ليتعلم فيها على يـد الشيخ «طاهر الكلزي» وبعد أن تعلم القراءة والكتابة، وأتم قراءة القرآن وحفظه، عـــاد إلى خالته، كي ترعــى تنمية علومه، فاستعانت بقريبها «نجيب النقيب» ( أصبح فيما بعــــد أستاذا للخديوي عباس الذي كان على عرش مصر حين لجأ إليها الكواكبي) .‏
عاد إلى حلب التى كانت تزدهر بالعلوم والفقهاء والعلماء فدرس الشريعة والأدب وعلوم الطبيعة والرياضة في المدرسة الكواكبية التي تتبع نهج الشريعة في علومها ، وكان يشرف عليها ويدرّس فيها والده مع نفر من كبار العلماء في حلب .
كما انه لم يكتفِ بالمعلومات المدرسية، فقد اتسعت آفاقه أيضا بالاطلاع على كنوز المكتبة الكواكبية التي تحتوي مخطوطات قديمة وحديثة، ومطبوعات أول عهد الطباعة في العالم ، فاستطاع أن يطلع على علوم السياسة والمجتمع والتاريخ والفلسفة وغيرها من العلوم .
حياته 
بدأ الكواكبي حياته بالكتابة إلى الصحافة وعين محررا في جريدة الفرات التي كانت تصدر في حلب، وعرف ألكواكبي بمقالاته التي تفضح فساد الولاة ، ويرجح حفيده (سعد زغلول الكواكبي) أن جده عمل في صحيفة «الفرات» الرسمية سنتين تقريبا ، براتب شهرى 800 قرش سورى .‏ وقد شعر أن العمل في صحيفة رسمية يعرقل طموحه في تنوير العامة وتزويدها بالأخبار الصحيحة ، فالصحف الرسمية لم تكن سوى مطبل للسلطة، ولذلك رأى أن ينشئ صحيفة خاصة, فأصدر صحيفة «الشهباء» (عام 1877) وهي أول صحيفة تصدر باللغة العربية وقد صدرت في حلب وسجلها بأسم صديقه كي يفوز بموافقة السلطة العثمانية ايامها وبموافقة والي حلب ،‏لم تستمر هذه الصحيفة طويلا، إذ لم تستطع السلطة تحمل جرأته في النقد، فالحكومة كما يقول الكواكبي نفسه «تخاف من القلم خوفها من النار».‏ بسبب حبة للصحافة والكتابة تابع جهاده الصحفي ضد الاستبداد فأصدر (عام 1879) باسم صديق آخر جريدة الـ»اعتدال» سار فيها على نهج «الشهباء» لكنها لم تستمر طويلا فتوقفت عن الصدور . بعد أن تعطّلت صحيفتاه الشهباء و الاعتدال ، انكبّ على دراسة الحقوق حتى برع فيها، وعيّن عضوا في لجنتي المالية والمعارف العمومية في حلب ، والأشغال العامة (النافعة) ثم عضوا فخريا في لجنة امتحان المحامين للمدينة .‏ بعد أن أحس أن السلطة تقف في وجه طموحاته ، انصرف إلى العمل بعيدا عنها، فاتخذ مكتبا للمحاماة في حي (الفرافرة) - (احدى احياء مدينة حلب ) قريبا من بيته ، كان يستقبل فيه الجميع من سائر الفئات ويساعدهم ويحصل حقوق المتظلمين عند المراجع العليا ويسعى إلى مساعدتهم ،وقد كان يؤدي عمله في معظم الأحيان دون أي مقابل مادي، حتى اشتهر في جميع انحاء حلب بلقب (أبي الضعفاء)‏. تقلد عبدالرحمن الكواكبي عدة مناصب في ولاية حلب فبعد ان عين عضوا فخريا في لجنتى المعارف والمالية ، عين مديرا رسميا لمطبعة الولاية ، رئيسا فخريا للجنة الاشغال العامة في حلب وحقق في عهده الكثير من المشاريع الهامه التى افاد بها حلب والمناطق التابعة لها وفي 1892 عين رئيسا لبلدية حلب . استمر الكواكبي بالكتابة ضد السلطة التي كانت في نظره تمثل الاستبداد ، وعندما لم يستطع تحمل ما وصل اليه الامر من مضايقات من السلطة العثمانية في حلب التي كانت موجوده انذاك ، سافر الكواكبي إلى اسيا الهند والصين وسواحل شرق اسيا وسواحل افريقيا وإلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان عبدالحميد ، وذاع صيتة في مصر وتتلمذ على يديه الكثيرون وكان واحدا من أشهر العلماء .
قدومه الى مصر 
وبعد التضييق الذي تعرض له الكواكبي عبر مجموعة المحاكمات والتهم الجزافية التي كانت تنهال عليه من الجهات الرسمية كالعمل على قلب نظام الحكم والاتصال بجهات خارجية، أشار جمال الدين الأفغاني عليه بالمجيء إلى مصر، ونزل عند نصيحة الأفغاني فغادر إلى مصر عام 1899، وتعرف إلى أدبائها ومفكريها، ونشر بعضا من نظره عن الاستبداد في صحفها، فاشتهر هناك وأصبح قريبا من نخبتها وقتذاك، ولعل أشهرهم الشيخ محمد رشيد رضا، الأخير الذي جعلته الأقدار القاسية طرفا في جلسة على مقهى «يلدز» أو اسطنبول، مع الكواكبي، حيث تم دس السم في فنجان قهوة الكواكبي التي يفضلها مُرةً، فكانت الأكثر مرارة بل بطعم العلقم، فلفظ أنفاسه الأخيرة قبيل صلاة الفجر بقليل. فرثاه رضا بكثير من التمجيد والتعظيم قائلا «أصيب الشرق بفقد رجل عظيم من رجال الإصلاح الإسلامي، وعالم عامل من علماء العمران، وحكيم من حكماء الاجتماع البشري ألا وهو السائح الشهير والرحالة الخبير السيد الشيخ عبد الرحمن الكواكبي الحلبي، مؤلف كتاب (طبائع الاستبداد) وصاحب سجل جمعية أم القرى الملقب فيه بالسيد الفراتي».
جدلية الاستبداد والتغيير
ويقول الكاتب  عهد فاضل في مقال له بعنوان «عبد الرحمن الكواكبي.. إصلاحي الماضي الذي لا يمضي! « : عندما ينظر البعض إلى عبد الرحمن الكواكبي، مؤلف كتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، على أنه مجرد إصلاحي حائر قذفته أمواج القرن التاسع عشر إلى شواطئ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإنه بذلك ينسى عن قصد أو غير قصد أن هذا الكواكبي كان فوتوغرافيا محترفا لكن من النوع الذي يصوّر المستقبل لا اللحظة الراهنة! وحقا، إن في «طبائع الاستبداد» ما يُشبه الألبوم الذي يجمع تاريخ المنطقة العربية، في العصر الحديث.  مفردة «استبداد» تهيمن على قلم الكواكبي، تتوزع كتابه فصولا وأبوابا وأقساما ومقاطع. ذلك أنها كانت مستمدة من واقع مرير بعيد يفصلنا عنه أكثر من قرن من الزمان، سقطت فيه إمبراطوريات وولدت فيه إمبراطوريات، إلا أن ما لم يطرأ عليه تعديل جوهري هو الاستبداد الذي عرّفه الكواكبي بأنه «غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة»، أو في تعريفه الثاني للاستبداد بأنه «صفة الحكومات المطلقة العنان فعلا أو حكما التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين»، حيث لا يزال تعريفه صالحا في عالمنا العربي اليوم، وهو الذي يغلي في ربيعه القاسي محاولا الفكاك من هذا الأسر الوجودي الراسخ. ولا شيء يفسر الحال الذي وصل إليه بعض العالم العربي اليوم، من عنف مقترن بالثورة، أو من دمار مقترن بالتغيير، إلا ما عبّر عنه الكواكبي في فقرات كتابه، وما خطه قلمه من ربط ما بين الاستبداد والتخلف، أو الاستبداد والهزيمة، إلى الدرجة التي يقول فيها «..وقد يبلغ فعل الاستبداد بالأمة أن يحول ميلها الطبيعي من طلب الترقي إلى طلب التسفّل، بحيث لو دفعت إلى الرفعة لأبت وتألمت كما يتألم الأجهر من النور، وإذا ألزمت بالحرية تشقى وربما تفنى كالبهائم إذا أطلق سراحها، وعندئذ يصير الاستبداد كالعَلَق يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة، فلا ينفك عنها حتى تموت ويموت هو بموتها». ولربما كان الكواكبي هو أول من أشار إلى تلك العلاقة الوشيجة والمرعبة داخل الطبقات التي تشكل الحياة السياسية والاجتماعية التي تأسست في جدلية الاستبداد والتغيير. ورغم أهمية كل التفاصيل التي ذكرها الكواكبي عن مظاهر الاستبداد وآلية عمله، فإن وعي الكواكبي بالتغيير يتسم بأكبر قدر من الحكمة والنظر الثاقب، كما لو أنه يحذرنا منذ أكثر من قرن مما يمر به العالم العربي الآن. فالسيد الفراتي، رغم حربه المفتوحة على الاستبداد فإنه لا يجد من الأفضل استئصاله بالعنف، بل باللين والتدرج: «الاستبداد لا يقاوم بالشدة إنما يقاوم باللين والتدرج»، كيلا تكون «فتنة تحصد الناس حصدا». فهنالك مخاوف من أن يؤدي هذا العنف، أو التغيير غير المخطط له لاستحضار «مستبد آخر تتوسم فيه أنه أقوى شوكة من الأول، فلا تستفيد شيئا إنما تستبدل مرضا مزمنا بمرض مزمن». ولهذا يؤكد الكواكبي في سبق تكرر كثيرا في طبائعه على أمر مهم وهو «تهيئة ماذا يستبدل به الاستبداد» قبل «مقاومة الاستبداد».
تحرير العقول
وهكذا ، أمضى الكواكبي حياته مصلحاً وداعياً إلى النهوض والتقدم بالأمة العربية وقد شكل النوادي الإصلاحية والجمعيات الخيرية التي تقوم بتوعية الناس وقد دعا المسلمين لتحرير عقولهم من الخرافات وقد قسم الأخلاق إلى فرعين فرع أخلاقي يخدم الحاكم المطلق وفرع يخدم الرعية أو المحكومين ودعا الحكام إلى التحلي بمكارم الأخلاق لأنهم الموجهون للبشر، ودعا إلى إقامة خلافة عربية على أنقاض الخلافة التركية وطالب العرب بالثورة على الأتراك وقد حمل الحكومة التركية المستبدة مسؤولية الرعية.
مؤلفاته 
الف العديد من الكتب وترك لنا تراثا ادبيا كبيرا من كتب عبدالرحمن الكواكبي طبائع الاستبداد و ام القرى كما ألف العظمة لله و صحائف قريش وقد فقد مخطوطين مع جملة اوراقه ومذكراته ليلة وفاته ، له الكثير من المخطوطات والكتب والمذكرات التى طبعت ومازالت سيرة وكتب ومؤلفات عبدالرحمن الكواكبي مرجعا هاما لكل باحث .
وفاته
توفي في القاهرة متأثراً بسم دس له في فنجان القهوة يوم الجمعة 6 ربيع الأول لعام 1320 هـ الموافق 13 يونيو 1902 ودفن عند جبل المقطم.
المراجع 
 الأعمال الكاملة للكواكبي: دراسة وتحقيق محمد جمال طحان - مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت الطبعة الثالثة 2006. عبد الرحمن الكواكبي:» سيرة ذاتية» دار بيسان، بيروت، ط1، 1998، ص15120_ بتصرف اتحاد الكتاب العرب – دمشق. كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، عبدالرحمن الكواكبي، تقديم الدكتور أسعد السحمراني، دار النفائس، الطبعة الثالثة 2006، ( ص 9 -12 ). كتاب عبد الرحمن الكواكبي، المؤلف عباس محمود العقاد، دار هنداوي للطباعة والنشر - موقع فلاسفة العرب الالكتروني – مقال « عبد الرحمن الكواكبي.. إصلاحي الماضي الذي لا يمضي! جدلية الاستبداد والتغيير» بقلم : عهد فاضل  التاريخ: : الأربعاء, 5 مارس, 2014  مجلة المجلة السعودية.