- زقزوق : رغم المآخذ على دائرة المعارف الإسلامية إنها تعد ثمرة من ثمار التعاون العلمي الدولي بين المستشرقين
- قام المستشرقون بترجمة مئات الكتب العربية والإسلامية إلى اللغات الأوروبية كافة فنقلوا إلى لغاتهم الكثير من دواوين الشعر والمعلقات 
- ترجموا تاريخ أبي الفداء وتاريخ الطبري ومروج الذهب للمسعودي وتاريخ المماليك للمقريزي وتاريخ الخلفاء للسيوطي والإحياء والمنقذ للغزالي
- للمستشرقين بعض مؤلفات قيمة ذات فائدة علمية للباحثين ولهم مؤلفات أخرى تزخر بالطعن في الإسلام وتمتلئ بالأكاذيب التي ليس لها في سوق العلم نصيب
 - تمت ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية للمرة الأولى في القرن الثاني عشر و قام المستشرقون وحتى الآن بإعداد العديد من ترجمات القرآن إلى اللغات الأوروبية كافة
- مهدوا لترجماتهم للقرآن الكريم بمقدمات وضعوا فيها تصوراتهم عن الإسلام وبذلك أعطوا للقارئ تصورهم الذي لا يتفق في معظم الأحيان مع الحقائق الإسلامية
- المستشرقون ألفوا ستين ألف كتاب عن الشرق في قرن ونصف القرن منذ أوائل القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين
- د.عبد الحليم النجار: تعريب كتاب تاريخ الأدب العربي (لكارل بروكلمان) كان أملاً يراود كل قارئ بالعربية


 نواصل في هذا العدد نشر كتاب “ “الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري” لوزير الاوقاف المصري الاسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق :
 
 
[4] الترجمـــة .. 
 
ولم يقتصر الأمر على نشر النصوص العربية بل قاموا – المستشرقون - أيضاً بترجمة مئات الكتب العربية والإسلامية إلى اللغات الأوروبية كافة، فقد نقلوا إلى لغاتهم الكثير من دواوين الشعر والمعلقات وتاريخ أبي الفداء، وتاريخ الطبري، ومروج الذهب للمسعودي، وتاريخ المماليك للمقريزي ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، والإحياء والمنقذ للغزالي، وغير ذلك من مئات الكتب في اللغة والأدب والتاريخ والعلوم الإسلامية المتعددة، هذا فضلاً عما ترجم في القرون الوسطى من مؤلفات العرب والمسلمين في الفلسفة والطب والفلك وغير ذلك من علوم . 
وقد سبق أن عرفنا في الفصل السابق أن القرآن قد تمت ترجمته لأول مرة في القرن الثاني عشر. وقد قام المستشرقون منذ ذلك الوقت وحتى الآن بإعداد العديد من ترجمات القرآن إلى اللغات الأوروبية كافة، وقد مهدوا لترجماتهم بمقدمات وضعوا فيها تصوراتهم عن الإسلام، وبذلك أعطوا للقارئ من بادئ الأمر تصورهم الذي لا يتفق في معظم الأحيان مع الحقائق الإسلامية، بل قد يصطدم مع هذه الحقائق اصطداماً جوهرياً . 
وفيما يلي بيان تقريبي بعدد الترجمات المعروفة التي تمت في عدد من اللغات الأوروبية من قبل غير المسلمين.
ـ في اللغة الألمانية 14 ترجمة 
ـ في اللغة الإنجليزية 10 ترجمات
ـ في اللغة الإيطالية 10 ترجمات 
ـ في اللغة الروسية 10 ترجمات
ـ في اللغة الفرنسية 9 ترجمات
ـ في اللغة الإسبانية 9 ترجمات
ـ في اللغة اللاتينية 7 ترجمات 
ـ في اللغة الهولندية 6 ترجمات 
 
[5] التأليف … 
 
(أ‌) تاريخ الأدب العربي .. 
(ب‌) دائرة المعارف الإسلامية.. 
(ج) المعاجم.. 
تعددت مجالات التأليف في الدراسات العربية والإسلامية لدى المستشرقين وبلغ عدد ما ألفوه عن الشرق في قرن ونصف ( منذ أوائل القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين ) ستين ألف كتاب.
لقد ألفوا في التاريخ العربي والإسلامي، وفي علم الكلام ، وفي الشريعة، وفي الفلسفة الإسلامية والتصوف الإسلامي، وفي تاريخ أدب اللغة العربية، وفي الدراسات المتعلقة بالقرآن والسنة النبوية، وفي النحو العربي وفقه اللغة العربية. ولم يتركوا مجالاً من مجالات العلوم العربية والإسلامية إلا وألَّفوا فيه . 
ولهم بعض مؤلفات قيمة ذات فائدة علمية للباحثين، ولهم مؤلفات أخرى تزخر بالطعن في الإسلام، وتمتلئ بالأكاذيب التي ليس لها في سوق العلم نصيب. وسنتحدث بشيء من التفضيل عن الأمثلة من هذه الكتابات عند عرضنا لآراء المستشرقين حول الإسلام في هذا الفصل . 
وسنكتفي هنا بالإشـــارة إلى المؤلفات ذات القيمة العلمية كنماذج للمؤلفات المفيدة . 
 
(أ‌) تاريخ الأدب العربي .. 
 
من تأليف المستشرق الألماني كارل بروكلمان( توفى 1956م ) وهو كتاب أساسي في الدراسات العربية والإسلامية لا يستغني عنه باحث في الدراسات العربية والإسلامية، وقد قام بروكلمان بهذا العمل الضخم بمفرده. ولا يقتصر هذا الكتاب على الأدب العربي وفقه اللغة، بل يشمل كل ما كتب باللغة العربية من المدونات الإسلامية. فهو سجل للمصنفات العربية المخطوطات منها والمطبوع . ويكتمل بمعلومات عن حياة المؤلفين. وقد صدر أولاً في مجلدين في عامي 1898م، 1902م ثم أتبعه المؤلف بثلاثة مجلدات تكميلية كبيرة تضم في مجموعها حوالي 2600 صفحة في الفترة من عام 1937 إلى عام 1942م، ثم أعاد نشر المجلدين الأساسين في عامي 1943م ـ 1949م في طبعة أخرى معدلة ليتناسب تعديلهما مع المجلدات الثلاثة التكميلية .
 
وقد حصلت الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربيةـ إدراكاً منها لأهمية هذا الكتاب لكل باحث عربي ـ حصلت عام 1948م على موافقة بروكلمان وإذنه بترجمة الكتاب إلى العربية. وقد بعث بروكلمان إلى الإدارة المذكورة بجزء كتبه بخطه وباللغة العربية يحتوي على تصحيحات وزيادات لغرض إلحاقها بالترجمة. وقد قام الدكتور عبد الحليم النجار رحمه الله بترجمة بعض أجزاء من هذا الكتاب إلى العربية بتكليف من الجامعة العربية، وصدر الجزء الأول منها عام 1959م. ووصل ما صدر من أجزاء حتى الآن ستة أجزاء . وكانت الترجمة قد توقفت بعد وفاة الدكتور النجار وصدور الأجزاء الثلاثة الأولى وقد تم تقسيم الكتاب كله إلى ثمانية عشر جزءاً وقامت المنظمة العربية للترجمة والثقافة والعلوم بتوزيع باقي الأجزاء على مجموعة من الباحثين لترجمتها حتى يتسنى نشر الكتاب كله دفعة واحدة. وقد طلب مني القيام بترجمة الجزء السابع عشر. وكانت المنظمة العربية تستحث الباحثين بين الحين والحين برسائل رسمية لإنجاز هذا العمل. ولكن رياح التيارات السياسية التي اجتاحت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة عصفت بهذا العمل الثقافي البحت ولم نعد نسمع شيئاً لا من المنظمة العربية صاحبة التكليف بالترجمة ولا من أي جهة أخرى . 
 
ويكفي هنا لتعريف القارئ بقيمة هذا الكتاب أن نورد السطور التالية من مقدمة الدكتور عبد الحليم النجار للكتاب.. والتي وردت في الجزء الأول من الترجمة العربية. يقول رحمة الله في بداية المقدمة : 
( كان تعريب كتاب تاريخ الأدب العربي ( لكارل بروكلمان ) أملاً يراود كل قارئ بالعربية حينما يبحث في علوم العرب وآدابهم، أو يحاول سبر جهود العلم العربي ومتابعة خطواته في تأسيس ثقافة العالم الجديد وتنمية حضارته، أو يريد حصر ما تشتت وإحصاء ما تفرق من تراث الفكر العربي في مكتبات العالم وخزائن الكتب، ليتخذ من ذلك آيات بينات للفخر والاعتزاز، أو عدة ومدداً للبعث والإحياء، أو يتطلع أخيراً إلى ما ترجم إلى لغات العالم من ذلك التراث الخالد، وما أثير حوله من بحوث، وصنف من دراسات قدمت خطى العلم والأدب ودفعتهما إلى الأمام في الشرق والغرب . 
وقد كان بروكلمان يدرك أن عمله في حاجة مستمرة إلى الإكمال ـ بناء على ما يكتشف من مخطوطات ولذلك كان دائب العناية بإكماله على مدى نصف قرن . ويقوم الآن الباحث التركي المسلم فؤاد سيزكين ـ تلميذ المستشرق الألماني هيلمت ريترـ بعد اكتشاف آلاف المخطوطات بإكمال عمل بروكلمان وذلك في كتابه ( تاريخ التراث العربي) بالألمانية الذي ترجم بعضه إلى العربية، ومنح عليه جائزة الملك فيصل منذ بضع سنوات. 
 
 
(ب‌) دائرة المعارف الإسلامية.. 
 
على الرغم مما لنا نحن المسلمين على هذه الدائرة من مآخذ كثيرة فإنها تعد ثمرة من ثمار التعاون العلمي الدولي بين المستشرقين. وقد تم إصدارها في طبعتها الأولى بالإنجليزية والفرنسية والألمانية في الفترة من 1913م إلى عام 1938م . وقد تولت نقلها إلى العربية لجنة دائرة المعارف الإسلامية من خريجي الجامعة المصرية منذ عام 1933م لم تصل في الترجمة إلاً إلى حرف العين.. وقد عمد المترجمون إلى نشر تعليمات هامة في أعقاب الكثير من المقالات لتصحيح الأخطاء التي وقع فيها المستشرقون، وقام بكتابة هذه التعليمات مجموعة من العلماء المعروفين . 
وقد تجاوز المستشرقون فيما بعد هذه الدائرة المتداولة، وقاموا بإصدار دائرة معارف إسلامية جديدة أعيدت فيها كتابة المقالات بناء على ما صدر من بحوث حديثة وما نشر أو اكتشف من مخطوطات . وقد ظهرت الطبعة الجديدة باللغتين الإنجليزية والفرنسية فقط من عام 1954م حتى عام 1977م. 
وقد أشار نجيب العقيقي إلى أن اللجنة العربية لترجمة دائرة المعارف ترجع الآن إلى الطبعة الجديدة ابتداءً من حرف العين بدلاً من الرجوع إلى الطبعة القديمة التي تقادمت بعض معلوماتها. 
 
(ج) المعاجم.. 
 
للمستشرقين باع طويل في مجال المعاجم والقواميس اللغوية. وقد سبق أن أشرنا إلى إنجاز أول قاموس لاتيني عربي في القرن الثاني عشر الميلادي. ونذكر في هذا الصدد أيضاً المعجم العربي اللاتيني الذي ألفه جورج فيلهلم فرايتاج [ ت 1861م] ذلك المعجم الذي لا يزال يستعمل حتى اليوم . بالإضافة إلى العديد من القواميس الصغيرة والكبيرة التي تجمع بين العربية وغيرها من لغات أوروبية مختلفة كالإنجليزية والفرنسية والألمانية وغيرها من لغات أوروبية أخرى .
وهناك مستشرقون ينفقون سني عمرهم في إعداد مثل هذه المعاجم. وحسبنا أن نشير هنا إلى معجم اللغة العربية القديمة المرتب حسب المصادر، فقد قضى أوجست فيشر [ ت 1949م] أربعين عاماً في جمعه وتنسيقه، وتعاون معه عدد من المستشرقين . 
 
ونخص بالذكر هنا أيضاً المعجم المفهرس لألفاظ الحديث الشريف الذي يشمل كتب الحديث الستة المشهورة بالإضافة إلى مسند الدرامي وموطأ مالك ومسند الإمام أحمد بن حنبل. وقد تم نشره في سبعة مجلات ضخمة في الفترة من عام 1936م حتى عام 1936م . وتفيد من هذا المعجم الجامعات والمعاهد الإسلامية كافة في العالم .