الاستشراق كان ولا يزال جزءًا لا يتجزأ من قضية الصراع الحضاري بين العالم الإسلامي والعالم الغربي، بل يمكننا القول: إن الاستشراق يمثل الخلفية الفكرية لهذا الصراع.. ومصطلح الاستشراق Orientalism يعني:  “علم الشرق أو علم العالم الشرقي” وعّرف البعض الاستشراق أيضاً بأنه: “ذلك التيار الفكري الذي تمثل في الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي، والتي شملت حضارته وأديانه وآدابه ولغاته وثقافته “  وكذلك هو دراسة كافّة البنى الثّقافيّة للشّرق من وجهة نظر غربية، وتستخدم كلمة الاستشراق أيضاً لتدليل تقليد أو تصوير جانب من الحضارات الشرقية لدى الرواة والفنانين في الغرب. المعنى الأخير هو معنى مهمل ونادر استخدامه، والاستخدام الأغلب هو دراسة الشرق في العصر الاستعماري ما بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر. لذلك صارت كلمة الاستشراق تدل على المفهوم السلبي وتنطوي على التفاسير المضرّة والقديمة للحضارات الشرقية والناس الشرقيين. ووجهة النظر هذه مبيَّنة في كتاب إدوارد سعيد «الاستشراق « المنشور سنة 1978 . 
واذا محصنا ما يردده البعض ممن يزعمون انهم يجددون الخطاب الديني في عالمنا العربي والاسلامي سنجد ان الشبهات التي يعرضونها هي ذاتها الشبهات التي اثارها المستشرقون قبل عشرات بل ومئات السنين ، وابناء جلدتنا من أدعياء الفكر ،اكتفوا باعادة ترديدها من جديد ليظهروا في مظهر المثقفين للطعن في القرآن والسنة والصحابة  والفقهاء وعلماء الحديث والمفسرين .  ورغم وجود بعض الأصوات المنصفة للاسلام والمسلمين وسط المستشرقين الا انها كانت اصوات قليلة في خضم معركة فكرية وحضارية استهدفت تشكيك المسلمين في دينهم وعقيدتهم بكافة الوسائل المتاحة امام علماء المشرقيات في الغرب ، وكان التراث الاستشراقي بمثابة دليل للاستعمار في شعاب الشرق وأوديته من أجل فرض السيطرة الاستعمارية عليه وإخضاع شعوبه وإذلالها .  
ومن المؤسف أن العقلية الأوربية نجحت بداية في السيطرة على مصادر التراث العربي الإسلامي، وعن طريق الاستشراق والمستشرقين تمكنت من التحقيق والتمحيص والطبع والنشر لمجموعة من أكبر وأهم المصادر التراثية، وعلى الرغم من أن بعض الدراسات الاستشراقية كانت تقترب من صفة النزاهة والحياد إلاّ أنها في النهاية وبكل المقاييس تبقى مظهراً من مظاهر الاحتواء الثقافي . ويمكن القول: إن معظم الكتابات العربية المعالجة للتراث العربي والاسلامي قد سارت على نهج المستشرقين ولم تتجاوزه إلا في القليل النادر، إلى درجة إيجاد ركائز ثقافية عربية معبرة ومتبنية لوجهة نظرها، ومدافعة عن المواقع الثقافية التي احتلتها؛ حتى في الجامعات والمؤسسات العلمية لا يزال الخضوع والاحتكام للقوالب الفكرية التي اكتسبها المثقفون المسلمون من الجامعات الأوروبية ، كما أن آثار الاستشراق وإنتاج المستشرقين لا يزال يحتل الكثير من مواقعنا الثقافية. ولا شك أن التزام الموضوعية في الرد على متطرفي المستشرقين هو دائمًا في صالح الإسلام بوصفه دين الله الحق الذي لا يخشى عليه من أية تيارات فكرية مناوئة أيا كان مصدرها .
و « الوسط « تنشر على حلقات خلال شهر رمضان النص الكامل لكتاب « الإستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري» من تأليف وزير الاوقاف المصري الاسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق ، وصدر في شهر صفر من العام 1404 هجرية الموافق مايو 1983 وهو الكتاب الخامس في سلسلة ( كتاب الأمة ) التي تصدرها رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية ووزارة الاوقاف والشئون الاسلامية بدولة قطر الشقيقة، مساهمة في تحقيق الوعي والحصانة الفكرية، وإعادة بناء ، وتنقية الموارد الثقافية للامة . و « كتاب الامة « سلسلة دورية، فكرية ثقافية، تصدر كل شهرين، وتطبع في الوقت نفسه في أكثر من بلد، وتوزع في العالم الإسلامي والغرب، كما يتم الإطلاع عليها من خلال الإنترنت. مضى عليها أكثر من ربع قرن من الزمان، صدر خلالها (167) كتاباً حتى رجب 1436هـ (مايو ) 2015م، في موضوعات ثقافية متعددة، ترجم بعضها إلى لغات عالمية مثل: الإنجليزية والفرنسية، وإلى لغات العالم الإسلامي مثل: التركية والإندونيسية، وغيرها.
والكتاب الذي نقدمه إلى القارئ الكريم يحتوي على ثلاثة فصول: يشتمل الفصل الأول منها على مدخل تاريخي حول نشأة الاستشراق وتطوره. أما الفصل الثاني - وهو الفصل الرئيس في هذا الكتاب- فإنه يتناول بالبحث مواقف المستشرقين بإيجابياتها وسلبياتها . وفي الفصل الثالث والأخير يتحدث عن موقفنا - نحن المسلمين - من الحركة الاستشراقية . وتأتي أهمية هذا الكتاب في ان المعركة الفكرية مع المستشرقين وتلامذتهم من ابناء جلدتنا لن يفيدنا فيها مواقف الرفض والإدانة أو الهروب من المشكلة، وهذا الكتاب لا يقتصر على تشخيص العلَّة ورصد آثارها فقط، وإنما يتجاوز ذلك إلى تحديد الأسباب التي أوجدتها، ومن ثم يصف العلاج ويبين الخطة التي لا مناص من التزامها في معركتنا الفكرية التي تستهدف وجودنا حيث نكون أو لا نكون . وميزة هذا الكتاب الذي نقدمه أن له صفة الأكاديمية، فقد اعتمد مؤلفه المنهج العلمي الوثائقي في التناول .
نستكمل في هذا العدد نشر كتاب “ “الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري” لوزير الاوقاف المصري الاسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق :
محاولات جادة 
وعلى الرغم من هذه الأهداف التنصيرية الواضحة والمعادية في طبيعتها للإسلام، فقد شهد نهاية القرن السابع عشر من ناحية أخرى اتجاهاً آخر مختلفاً استمر أيضاً في القرن الثامن عشر، وقد نظر هذا الاتجاه إلى الإسلام نظرة موضوعية محايدة فيها شيء من التعاطف مع الإسلام. وقد شجع على ذلك ظهور النزعة العقلية الجديدة التي بدأت تسود أوروبا حينذاك، والتي كانت في عمومها مخالفة للكنيسة . 
وهكذا سنحت الفرصة أمام بعض العقلاء من الأوروبيين للوقوف في وجه الظلم والإجحاف الذي لقيه الإسلام في الغرب في القرون الوسطى، وظهرت بعض المؤلفات العامة المعتدلة عن الإسلام والحضارة الإسلامية، وحل محل الآراء التي تبناها اللاهوتيون حتى ذلك الوقت والتي تمثلت في وصف محمد صلى الله عليه وسلم بأنه شيطان ، وفي وصف القرآن الكريم بأنه مزيج من اللغو الباطل ـ حل محلها آراء أخرى أقل عنفاً وأقرب إلى الاعتدال والإنصاف للإسلام والمسلمين . 
ومن بين الأمثلة على ذلك ( ريتشا رد سيمون (Richard Simon فقد تناول في كتابه ( التاريخ النقدي لعقائد وعادات أمم الشرق ) ـ 1684م عادات وعقائد المسلمين في وضوح واتزان مستنداً في عرضه لها على مرجع لأحد علماء المسلمين، مبدياً تقديره وإعجابه بالعادات الإسلامية. وقد اتهمه (أرنو Arnould ) بأنه كان في حديثه عن الإسلام موضوعياً أكثر من اللازم ، فنصحه سيمون بأن يتأمل التعاليم الأخلاقية الرائعة للأخلاقيين الإسلاميين . 
وكان الفيلسوف بيير بايل Pierre Bayle من المعجبين بالتسامح الإسلامي ، وقد ظهر أثر ذلك في عرضه لحياة محمد صلى الله عليه وسلم في قاموسه التاريخي والنقدي الذي ظهرت طبعته الأولــى في روتردام عام 1697م.أما( سيمون أوكلي Simon Ockley) [ 1678 ـ 1720 م] فإن كتابه تاريخ السراسنة ( أي العرب المسلمين ) يعد نسبياً غير متحيز، وقد مجد في هذا الكتاب الشرق الإسلامي ورفعه فوق الغرب( .
وتعد هذه الأمثلة المشار إليها أمثلة رائدة في الاتجاه الجديد نحو الفهم الصحيح للإسلام. أما أول المحاولات العلمية الجادة للتعرف على الإسلام فقد كانت على يد ( هادريان ريلاند Hadrian Reland ) [ ت 1718 م] أستاذ اللغات الشرقية في جامعة أوترشت بهولاندا. فقد صدر كتاب باللغة اللاتينية عن الإسلام عام 1705م بعنوان ( الديانة المحمدية) في جزأين : عرض في أولهما العقيدة الإسلامية معتمداً على مصادر بالعربية واللاتينية . وفي الجزء الثاني قام بتصحيح الآراء الغربية التي كانت سائدة حينذاك عن تعاليم الإسلام. وقد أثار الكتاب اهتماماً عظيماً لدرجة أدت إلى إثارة الشبهات حول المؤلف بإتهامه بأنه يريد القيام بعمل دعائي للإسلام، في حين أنه لم يكن يقصد إلا الوصول إلى فهم الدين الإسلامي فهماً صحيحاً ممهداً بذلك السبيل إلى محاربته من جانب النصرانية بطريقة أفضل من ذي قبل. 
ولكن الكنيسة الكاثوليكية أدرجت الكتاب في قائمة الكتب المحرم تداولها. وعلى الرغم من ذلك ترجم الكتاب إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية والإسبانية. ويشير ريلا ند في مقدمة الكتاب إلى ما تتعرض له كل الأديان باستمرار من جانب خصومها، إما بعدم فهمها أو برميها بكل سوء بطريقة تنبىء عن قصد خبيث. وقد تعرض الإسلام إلى مثل ذلك من جانب خصومه مثلما تعرضت الأديان الأخرى. ويقول ريلاند : ( إن المرء يصح له حقاً أن يبحث عن الحقيقة حيثما كانت ). ولهذا يريد أن يعرض الإسلام لا كما يظهر من خلال ضباب الجهل وخبث الناس ، وإنما كما يدرس حقيقة في مساجد المسلمين ومدارسهم. فلم يحدث أن تعرض دين من الأديان في هذا العالم في أي عصر من العصور إلى مثل ما تعرض له الإسلام من جانب خصومه من الاحتقار والتشويه والوصف بكل أوصاف السوء. وقد وصل الأمر إلى حد أن من يريد أن يصف نظرية من النظريات بوصف مشين، يصفها بأنها نظرية محمدية.. كما لو كان الأمر أنه لا يوجد في تعاليم محمد شيء صحيح، وأن كل ما فيها فاسد. وإذا أبدى أحد رغبة صادقة في التعرف على الإسلام لا تقدم له إلا الكتب المضادة الخبيثة والمليئة بالضلالات. ويضيف ريلا ند قائلاً : 
( .. ينبغي على المرء بدلاً من ذلك أن يتعلم اللغة العربية وأن يسمع محمداً نفسه وهو يتحدث في لغته، كما ينبغي على المرء أن يقتني الكتب العربية وأن يرى بعينيه هو وليس بعيون الآخرين، وحينئذ سيتضح له أن المسلمين ليسوا مجانين كما نظن. فقد أعطى الله العقل لكل الناس. وقد كان في رأيي دائماً أن ذلك الدين الذي انتشر انتشاراً بعيداً في آسيا وأفريقيا، وفي أوروبا أيضاً ليس ديناً ماجناً أو ديناً سخيفاً كما يتخيل كثير من المسيحيين ) . 
وبعد ذلك يقول ريلا ند : 
(.. صحيح أن الدين الإسلامي دين أسيىء جداً وضار بالمسيحية إلى حد بعيد . ولكن، أليس من حق المرء لهذا السبب أن يبحثه ؟ ألا ينبغي للمرء أن يكتشف أعماق الشيطان وحيله إن الأحرى هو أن يسعى المرء للتعرف على الإسلام في حقيقته لكي يحاربه ؟ بطريقة أكثر أماناً وأشد قوة ) . 
ونعتقد أن عبارات ريلاند الأخيرة هذه لم تنجه من بطش الكنيسه التي لم تقتنع بهذه المبررات، فحرمت تداول الكتاب لأنها لم تكن تريد للحقيقة أن ترى النور حتى يطلع عليها جمهور الناس . 
وقد شهد القرن الثامن عشر أيضاً أنموذجاً آخر رائداً في عالم الاستشراق الألماني ممثلاً في ( يوهان ج . رايسكه J0J Reiske ) [ 1716 ـ 1774 م ] الذي كان واحداً من عباقرة علماء العربية في عصره، وأول مستشرق ألماني جدير بالذكر، وإليه يرجع الفضل في إيجاد مكان بارز للدراسات العربية في ألمانيا. ولكن عصره ومعاصريه تجاهلوه وحاربه رجال اللاهوت متهمينه بالزندقة، ولعل ذلك يرجع إلى موقفه الإيجابي من الإسلام .. فقد امتدح الدين الإسلامي في كتاب له باللاتينية، ورفض وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب أو التضليل، أو وصف دينه بأنه خرافات مضحكةـ كما كان ذلك سائداً حينذاك ـ ، كما رفض تقسيم تاريخ العالم إلى تاريخ مقدس وتاريخ غير مقدس، ووضع العالم الإسلامي في قلب التاريخ العالمي. وفوق ذلك عبر عن آرائه بأعظم قدر من الصراحة، غير مكترث بكل العواقب المترتبة على ذلك. وقد جر عليه ذلك ويلات كثيرة ، وعاش طول حياته في ضائقة مالية، ومات بائساً مسلولاً وهو في الثامنة والخمسين من عمره . 
وقد قال عنه ( فوك ) : 
( لقد أصبح شهيد الأدب العربي، وصارت حياته تاريخاً لتلك الآلام التي سجلها في مذكراته .. وقد كان من المخجل أن أحداً من الرجال البارزين ( في عصره ) لم يعرف الأهمية الفائقة لهذا الرجل العبقري الذي كان واحداً من أعظم علماء العربية .
ولكن هذه الأمثلة من المحاولات الجادة في التعرف على الإسلام عن قرب وبلا أحكام سابقة لم تستطع أن ترسخ في الفكر الأوروبي تياراً عاماً، ولم تستطع بالتالي أن تقضي تماماً على الصورة المشوهة للإسلام في أذهان الأوروبيين بصفة عامة ، تلك الصورة التي رسختها القرون الوسطى في الأذهان والتي لا تزال آثارها عالقة بالعقول حتى اليوم. فقد بقيت الصورة في إطارها العام على مر العصور كما هي، وإن حدث فيها بين الحين والحين ـ بفضل بعض الظروفـ بعض التعديل في الظلال والألوان ( والرتوش ) الخفيفة. والدليل على ذلك هو أن صورة الإسلام في أذهان الأوروبيين لا تزال حتى اليوم صورة مشوهة بعيدة عن الحقيقة . 
ولسنا ننكر أن الاستشراق في ذلك العصر بدأ يتخفف من أثقال اللاهوت وأن حدة الاتهامات ضد الإسلام قد خفت عن ذي قبل، كما أعيد النظر في الاتهامات السابقة، ولكن الانفتاح الفكري كان في محصلته النهائية محدود الأثر، وإن كان من وجهة نظر مكسيم رودنسون يمثل تحولاً كبيراً. وفي هذا الصدد يقول : 
( .. والواقع أن القرن الثامن عشر كان ينظر إلى الشرق الإسلامي نظرة أخوية متفهمة. وقد مكنت الفكرة القائلة بتساوي المواهب لدى جميع الناس ـ والتي ساعد على انتشارها تفاؤل يفيض بالحيوية كان هو الدين الحقيقي لذلك العصرـ مكنت الناس من القيام بدراسة نقدية للتهم التي وجهتها العصور السابقة إلى العالم الإسلامي.. ففي عصر التنوير أصبح المسلمون يعتبرون أناساً مثل غيرهم، وكثير منهم كانوا يفضلون على الأوروبيين )  . 
وإذا سلمنا بما يقوله رودنسون في هذا الصدد فإنه هو نفسه لا ينكر أن تلك النظرة التي يتحدث عنها تحولت فيما بعد إلى نظرة أسوأ من ذي قبل، وفي ذلك يقول : 
( وفي القرن التاسع عشر كان الشرق الإسلامي لا يزال عدواً ولكنه عدو محكوم عليه بالهزيمة، وكانت البلاد الشرقية أشبه بالشهود المنهارين لماض عريق . 
فقد كان المرء يستطيع أن يستمتع بترف امتداحهم في الوقت الذي فيه السياسيون ورجال الأعمال يفعلون كل ما في وسعهم للإسراع في انهيارهم. ولم يكن إمكان صحوهم ولحاقهم بالعصر الحديث يثير أية حماسة، بل إنهم يفقدون في خلال عملية تحديثهم نكهة الغرابة التي كانت مبعث سحرهم.
وقد أدى ذلك إلى تغيير في نظرة الغربي إلى الشرقي، إذ أصبح الشرقي في نظر الغربي في القرن التاسع عشر ـ كما يقول رودنسون أيضاًـ : 
(.. مخلوقاً مختلفاً بعد أن كان في ظل أيديولوجية الثورة الفرنسية إنساناً قبل كل شيء أصبح الآن سجين خصوصيته وموضوعاً للثناء الذي يمن به عليه بعضهم). 
وهكذا بعد أن كانت النظرة الأوروبيةـ التي كانت توجهها الأيديولوجية العالمية للعصرـ تحترم غير الأوربيين وتحترم ثقافاتهم، أصبحت الآن _ في القرن التاسع عشر ـ نظرة متعالية متغطرسة، وظهرت نظريات تقسم الشعوب إلى أجناس راقية وأجناس مختلفة، فالأولى شعوب آرية والثانية شعوب سامية، وانبرى(رينان) ومن سار على نهجه من المستشرقين والمفكرين الأوروبيين لبيان ما يزعمونه من خصائص للآريين صناع الحضارة وحملة الإبداع الخلاق، والساميين السطحيين في تفكيرهم وفلسفاتهم) . 
ونكتفي الآن بهذا القدر من الاستطراد حول هذه النقطة لنستكمل الحديث عن تطور الاستشراق في العصر الحديث. ولنا عودة للحديث مرة أخرى عن النظرة الغربية للشرق الإسلامي عند الحديث عن صلة الاستشراق بالاستعمار .