- تعد إنجلترا  مهد النظام البرلماني وعرف نشأة الحل كحق ملكي خالص وتطور إلى الحل الوزاري
- أخذت بحق الحل عن انجلترا الدساتير البرلمانية المختلفة بصفة عامة.. ومصر من أولى الدول التي أخذت به في دستور 1923م في المادة 38: «للملك حق حل مجلس النواب»
- حق حل البرلمان أثار اعتراضات لأنه يخالف مبادئ الفصل بين السلطات وسيادة الأمة التي انتخبت المجلس النيابي.. إلا أن هذا لم يمنع من شيوع الأخذ بهذا الحق

 
الصحافة لها دور لا غنى عنه في تثقيف القراء وتبصير الرأي العام، وهو دور اساسي تمارسه الصحافة جنبا الى جنب مع دورها الرئيس وهو نقل الأخبار إلى متلقيها الذي يعد هدفا أساسيا ضمن أهداف أخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم.. وسيظل للصحافة رسالتها الخالدة بنشر الاخبار والمعلومات و تثقيف قرائها وخلق الوعي السياسي بين افراد المجتمع.
وفي هذا الاطار، تخصص “ الوسط «تلك الزاوية» نحو وعي برلماني “ لتثقيف القاريء العزيز ثقافة برلمانية تساعده على فهم طبيعة عمل مجلس الامة وبيان اختصاصاته العديدة وتتناول مختلف القضايا البرلمانية من منظور الدستور واللائحة الداخلية للمجلس. ونشرت « الوسط « في أعداد سابقة دراسات اعدتها ادارة البحوث و الدراسات بمجلس الامة عن الاختصاص المالي والسياسي والتشريعي للمجلس فضلا عن دراسات أخرى تتناول مختلف القضايا البرلمانية.
 
واليوم ننشر الحلقة «32 « من سلسلة « نحو وعي برلماني « وتتضمن اعادة نشر اجزاء من دراسة أعدتها إدارة الدراسات والبحوث بمجلس الامة بعنوان « حالات حل مجلس الامة « وصدرت في العام 2007 . ونص الدراسة كالتالي :
 حالات حل مجلس الامة
مقدمة
 التوازن بين البرلمان والحكومة من المبادئ الدستورية المستقرة في العديد من النظم البرلمانية الغربية والعربية، وهذا التوازن قائم على حقين، حق البرلمان في سحب الثقة من الحكومة، وحق الحكومة في حل البرلمان، واستعمال هذين الحقين يحتاج إلى مرونة ومهارة حتى لا يتغلب أحدهما على الآخر، الأمر الذي يؤثر سلبا على نظام الحكم، فإذا أسيء استعمال حق سحب الثقة أصبحـــت الحكومة ضعيفة وعاجزة عن مواجهة المهام الملقاة على عاتقها، وإذا أسيئ حق الحل أصبحت الحكومة هى السلطة المطلقة وتحول البرلمان إلى مظهر فقط للديمقراطية.
فالنظام البرلماني يتميز بأن لكل من الحكومة والبرلمان قبل الآخر وسائل تأثير متعادلة كفيلة بتحقيق التوازن بينهما، وأهم هذه السبل وأعظمها تحقيقا لهذا التوازن هو حق الحكومة في حل المجلس النيابي مقابل حق الأخير في محاسبة الحكومة، ولو سلب هذا الحق من الحكومة لغدت ضعيفة أمام البرلمان.
 وحق الحل هو أخطر أسلحة الحكومة في مواجهة البرلمان، لكونه ينهي المجلس النيابي قبل الميعاد المقرر له دستوريا.
 وحل البرلمان إما أن يكون رئاسيا أو ملكيا وهى الصورة الأولى للحل من الناحية التاريخية وأول ما ظهرت في انجلترا ويمارسه رئيس الدولة بناء على رغبته دفاعا عن سياسته وآرائه إثر خلاف يثور فيما بينه وبين البرلمان، وإما أن يكون حلا وزاريا يستعمل بناء على طلب الوزارة ورغبتها إثر نزاع ينشب بينها وبين البرلمان.
 وقد أثبتت التجربة العملية في البلاد التي تطبق النظام البرلماني أن مجرد التلويح باستعمال حق الحل، يجعل أعضاء البرلمان يفكرون في نتائج الحــل نفسه من فقدهم لمقاعدهم في البرلمان، وخوضهم لمعركة انتخابية جديدة، تتطلب كثيرا من الجهد والمال وغير مضمونة العواقب، وذلك مما يدفعهم إلى الروية في مواجهة الحكومة كلما ثارت أزمة بينها وبينهم، ومن هنا جاء القول بأن حق الحل وجد لكي لا يستعمل، ذلك أنه غالبا ما يكون مجرد التلويح به مغنيا عنه. ودستور الكويت الذي يميل إلى منطق النظام البرلماني - حفظ التوازن بين الحكومة ومجلس الأمة - قد أعطى لمجلس الأمة الحق في سحب الثقة من الوزير منفردا كما قرر له حق تقرير عدم امكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي ينتهي في جوهره إلى مثل ما ينتهي إليه سحب الثقة من الوزارة كلها، ومقابل ذلك أعطى للسلطة التنفيذية حق حل مجلس الأمة وقد ورد ذلك في المادتين 102، 107 من الدستور وقد حل مجلس الأمة في دولة الكويت مرتين الأولى عام 1976م، والثانية عام 1986م.
 حق الحل
 حق الحل سمة أساسية من سمات الأنظمة البرلمانية في مقابل حق البرلمانات في سحب الثقة من الحكومة، وهو حق يعطي السلطة التنفيذية الوسيلة لابتسار حياة المجالس النيابية قبل موعدها الطبيعي، فهو بمثابة وضع نهاية للفصل التشريعي قبل الموعد العادي الذي حدده الدستور.
 ونتناول حق الحل بالتفصيل في ثلاثة فصول :
الفصل الأول: مفهوم الحل.
الفصل الثاني: تاريخ الحل.
الفصل الثالث: أنواع الحل.
الفصل الأول - مفهوم الحل : حل البرلمان هو إنهاء حياة المجلس النيابي قبل موعدها الطبيعي، فهو بمثابة إقالة جماعية لكافة أعضاء البرلمان.
وبالرجوع إلى الدساتير العربية نجد أنها عرفت حق الحل وأقرته في دساتيرها، ولعلنا نذكر منها دستور جمهورية مصر العربية الذي أورد حق الحل في المادة 136 التي نصت على أنه : < لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب إلا عند الضرورة، وبعد استفتاء الشعب، ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بوقف جلسات المجلس، واجراء الاستفتاء خلال ثلاثين يوما، فاذا أقرت الأغلبية المطلقة لعدد من أعطوا أصواتهم للحل، أصدر رئيس الجمهورية قرارا به، ويجب أن يشتمل القرار على دعوة الناخبين لاجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب في ميعاد لا يجاوز ستين يوما من تاريخ اعلان نتيجة الاستفتاء، ويجتمع المجلس الجديد خلال الايام العشرة التالية لاتمام الانتخاب <، وفي دستور سوريا ورد النص على الحل في المادة 106 على النحو التالي :
1- لرئيس الجمهورية أن يحل مجلس الشعب بقرار معلل يصدر عنه، وتجرى الانتخابات خلال تسعين يوما من تاريخ الحل
2- لا يجوز حل مجلس الشعب أكثر من مرة لسبب واحد <. وفي دستور الأردن ورد في المادة 34 التي نصت على أن : < للملك أن يحل مجلس النواب <. وفي دستور الجزائر ورد في المادة 163 التي نصت على أن : < لرئيس الجمهورية أن يقرر في اجتماع يضم الهيئة القيادية للحزب والحكومة، حل المجلس الشعبي الوطني أو اجراء انتخابات مسبقة له تنظم الانتخابات التشريعية الجديدة في ظرف ثلاثة أشهر>. وفي دستور المغرب ورد في الفصل رقم 27 الذي نص على أن : < للملك حق حل مجلس النواب بظهير شريف طبق الشروط المبينة بالفصلين 70 و 72 من الباب الخامس>. وفي دستور اليمن ورد في المادة 90 التي نصت على أن : < يحل مجلس الشعب الأعلى بعد قرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضائه ويقدم طلب مناقشة حله من ثلث أعضائه على الأقل، أو من مجلس الرئاسة>. وفي دستور السودان ورد النص في المادة 108 التي نصت على أن : < يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب بعد التشاور مع رئيس المجلس إذا رأى أن المصلحة العامة تقتضي ذلك وأن الظروف تحتم اللجوء من جديد إلى الناخبين، على أن يتضمن قرار الحل دعوة الناخبين لإجراء انتخابات جديدة تتم في ميعاد لا يتجاوز ستين يوما من تاريخ اعلان الحل، وينعقد المجلس في مدة لا تزيد على خمسة عشر يوما من تاريخ اعلان نتيجة انتخابه، ولا يجوز لرئيس الجمهورية حل المجلس الجديد خلال سنة من تاريخ انتخابه <وفي دستور دولة الإمارات العربية المتحدة ورد في المادة 88 التي نصت على أن : < يجوز بمرسوم يصدره رئيس الاتحاد بموافقة المجلس الأعلى للاتحاد، حل المجلس الوطني الاتحادي، على أن يتضمن مرسوم الحل دعوة المجلس الجديد للانعقاد في أجل لا يتجاوز ستين يوما من تاريخ مرسوم الحل، ولا يجوز حل المجلس مرة أخرى لنفس الأسباب <. وفي دستور دولة البحرين ورد في المادة 65 التي نصت على أن : < للأمير أن يحل المجلس الوطني بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، ولا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا حل المجلس، وجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، فان لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة، يسترد المجلس المنحل كامل سلطاته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد <.
ويلاحظ من استعراض دساتير الدول العربية أن حل المجلس النيابي يكون بقرار من رئيس الدولة أميرا أو ملكا أو رئيسا للجمهورية.
 الفصل الثاني : تاريخ الحل
تعد انجلترا هى مهد النظام البرلماني، وقد عرف نشأة حق الحل في انجلترا، وكان حقا ملكيا خالصا، أي يستعمله الملك بمحض ارادته وبناء على تقديره هو دون قيد أو شرط، ثم تطور الأمر إلى أن صار حق الحل حقا وزاريا أي لا يستعمل إلا بناء على طلب الوزارة، وأصبح رئيس الوزراء هو الذي يطلب من رئيس الدولة حل البرلمان <مجلس العموم> وإجراء انتخابات جديدة للوقوف على رأي الشعب صاحب السيادة الأصلي في بعض القضايا.وقد أخذت بحق الحل عن انجلترا الدساتير البرلمانية المختلفة بصفة عامة رغم ما أثاره هذا الحق من اعتراضات، فقد قيل أنه يخالف مبدأ الفصل بين السلطات، منافيا لمبدأ سيادة الأمة التي انتخبت المجلس النيابي، لأنه يقضي على هذا المجلس قبل الميقات الذي حدده الدستور، إلا أن هذه الاعتراضات جميعا لم تمنع من شيوع الأخذ بهذا الحق.
في فرنسا لم تنص الدساتير الأولى للثورة الفرنسية على حق الحل، إلا أن هذا الحق بدأ في الظهور منذ سنة 1814م، وتأكد من الدساتير اللاحقة مع وضع بعض ضماناته، واستعمل حق الحل <رئاسيا> مرة واحدة في ظل دستور 1875م وكان ذلك في سنة 1877م، ولكن ذلك الحق هجر استعماله بعد ذلك حتى عام 1940م، وقد نص دستور 1946م، 1958م على حق الحل والمستقر الآن أن حق الحل هو حق وزاري أي أن رئيس الدولة يستعمله بناء على طلب الوزارة.
وبالنسبة للدول العربية كانت مصر من أوائل الدول التي أخذت بحق الحل وذلك في دستور 1923م الذي أورد في المادة 38 منه : <للملك حق حل مجلس النواب».