- اللوائح التفويضية تجد سندها التشريعي في المذكرة التفسيرية عند تعليقها على المادة 50 من الدستور بينما لوائح الضرورة تجد سندها في  المادة 71 من الدستور
- مبدأ الفصل بين السلطات جوهر النظام الديمقراطي ولا تقوم لهذا النظام قائمة بدونه وأخذت الكويت بالنظام الديمقراطي وذلك وفق المادة «6»  من الدستور

الصحافة لها دور لا غنى عنه في تثقيف القراء وتبصير الرأي العام، وهو دور اساسي تمارسه الصحافة جنبا الى جنب مع دورها الرئيس وهو نقل الأخبار إلى متلقيها الذي يعد هدفا أساسيا ضمن أهداف أخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم.. وسيظل للصحافة رسالتها الخالدة بنشر الاخبار والمعلومات و تثقيف قرائها وخلق الوعي السياسي بين افراد المجتمع. 
وفي هذا الاطار، تخصص “ الوسط “ تلك الزاوية “ نحو وعي برلماني “ لتثقيف القاريء العزيز ثقافة برلمانية تساعده على فهم طبيعة عمل مجلس الامة وبيان اختصاصاته العديدة وتتناول مختلف القضايا البرلمانية من منظور الدستور واللائحة الداخلية للمجلس. ونشرت « الوسط « في أعداد سابقة دراسات اعدتها ادارة البحوث و الدراسات بمجلس الامة عن الاختصاص المالي والسياسي والتشريعي للمجلس فضلا عن دراسات أخرى تتناول مختلف القضايا البرلمانية.واليوم ننشر الحلقة «30 « من سلسلة « نحو وعي برلماني « وتتضمن دراسة لإدارة الدراسات والبحوث بمجلس الامة بعنوان « اللوائح التفويضية « من إعداد الباحث القانوني نقا المطيري و إشراف المستشار بمجلس الأمة د. عبدالقادر عثمان وصدرت في مايو 2000 م، ونصها كالتالي:
 
مقدمة
مبدأ الفصل بين السلطات جوهر النظام الديمقراطي، إذ لا تقوم لهذا النظام قائمة بدونه، وقد أخذت الكويت بالنظام الديمقراطي وذلك وفق المادة (6) من الدستور التي تنص على أن <نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا..>، وبجوهر هذا النظام ألا وهو فصل السلطات وذلك وفق المادة (50) من دستور الكويت التي تنص على أن <نظام الحكم يقوم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور، وعلى أنه لا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور>، ونتيجة طبيعية لهذا اختص الدستور السلطة التشريعية بإقرار القوانين وذلك في المادة (79) منه التي نصت على أنه <لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير>.
والأصل أن تباشر كل سلطة اختصاصها بنفسها، وفقا للدستور الذي أنشأ تلك السلطات وحدد لها اختصاصاتها، وأن تباشر كل سلطة اختصاصها على أنه واجب عليها وليس حقا شخصيا أو امتيازا تملكه، وتستطيع أن تتصرف فيه أو توكل غيرها في القيام به.
إلا أنه استثناء من هذا الأصل فقد أجاز دستور دولة الكويت للسلطة التنفيذية أن تصدر مراسيم بقوانين تسمى بمراسيم الضرورة أو لوائح الضرورة في غياب مجلس الأمة عندما تواجهها ضرورة توجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، كما تصدر السلطة التنفيذية مراسيم تفويضية أو لوائح تفويضية في وجود مجلس الأمة وفي غيابه - كما في لوائح الضرورة - ومن هنا كانت خطورتها، لذلك أحيطت بقيود تمارس في حدودها.
وقد انتشرت اللوائح التفويضية في كثير من دول العالم عقب الحرب العالمية الأولى التي خلفت وراءها مشكلات اجتماعية واقتصادية معقدة، لم يكن من المجدي للتغلب عليها اللجوء إلى التشريعات البرلمانية بما تتسم به من بطء وتعقيد ومناورات حزبية، لهذا اضطرت البرلمانات في كثير من البلاد إلى إصدار قوانين تخول بها السلطة التنفيذية أن تشرع في أمور محددة كثيرة بمراسيم تفويضية وهي قرارات لها قوة القانون، وذلك لكون تلك اللوائح التفويضية تضع حلولا تحمل الشعب كثيرا من التضحيات، لذلك آثرت تلك البرلمانات الاستتار خلف السلطة التنفيذية لتحملها مسئولية تلك التضحيات.
ونتناول في هذه الدراسة بحث اللوائح التفويضية في أربعة مباحث :
المبحث الأول : تعريف اللوائح التفويضية.
المبحث الثاني : اللوائح التفويضية ولوائح الضرورة.
المبحث الثالث : اللوائح التفويضية في الدساتير العربية.
المبحث الرابع : اللوائح التفويضية في الكويت.
المبحث الأول
تعريف اللوائح التفويضية
اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية تنقسم إلى قسمين رئيسين وفقا لظروف الالتجاء إليها، فهناك لوائح تصدرها في الأوقات العادية وهذه اللوائح تلجأ إليها السلطة التنفيذية بكثرة، وهناك لوائح استثنائية لا تصدرها السلطة التنفيذية إلا في حالات الضرورة.
المطلب الأول
لوائح الظروف العادية
يمكن القول أن اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية في الظروف العادية نوعين لوائح تنفيذية ولوائح مستقلة بذاتها.
أولا : اللوائح التنفيذية :
هي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية لتنفيذ الأحكام التي يتضمنها القانون، وهي بذلك تعد الصورة الأصلية للوائح لأنها تحقق حكمة منح السلطة التنفيذية الحق في إصدار اللوائح، فالقانون يقتصر عمله على وضع المبادئ العامة، والسلطة التنفيذية بحكم اتصالها المستمر بالجمهور أقدر على تعريف التفصيلات اللازمة لوضع هذه المبادئ العامة موضع التنفيذ، ولهذا نجد أن سلطة إصدار اللوائح التنفيذية مسلم بها للإدارة في جميع الدول، وقد جرى العمل في كثير من الأحيان على أن يدعو البرلمان السلطة التنفيذية إلى إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ قوانين معينة، والحقيقة أن معظم القوانين التي يتطلب تنفيذها إصدار لوائح تنفيذية لا تكاد تخلو من هذه الدعوة الصريحة، ويجب ألا نخلط بين هذه الدعوة وبين التفويض الذي قد يصدر من البرلمانات أحيانا للسلطة التنفيذية لكي تشرع عن طريق اللوائح في بعض الأمور، ففي حالة التفويض تستقل الحكومة بالتشريع في مسألة معينة، أما هنا فيقتصر دورها على وضع الشروط اللازمة لتنفيذ قانون قائم.
ثانيا : اللوائح المستقلة : 
إذا كانت اللوائح التنفيذية لا توجد إلا استنادا إلى تشريع قائم، فإن هناك لوائح تصدرها السلطة التنفيذية دون حاجة إلى الاستناد إلى تشريع قائم، ومن ثم فهي تضمن أحكاما مبتدأة، ومن هنا جاءت تسمية تلك اللوائح بالمستقلة، وتصدرها السلطة التنفيذية في حالتي تنظيم المصالح أو المرافق وتسمى اللوائح التنظيمية وحالة الضبط وتسمى لوائح الضبط أو البوليس.
1 - اللوائح التنظيمية : 
توضع هذه اللوائح بقصد تنظيم المرافق العامة وسير العمل في المصالح والإدارات الحكومية، فكلما دعت الحاجة إلى هذا التنظيم قامت به الإدارة عن طريق اللوائح التنظيمية دون حاجة لإصدار تشريع برلماني.
2 - لوائح الضبط أو البوليس : 
تصدرها السلطة التنفيذية بقصد المحافظة على الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة، وهذه اللوائح أخطر من النوع السابق لأنها تتضمن في الغالب عقوبات لمن يخالف أحكامها، ومثالها اللوائح المنظمة للمرور والمنظمة للمحال العامة والخاصة بمراقبة الأغذية.
المطلب الثاني
لوائح الظروف الاستثنائية
قد تجد ظروف في المجتمع لا يمكن مواجهتها باللوائح سالفة الذكر، لذلك زودت السلطة التنفيذية لمواجهتها سلطات استثنائية، ونظرا لكونها استثنائية فقد قيدها الدستور بشروط مفصلة ترد في صلب الدستور عادة، ويقابل هذا التقييد قوة كبيرة لهذه اللوائح يجعلها في قوة القوانين الصادرة من البرلمان، لذلك تستطيع هذه اللوائح أن تعدل أو تلغي قوانين صادرة من البرلمان. 
ولوائح الظروف الاستثنائية تتمثل في نوعين هما لوائح الضرورة ولوائح تفويضية.
أولا : لوائح الضرورة : 
هي لوائح تستلزمها ظروف قاهرة في غيبة البرلمان، ففي تلك الغيبة كان لابد من سلطة تحل محله في إصدار التشريعات حتى يتاح له أن يجتمع ويقرر بشأنها ما يريد، ولما كانت لوائح الضرورة في حقيقتها ممارسة لاختصاص تشريعي، وبالتالي تمثل اعتداء على مبدأ فصل السلطات، فقد حرص المشرع الدستوري على أن يقيدها بشروط تضمن عدم إساءة استعمالها، ولهذا فقد صيغت المادة 71 من دستور دولة الكويت على النحو التالي < إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور، أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.
ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائما، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثار بوجه آخر>.
ثانيا : اللوائح التفويضية :
هي لوائح لها قوة القانون، تصدرها السلطة التنفيذية لتنظيم بعض المسائل التي لا يتناولها إلا التشريع وذلك بتفويض خاص من السلطة التشريعية، وهذه اللوائح التي في قوة القانون تصدر والبرلمان منعقد وليس في غيبة البرلمان كلوائح الضرورة، ومن هنا كانت خطورتها لأن الأصل أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصها بنفسها ونزولها عن جانب من هذا الاختصاصات للسلطة التنفيذية لتمارسه بقرارات يعد تنح لا يتفق ومبدأ فصل السلطات.
المبحث الثاني
اللوائح التفويضية ولوائح الضرورة
المقارنة بينهما تقتضي بيان أوجه الالتقاء وأوجه الاختلاف بينهما وذلك في مطلبين.
المطلب الأول
أوجه الالتقاء بين اللوائح التفويضية ولوائح الضرورة
توجد عدة أوجه للالتقاء بينهما نوضحها في الآتي : 
1 - تلتقي اللوائح التفويضية ولوائح الضرورة في أن كلاهما نقل لاختصاص مقرر أصلا من السلطة التشريعية إلى السلطة التنفيذية. 
2 - إن كلاهما استثناء من الأصل وهو عدم جواز تنازل السلطة التشريعية عن كل اختصاصها أو بعضه للسلطة التنفيذية. 
3 - أن اللوائح التفويضية ولوائح الضرورة تصدر بمراسيم بقوانين. 
4 - إن كلاهما سنده الحقيقي هو حالة الضرورة، التي ورد التعبير عنها بالنسبة للمراسيم بقوانين في المادة 71 من الدستور الكويتي بالقول 
<..إذا حدث.. ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير..>، وورد التعبير عنها بالنسبة للمراسيم التفويضية في المذكرة التفسيرية تعليقا على المادة 50 من الدستور بالقول <.. حيث تقتضي ضرورة استثنائية أن تعهد السلطة التشريعية إلى السلطة التنفيذية بمواجهة أمر هام معين في جملته..>.
المطلب الثاني
أوجه الخلاف بين اللوائح التفويضية ولوائح الضرورة
توجد أوجه خلاف نذكر منها : 
1 - تصدر لوائح الضرورة في حالة عدم انعقاد مجلس الأمة، على وجه التحديد فيما بين أدوار الانعقاد أو في فترة الحل، أما اللوائح التفويضية، فهي قد تصدر ومجلس الأمة منعقد فعلا. ولكنها قد تصدر أيضا وهو غير منعقد إذا ما استطال العمل بالتفويض إلى ما بعد دور الانعقاد، بحيث يغطي الفترة ما بين أدوار الانعقاد.
2 - تصدر لوائح الضرورة دون إذن سابق من مجلس الأمة، أما اللوائح التفويضية فلا تصدر إلا بناء على تفويض سابق منه. 
3 - يتعين عرض لوائح الضرورة على مجلس الأمة خلال أجل معين حدده الدستور، أما عرض اللوائح التفويضية على المجلس فلا يكون ضروريا إلا إذا استلزم ذلك قانون التفويض. 
4 - لا يجوز أن تخالف لوائح الضرورة التقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية، أما اللوائح التفويضية فتستطيع مخالفة هذه التقديرات ما لم يحظر عليها ذلك قانون التفويض. 
5 - اللوائح التفويضية تجد سندها التشريعي في المذكرة التفسيرية عند تعليقها على المادة 50 من الدستور، بينما لوائح الضورة تجد سندها التشريعي في المادة 71 من الدستور.