- حل مجلس الأمة يجب أن يكون بمرسوم تبين فيه أسباب الحل لكي يتسنى لجماهير الشعب الوقوف على أسباب حل مجلسهم الذي انتخبوه
- الدستور اكتفى بالقيد التقليدي بعدم تكرار أسباب الحل ولم ينص على قيد زمني كما بالدستور الفرنسي الذي لا يجيز حل المجلس في غضون السنة التي تلي انتخابات المجلس الجديد
- إذا حل مجلس الأمة وجب إجراء انتخابات المجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل وإلا استرد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية واجتماعه فوراً
الصحافة لها دور لا غنى عنه في تثقيف القراء وتبصير الرأي العام ، وهو دور اساسي تمارسه الصحافة جنبا الى جنب مع دورها الرئيس وهو نقل الأخبار إلى متلقيها الذي يعد هدفا أساسياً ضمن أهداف أخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم .. وسيظل للصحافة رسالتها الخالدة بنشر الاخبار والمعلومات و تثقيف قرائها وخلق الوعي السياسي بين افراد المجتمع .
وفي هذا الاطار ، تخصص “ الوسط “ تلك الزاوية “ نحو وعي برلماني “ لتثقيف القاريء العزيز ثقافة برلمانية تساعده على فهم طبيعة عمل مجلس الامة وبيان اختصاصاته العديدة وتتناول مختلف القضايا البرلمانية من منظور الدستور واللائحة الداخلية للمجلس . ونشرت « الوسط « في أعداد سابقة دراسات اعدتها ادارة البحوث و الدراسات بمجلس الامة عن الاختصاص المالي والسياسي والتشريعي للمجلس فضلا عن دراسات أخرى تتناول مختلف القضايا البرلمانية .
واليوم ننشر الحلقة «24 « من سلسلة « نحو وعي برلماني « وتتضمن الجزء الثاني من دراسة أعدتها إدارة الدراسات والبحوث بمجلس الامة بعنوان « حالات حل مجلس الامة « وصدرت في العام 2007 :
الباب الثاني
حالات حل مجلس الأمة وفقاً للدستور
النظام البرلماني يتميز بأن لكل من الحكومة والبرلمان قبل الآخر وسائل تأثير متعادلة كفيلة بتحقيق التوازن بينهما ، وأهم هذه الوسائل وأعظمها تحقيقاً لهذا التوازن هو حق الحكومة في حل المجلس مقابل حق الأخير في محاسبة الوزارة وسحب الثقة منها ، إذ لو اقتصر الأمر على مسئولية الحكومة أمام البرلمان دون حقها في حله ، لغدت الوزارة ضعيفة أمام البرلمان .
ودستور الكويت الذي أخذ بالنظام الديمقراطي وكان أكثر ميلاً للنظام البرلماني ، وهذا ما أوضحته المذكرة التفسيرية للدستور عندما قررت ‘... اقتضى الحرص على وحدة الوطن واستقرار الحكم أن يتلمس الدستور في النظام الديمقراطي الذي تبناه طريقاً وسطاً بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف أكبر نحو أولهما لما هو مقرر أصلاً من أن النظام الرئاسي إنما يكون في الجمهوريات ، وإن مناط قيامه كون رئيس الدولة منتخباً من الشعب ومسئولاً امامه بل وأمام ممثليه ، كما أريد بهذا الانعطاف ألا يفقد الحكم طابعه الشعبي في الرقابة البرلمانية ...’ ، أخذ هذا الدستور بحق الحل ، ويعد حق حل مجلس الأمة أخطر سلاح تملكه الحكومة في مواجهة المجلس ، ذلك أنه لا يؤثر في جلسات المجلس فحسب كما هو الحال في تأجيل اجتماعات المجلس ، ولكنه ينهي العضوية بالنسبة لكافة أعضائه لأنه ينهي الفصل التشريعي ذاته قبل انقضاء الفترة الدستورية المقررة له .
ونوضح فيما يلي كيفية تنظيم المشرع الدستوري الكويتي لحق السلطة التنفيذية في حل مجلس الأمة .
قرر الدستور الكويتي حق الحل ووضع أحكاماً له ، كما أحاط هذا الحق بضمانات وذلك على النحو الوارد بأحكام المادتين 102 و107 من الدستور فتنص المادة 102 من الدستور على أن : ‘ لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة ، ولا يطرح في مجلس الأمة موضوع الثقة به ، ومع ذلك اذا رأى مجلس الأمة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة عدم امكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء ، رفع الأمر إلى رئيس الدولة وللأمير في هذه الحالة أن يعفى رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة ، أو أن يحل مجلس الأمة . وفي حالة الحل ، إذا قرر المجلس الجديد بذات الأغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور إعتبر معتزلاً لمنصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن ، وتشكل وزارة جديدة < .
وتنص المادة 107 من الدستور على أن : ‘ للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى ، وإذا حل المجلس وجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل ، فان لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن ، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد> .
ويتبين من هذين النصين أن ثمة أحكاماً وضمانات لحق الحل وذلك على النحو التالي :
1 -إن حل مجلس الأمة يجب أن يكون بمرسوم تبين فيه أسباب الحل لكي يتسنى لجماهير الشعب الوقوف على أسباب حل مجلسهم الذي انتخبوه .
2 -إنه لا يجوز حل مجلس الأمة لذات الأسباب مرة أخرى : وهنا تظهر حكمة أخرى لتسبيب مرسوم الحل ، فمقارنة أسباب مرسوم الحل الأول وأسباب مرسوم الحل الثاني تكشف عن مدى مراعاة السلطة التنفيذية لهذا القيد ، وهذه الضمانة قصد بها تحاشي الحلول المتتالية التي تؤدي إلى إعاقة أداء المجلس لوظيفته أداء طبيعياً ، ويلاحظ هنا أن الدستور اكتفى بهذا القيد التقليدي ولم ينص على قيد زمني كما فعلت بعض الدساتير ومنها الدستور الفرنسي الحالي الصادر عام 1958م الذي نص في مادته 12 على أن : ‘ لا يجوز حل المجلس في غضون السنة التي تلي انتخابات المجلس الجديد < .
3 -إذا حل مجلس الأمة وجب اجراء انتخابات المجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ ، الحل وأوردت المادة جزاء على عدم إجراء الانتخابات خلال تلك المدة وهو استرداد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية واجتماعه فوراً كأن الحل لم يكن واستمراره في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد ، وهذه حماية للمجلس نفسه .
4 -لا يجوز حل مجلس الأمة أثناء فترة اعلان الأحكام العرفية : وذلك ما قررته المادة (181) من الدستور بقولها : ‘.. أثناء قيام الأحكام العرفية لا يجوز بأي حال تعطيل انعقاد مجلس الأمة في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه ‘ ، وهو تعبير عام يشمل التأجيل والحل على السواء ، وقصد بهذه الضمانة حماية مجلس الأمة - الذي يتمتع بصلاحيات رقابية واسعة - في تلك الفترة التي تتسع فيها اختصاصات وصلاحيات السلطة التنفيذية اتساعاً كبيراً.