- اعتمد المنهج اللاشتراكي في حكم البلاد وقام بتأميم جميع المصارف والمصانع الأجنبية
- ارتكب انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان.. وتسبب في اندلاع حرب أهلية في الصومال 
- أعدم مسؤولين في حكومته للاشتباه في تدبيرهم انقلابا فاشلا ضده في عام 1978

 
تميزت فترة حكمه بالاضطهاد وسجن وتعذيب المعارضين السياسيين، نظامه مارس كافة أشكال القمع، وتسببب في اندلاع حرب أهلية في بلاده، ومارس الإرهاب ضد شعبه من أجل الاستمرار في السلطة.
عزز عبادة شخصيته على الطريقة الشيوعية باشراك نفسه مع ماركس ولينين وقام بتعليق صورهم في الشوارع والأماكن العامة، ودعا إلى شكل من أشكال الدمج بين الاشتراكية العلمية ومبادئ الشريعة الإسلامية حتى يجعل نظامه مقبولا محليا.
هو ديكتاتور الصومال محمد سياد بري الذي وصل إلى الحكم عام 1969 من خلال انقلاب عسكري، بعد يوم واحد من اغتيال الرئيس الثاني للصومال عبد الرشيد علي شرماركي.
نظام سياد بري الذي استمر 21 عاما في حكم الصومال كان واحدا من أسوأ سجلات حقوق الإنسان في أفريقيا، بعد أن وضع الحكومة الصومالية في حالة حرب مع الشعب، وارتكب انتهاكات واسعة لحقوق الانسان في المناطق الشمالية للصومال.
ارتكب نظام سياد بري انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان ضد قبيلة اسحاق المتمركزة في المناطق الشمالية وصفتها الأمم المتحدة بـ«إرهاب الدولة» وتعرض السكان والبدو الذين يعيشون في الريف وفي المناطق الحضرية لعمليات القتل والاعتقال التعسفي والاحتجاز في ظروف بائسة، والتعذيب والاغتصاب. كما استخدم نظام بري سلسلة اجراءات عقابية ضد السكان من خلال القيود على حرية التنقل والتعبير واعتماد نمط من الترهيب النفسي، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فقد قتل بين 50 ألفا إلى 60 ألف صومالي بين العامين 1988 و1989». 
وأكدت منظمة العفو الدولية أن نظام بري من خلال جهاز الأمن الوطني اعتمد العديد من أساليب التعذيب التي يرتكبها ومنها «الإعدام والضرب، والصدمات الكهربائية، واغتصاب السجينات، ومحاكاة الإعدام وتهديدات بالقتل.»
 
 
 
بداية النهاية
 
واصل نظام سياد بري سياسته القمعية، وشهدت بلاده سلسلة اضطرابات نتيجة ممارسته، وفي سبتمبر 1970، اعتمدت الحكومة الصومالية قانون الأمن القومي المثير للجدل والذي منح قوات الأمن سلطة الاعتقال والاحتجاز لأجل غير مسمى واستخدم القانون ضد معارضي نظام سياد بري، دون أن يتم تقديمهم للمحاكمة، وأعطى جهاز الأمن الوطني سلطة اعتقال أي شخص مشتبه في ارتكابه جريمة تنطوي على «الأمن القومي» الذي يحظر «أفعال ضد الاستقلال والوحدة أو أمن الدولة»، وكانت عقوبة الإعدام تنفذ على من يتهم بارتكاب تلك الأفعال.
وتقلصت شعبية الديكتاتور سياد بري بسبب أفعاله، وازادادت الأصوات المعارضة لنظامه، وردا على ذلك أسس بري وحدة النخبة «ذو القبعات الحمراء»، وحدات شبه عسكرية أسماها طلائع النصر. 
ونفذ بري حملة إرهاب منظمة ضد قبائل المجارتين، والهوية، وإسحاق، كما نفذ ذوو القبعات الحمراء حملة ممنهجة لمنع المياه عن قبائل المجارتين وإسحاق وقطعانهم بتحطيم خزانات المياه في مناطقهم، فقتل أكثر من 2000 من قبيلة ماجرتين من العطش. 
كما قتل ما يقارب من 5000 من قبيلة اسحاق من قبل الحكومة، كما قامت وحدة طلائع النصر بجرائم اغتصاب في حق أعداد كبيرة من نساء قبيلتي ماجرتين واساق ، وهرب أكثر من 300 الف من قبيلة اسحاق لإثيوبيا.
وارتكب الديكتاتور الاشتراكي سياد بري خطأ كارثيًا حين اقتحم إقليم أوغادين ذات الأغلبية الصومالية في إثيوبيا عام 1977، وبعد فشل الغزو لإثيوبيا، شن نظام بري حملة واسعة للقبض على بعض أعضاء الحكومة ومسؤولين عسكريين للاشتباه في المشاركة في انقلاب فاشل عام 1978.
وقام سياد بري بإعدام معظم الذين الذين أتهموا بمؤامرة الانقلاب فيما تمكن العديد من المسؤولين من الهرب إلى الخارج، وقاموا بتشكيل أول المجموعات المنشقة بهدف محاربة واسقاط نظام سياد بري بالقوة.
وحاول بري تحسين صورته باصدار دستور جديد في عام 1979 والتي بموجبها تم إجراء انتخابات لمجلس الشعب، واستمر بري وحزبه في الحكم منفردا وفي أكتوبر 1980، تم حل الحزب الحاكم، وأعيد تشكيل المجلس الثوري الاعلى بدلا منه وبمرور الوقت، بدأت سلطة المجلس الثوري الاعلى الحاكم تضعف، وأصيب كثير من الصوماليين بخيبة أمل مع الحياة في ظل الديكتاتورية العسكرية. 
وأصيب نظامه بضربة موجعة في عام 1980 مع خمود الحرب الباردة وتضاءل أهمية الصومال الاستراتيجية، وازداد استبداد نظامه على نحو متزايد فيما تناقص الدعم الخارجي، وانتشرت حركات المقاومة المسلحة في الصومال بهدف اسقاط نظامه ومع استمرار نظام سياد بري في الحكم مستخدما أساليب قمعية، انتشرت حركات المقاومة المسلحة في الصومال في منتصف عام 1980، وتلقت هذه الحركات الدعم من اثيوبيا. 
 
 
 
 
نهاية بري
 
وفي نهاية المطاف اندلعت حرب أهلية عام 1991، وسقوط نظام بري وتفكيك الجيش الوطني الصومالي، وظهرت العديد من جماعات المعارضة المسلحة على الساحة وقت لاحق في ظل فراغ السلطة الذي أعقب سقوط نظام سياد بري في الجنوب، منهم وجه الخصوص قادة الفصائل المسلحة الجنرال محمد فارح عيديد وعلي مهدي محمد.
وفر سياد بري من العاصمة الصومالية مقديشو في يناير عام 1991، بقي بري مؤقتا في منطقة غيدو في جنوب غرب البلاد، والتي كانت مركز عشيرته ماريحان.
وأطلق حملة عسكرية للعودة الى السلطة، فحاول مرتين استعادة السيطرة على العاصمة مقديشو، ولكن في مايو 1991 اجبر على الذهاب للمنفى بعد هجمات قادها الجنرال محمد فرح عيديد.
وانتقل بري إلى العاصمة الكينية نيروبي، لكن جماعات المعارضة احتجت على وجوده هناك ودعمه من قبل الحكومة الكينية، وفي استجابة للضغوط والأعمال العدائية، فنتقل بعد ذلك بأسبوعين إلى نيجيريا.
توفي محمد سياد بري في 2 يناير 1995 في لاغوس جراء نوبة قلبية، ودفن في منطقة غيدو في الصومال.
 
 
 
نشأة سياد بري
 
 
ولد محمد سياد بري في مريحان ينتمي إلى قبيلة دارود بالقرب من مدينة شيلابو في أوغادين الإقليم الصومالي من أثيوبيا، توفي والداه وهو في العاشرة من عمره.
بعد تلقيه تعليمه الإبتدائي انتقل بري إلى مقديشو عاصمة الصومال الإيطالي لمتابعة دراسته الثانوية. التحق عام 1940 في الشرطة الاستعمارية الإيطالية ثم انضم بعد ذلك إلى الشرطة الاستعمارية في الإدارة العسكرية البريطانية من الصومال وترقى فيها.
في عام 1950 وبعد أن أصبح الصومال الإيطالي مشمولا بوصاية الأمم المتحدة تحت الإدارة الإيطالية، التحق بري في مدرسة الشرطة اعسكرية في إيطاليا لمدة عامين عاد بعدها إلى الصومال وانضم إلى الجيش وتدرج في المناصب حتى كان نائب قائد الجيش الصومالي عند استقلال الصومال عام 1960. وفي نفس العام اشترك في تدريبات مشتركة مع التحاد السوفيتي تعرف خلالها على المبادئ الاشتراكية والنزعة القومية.
 
إنقلاب 1969
 
 
ترأس سياد المجلس العسكري الذي جاء الى السلطة في انقلاب عام 1969، واعتمد الاشتراكية مبدأ في حكمه، وقام باستنساخ التجربة الصينية في القطاع الزراعي والبنى التحتية.
وقام سياد بري بتأميم جميع المصارف والمصانع الأجنبية التي كانت تعمل في البلاد، واعتمد أيضا الطريقة الجديدة لكتابة اللغة الصومالية باستخدام الأحرف اللاتينية بدلا من العربية. 
حرمت حكومته الولاء للعشيرة في مقابل تقوية الولاء لللسلطة المركزية، ومع ذلك فقد كانت حكومته تعرف محليا بـ (MOD)، اختصارا للعشائرالصومالية الثلاثة: ماريحان “عشيرة محمد سياد بري”، وأوغادين “عشيرة والدة سياد”، ودولباهنته “عشيرة صهر سياد بري”، الذي كانوا أصحاب السلطة الحقيقة في عهده. 
وفي وقت لاحق قوّى سياد بري الخصومات العشائرية لتحويل الرأي العام بعيدا عن نظامه الذي لم يكن يحظى بشعبية، مما مهد لصراعات بين النظام وتلك العشائر.
 
حادث سيارة
 
 
في مايو 1986 تعرضت السيارة التي كانت تقل سياد بري لحادث في إحدى ضواحي العاصمة مقديشو أصيب على إثرها بري بإصابات في الرأس وكسور في الأضلاع ونقل بعد للعلاج إلى أحد مستشفيات السعودية، أثارت تلك الحادثة بالإضافة إلى تقدمه في العمر العديد من التساؤلات حوله من يخلفه في الانتخابات الرئاسية التي كانت ستعقد نهاية العام وكان المنافسون المحتملون في خلافته صهره اللواء أحمد سليمان عبدلي وزير الداخلية، ونائبه الجنرال محمد علي سمتر الذي كان رئيسا بحكم الواقع في فترة غيابه، لكن سياد بري نحج في التعافي بما يكفي لتقديم نفسه كمرشح وحيد للرئاسة، ليتم إعادة انتخابه لسبع سنوات مقبلة.
 
علاقاته بالخارج
 
 
في عهد سياد بري، حاز الصومال على اهتمام كبير عند كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة نظرا لموقعها الاستراتيجي في عند مصب البحر الأحمر وبعد هزيمة القوات الصومالية في الأوغادين طرد بري جميع المستشارين السوفييت، وألغى معاهدة الصداقة مع الاتحاد السوفياتي، وتحول ولاءه للغرب، فحاز على دعم الولايات المتحدة للحكومته ووفرت ما يقرب من 100 مليون دولار سنويا كمساعدات اقتصادية وعسكرية.
في 17 و18 أكتوبر 1977، خطفت مجموعة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين طائرة شركة خطوط الألمانية الغربية رحلة 181، وفي مفاوضات جرت بين مستشار ألمانيا الغربية هلموت شميدت والرئيس بري تم السماح لوحدة مكافحة الإرهاب الألمانية GSG 9 بالدخول إلى مقديشو للافراج عن الرهائن.