- قتل ابنه بسبب توجيه اللوم له وندم على فعلته.. وأحرق مطران الكنيسة حيا
- خاض حروباً لتوسيع الأراضي الروسية وجعل منها إمبراطورية مترامية الأطراف
- استخدم القمع والتنكيل لخصومه وعهده شهد عمليات اغتصاب وقتل جماعي للنساء الارستقراطيات

اختلفت النهايات بالنسبة للطغاة، فمنهم من قتل ومنهم من هرب ومنهم توفي وأفلت من عقاب الدنيا، إلا أن التاريخ يظل يذكر بشاعة حكمه وجبروته ليصبح عبرة لمن بعده بأن الشعوب لا تنسى حكامها الطغاة على مر التاريخ.
أحد هؤلاء الطغاة كان ايفان الرهيب، أحد أكثر الديكتاتورين شراسة، ووصف بأنه كان واحد من أشرار التاريخ، لولعه الشديد بفنون التعذيب والتنكيل وقتل خصومه وحتى أقرب الناس له لم يسلموا من شره.
بدأ حكمه لروسيا مبديا رغبته في إصلاح شؤون البلاد، إلا أنه تحول سريعا إلى ديكتاتور، أثار الرعب في نفوس الشعب، فكانت طريقته المفضلة في التعذيب هي تهشيم الأرجل قبل أن تلقى الضحايا في الثلج أو جعلهم يزحفون قبل أن يطلبوا الرحمة.
 
 
 
 
وعلى الرغم من حقبته المليئة بالدموية، إلا أنه نهاية “ايفان الرهيب” كانت بسبب مرض غريب، احتار الأطباء والعلماء في تشخيصه، وفشلوا في إيجاد دواء له وظل الحاكم الديكتاتور الذي ظن أنه امتلك كل شيء يعاني بدون دواء وكانت نهايته من اغرب النهايات ولكنها كانت عبرة وعظمة لمن يتجبر ولا يرحم.
واستمرت معاناة ايفان مدة طويلة جعلته يشعر بالذل والضعف، كما ابتعد عنه كل من كان حوله، بسبب ذلك المرض الذي جعل جسمه يتورم بشكل مقزز جدا، بل وتنبعث منه رائحة كريهة نتتنة.
ومات ايفان 1584 بعد ذلك المرض اللعين وهو يلعب الشطرنج مع بوريس گودونو&<700;، وتناثرت الاشاعات تتهم بوريس بأنه دس له السم، وبعدها بدأت بعده فترة عصيبة خيمت على روسيا لثلاثة عقود تقريبا.
عرف ايفان بلقب الرهيب لانه كان يقمع بقسوة وعنف الثورات التي حدثت ضده، لدرجة أنه ابتكر وسائل جديدة للفتك بمعارضيه كما فعل أشياء قد لا تخطر على بال أحد، كما أقدم على قتل ابنه فى عام 1581
توج إيفان الرهيب أميراً لموسكو عام 1533 وكان في عمره لم يتجاوز الثلاث سنوات، كما توج كأول قياصرة روسيا في العام 1547 وهو في السادسة عشرة من عمره، وأصبح حاكما من عام 1533 وحتى وفاته، ونتيجة لصغر سنه، قام المستشارين المرموقين بمساعدة القيصر في إدارة البلاد في سنين حكمه الأولى، وأعلن إيفان الرابع نفسه قيصراً لأول مرة في تاريخ روسيا واتبع سياسته المتمثلة في مركزية السلطة. 
وشهد عهد ايفان الرهيب السيطره على تاتارستان وسيبيريا، وتحول روسيا إلى مجتمع متعدد الأعراق، بين عامي 1530-1584 خاض القيصر إيفان الرابع حروباً وسٌع على إثرها أراضي روسيا وجعل منها إمبراطورية مترامية الأطراف.
أصبح ايفان الرابع عاهل مملكة موسكوفيا، وهو بعد في الثالثة من عمره، وقد تولى مجلس نبلاء زمام الحكم في سنين حكمه الأولى ، ولكنه تسلم شخصياً مقاليد الأمور سنة 1544 م ، وتوج قيصراً بعد ذلك بثلاث سنوات . وكان لقب القيصر - المقتبس من لفظة قيصر الرومانية - يستعمل للمرة الاولى في روسيا .
 
وسعى ايفان الرابع منذ بداية حكمه إلى تكوين امبراطورية كبيرة من خلال اتباع سياسة توسعية تهدف إلى الربط بين بحر البلطيق وبحر قزوين، دفعته إلى خوض حروبا أدت إلى توسيع الأراضي الروسية ليحقق حلمه ببناء إمبراطورية مترامية الأطراف. 
وفي عام 1552، قام بمحاصرة قازان وإسقاط القبيلة القازانية، وارتكب فيها مجازر جماعية، وفي 1554 تمكن من الاستيلاء على أستراخان، وأصبح بذلك نهر الفولجا قناة روسية بحتة تسهل الوصول إلى بحر قزوين، وكانت البداية للتوسع الروسي إلى ما خلف الأورال.  واحتلت جيوش ايفان سيبيريا في عام 1555، كما سيطر على أرض الباشكير في سنة 1557، وكان الهدف الرئيسي لإيفان هو فتح بولندا والسويد واقامة علاقات مع أوروبا أيضا، إلا انه فشل في حروبه مع بلدان أوروبا وخاصة ليتوانيا وبولندا.
فرض ايفان الرهيب سلطته الشخصية وسلطة عائلته وليس سلطة الدولة، في 1552 استطاع القيصر الروسي، كما أصبحت موسكو في عهده عاصمة لروسيا.
وحكي عن ايفان أنه كان يتعامل بقسوة شديدة مع خصومه ومعارضيه، فقد كانت الطريقة المفضلة له في التعذيب هي تهشيم الارجل قبل أن يلقي بالضحايا في الثلج أو جعلهم يزحفون ويطلبون الرحمة. 
وفي عهده كانت العائلات النبيلة وحتى خدمهم من الاهداف الرئيسية للقمع والتنكيل، وكانت تجرى عمليات اغتصاب وقتل جماعي للنساء الارستقراطيات، وفي بعض الأحيان كانت تباد مجتمعات بأكملها أو يتم التخلص منها بأي شكل من الاشكال.
وفي عام 1553، ارتكب ايفان مجزرة بحق مساعديه أكثر المقربين اليه، جعلته بعد ذلك أكثر وحشية، ولا يثق بأحد كما أصبح موهوسا بالشك والارتياب من إمكانية تعرضه إلى الانتقام بسبب ارتكابه لتلك المجازر.
 
 
 
إيفان يقتل ابنه
وفي عام 1582 أقدم على قتل إبنه، وساهمت هذه الحادثة في تحويل القيصر وحتى نهاية حياته إلى طاغية مستبد، ومسؤول عن ارتكاب عدد كبير من المجازر الوحشية، لذلك سمي بالرهيب.
ويعود سبب الخلاف بين ايفان وابنه الثاني، عندما قام القيصر الروسي بتوجيه اللوم لزوجة ابنه وضربها، لما بدا له من أنها ترتدي ثوباً ينافي الحشمة والوقار، فأجهضت، فما كان من ابن القيصر إلا أن وجه اللوم إلى أبيه، فضرب القيصر ابنه بغضب شديد ومن دون تفكير بالعصا الملكية على رأسه فمات الابن لتوه من أثر الضربة. 
فجن جنون القيصر ندماً على فعلته، وقضى أيامه ولياليه يصرخ صراخاً عالياً من الحزن والأسى، وكان يقدم تنحيه عن العرش صباح كل يوم، ولكن حتى أعضاء المجلس أنفسهم أصبحوا الآن يؤثرونه على أبنائه، وعاش إيفان ثلاث سنين بعد ذلك.
 
 
وحشية ايفان
فى يوم من الأيام انتقده أحد جنوده، فقام القيصر بتعذيبه تعذيب نفسى، بعد أن أمر بجلب زوجة الجندى وجعل عددًا من الرجال يغتصبونها أمام عينيه ثم قتله.
كما كان مولعًا بالنساء الارستقراطيات ومولعًا بمشاهدتهن يغتصبن ويتعذبن على يده ويد جنوده، وأنشأ لهذا الغرض مجموعة خاصة بتعذيب النساء من الأسر النبيلة، وكان يخطف النساء النبيلات حتى من أقاربه أمام أعين أهاليهم، ومن يعترض على أفعال القيصر كان مصيره القتل من دون رحمة، كان يخطف النساء ويغتصبهن مع جنوده ثم يقتلهن بعد أن يقضى وطره منهن.
علاقته بالكنيسة
وفي سنة 1568 وأثناء الصلاة في كنيسة الصعود، رفض مطران موسكو أن يمنح إيفان الرهيب البركة، وطلب القيصر ذلك ثلاث مرات ولكن دون جدوى، ولما سأل أتباعه عن سبب لهذا الرفض، بدأ المطران بذكر جرائم إيفان وفسوقه، فصاح القيصر: «هدئ من روعك وامنحني البركة» فأجاب المطران: «إن سكوتي يوقعك في الخطيئة ويستوجب هلاكك». 
وغادر إيفان الكنيسة دون أن يمنح البركة، وظل المطران شهراً تعروه الدهشة والعجب والقلق، ولكن لم يمس فيه بسوء، وبعدها دخل أحد خدم القيصر الكاتدرائية وقبض على المطران وساقه إلى أحد السجون في تفر، ولا يعلم مصيره علم اليقين، ولكن الكنيسة الروسية تؤيد القول بأنه أحرق حياً، وفي 1652 ضم إلى قائمة القديسين، وبقيت رفاته حتى 1917 موضع إجلال وتبجيل في كنيسة صعود العذراء.
وفي 12 ديسمبر 1564، غادر إيفان موسكو مع أسرته، مع قوة صغيرة من الجنود، وسار إلى مقره الصيفي في اسكندروفسك، وأرسل إلى موسكو بيانين، زعم الأول أن النبلاء والبيروقراطية والكنيسة تآمروا ضده وضد الدولة، وأنه لذلك “مع اشد الأسف” اعتزل الآن العرش، ليعيش في عزلة. 
أما البيان الثاني فقد أكد فيه لشعب موسكو أنه أحبهم وأن لهم أن يبقوا واثقين من نياته الطيبة دوما، والحق أنه نمسك بمحاباة العامة والتجار ضد الأرستقراطية، وقد شهد بذلك ما قامت به الطبقتان الوسطى والدنيا آنذاك، فقد انفجروا يرددون صيحات التهديد ضد النبلاء ورجال الدين، مطالبين بأن يشخص إلى القيصر وفد من الأساقفة والنبلاء، ليرجوه في العودة إلى العرش، وتم ذلك وقبل إيفان “أن يتولى أمر الدولة من جديد”، بشروط يحددها هو فيما بعد.