تعيش الساحة البحثية في الدول الغربية حاليا فيما يمكن وصفه بالاستعداد لإدارة الموقف في اليوم المقبل عقب انتهاء الحرب على غزة ، وتتضمن غالبية النقاشات الصهيونيه حول ترتيبات اليوم التالي للحرب وجوب بقاء قطاع غزة في مجال السيطرة الصهيونية، وبالتالي، يستثني الخيارات التي يمكن أن نصفها بأنها خارطة طريق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويتموضع في المقابل حول أفضل الطرق التي يمكن للكيان الصهيوني من خلالها الاستمرار بـ "إدارة السكان المحتلين". 
 
 
واستنادًا إلى هذا يمكن القول بأن الاقتناع البحثي في بعض الدوائر الغربية لليوم التالي للحرب يتمثل في :
1. وجود فراغ حكومي في إدارة حياة القطاع في أعقاب الإجهاز على قدرات حماس السلطوية.
2. العمل الجدي على إعادة السلطة الفلسطينية وقوات الأمن التابعة لها والعاملة حاليًا فقط في الضفة الغربية إلى قطاع غزة. 
3. يشارك فيما سبق نظام وصاية دولي أو عربي مؤقت تحت رعاية قوات الأمم المتحدة.
4. إعادة إنتاج آليات الاحتلال المباشر، ومن خلالها يلبي الكيان الصهيوني الاحتياجات المدنية لسكان القطاع عبر مجلس عسكري كما كان عليه الوضع قبل إنشاء الإدارة المدنية عام 1981، وهو ما لا تحبذه الولايات المتحدة باعتباره إعادة احتلال ولكن تدفع به بعض من الدوائر في الدولة العبرية بوضوح
5. إنشاء نظام تكنوقراط جديد، غير مسيس، ترأسه شخصيات فلسطينية لها حضور شعبي.
غير أن بعض من النقاط السابقة يواجه كثيرا من الأزمات ومنها مثلا أن الكيان الصهيوني غير مقتنع بالدور الذي يمكن أن تلعبه أو تواجهه السلطة الفلسطينية فحال قيامها بحكم قطاع غزة ، خاصة مع: 
أ‌- اتهام الكيان الصهيوني المتواصل للسلطة الفلسطينية بأنها تقوم بالتحريض عليها
ب‌- الزعم بأن السلطة الفلسطينية لا تمتلك القوة والسيطرة على بعض من المواقع والمناطق في الضفة الغربية ، الأمر الذي يزيد من حساسية التوتر الأمني في الضفة والأهم يزيد من الأعباء الأمنية على الكيان الصهيوني.
ت‌- هناك بالطبع توجه فكري وإعلامي متوقع ، حيث ستتهم السلطة المقبلة التي ستحكم قطاع غزة بالخيانة والعمالة لأنها جاءت على ظهر دبابة صهيونية ، الأمر الذي سيزيد من تعقيد الموقف 
تحديات
 
مع كل ما سبق ، تواجه السلطة المستقبلية في قطاع غزة الكثير من التحديات ، ومنها أن هذه السلطة ستكون مجبرة على التعاطي مع بعض من الملفات وعلى رأسها ملف الدمار الشامل، إذ إن معظم الجزء الشمالي من قطاع غزة لم يعد صالحًا للسكن البشري وسيبقى كذلك لفترة طويلة. 
ولن يتمكن السكان المدنيون من الحصول على الخدمات الصحية الكافية، وستعمل نظم التعليم والصحة والعمالة بصورة جزئية جدًا. من هنا، يتحول الدمار شبه الشامل للقطاع إلى "كلمة السر" التي سوف تحدد من هي الجهة الفلسطينية القادرة فعلًا على إعادة إعمار القطاع وضخ الحياة المدنية فيه من نقطة تكاد تكون قريبة من الصفر. 
هنا، يتحول "الدمار شبه الشامل" إلى أداة إستراتيجية بيد إسرائيل، والتي لا يجب أن تنسحب من القطاع إلا بتوفر شرطين: 
1. وجود سلطة جديدة لا تشكل تهديدًا أمنيًا أو سياسيًا ل الكيان الصهيوني. التهديد المقصود لا يشمل فقط الجانب الأمني-العسكري (مثل وجود بنية للمقاومة المسلحة كما كان الوضع عليه قبل 7 أكتوبر)، وإنما أيضًا عدم وجود "تحريض سياسي" ضد الكيان الصهيوني (مثلا، وجود مناهج تعليم تحريضية، أو تشريعات لاحتضان أهالي الأسرى والشهداء كما هو معمول به حاليًا في الضفة الغربية).
2. تخلي السلطة الجديدة عن السيادة الأمنية لصالح الكيان الصهيوني بحيث تكون للأخيرة "حرية مطلقة" بالعمل العسكري في كل قطاع غزة. 
تقدير استراتيجي 
بات من الواضح آن السلطة التي ستحكم غزة سواء أن كانت السلطة أو أي كيان آخر يجب أن يتمتع ب : 
1- دعم مالي كبير يسمح له بالعمل على الارتقاء بأوضاع القطاع الاقتصادية. 
2- اتصالات دولية للتباحث مع قوى العالم بشأن الكثير من الملفات السياسية والأمنية المتعلقة بغزة 
3- خط مباشر للاتصال مع الكيان الصهيوني ، وهو الخط الذي بات واضحا إنه يجب أن يكون مؤثرا وفي بعض الأحيان آمرا للتغلب على المشاكل المتوقعة التي يمكن أن يتم مواجهتها في غزة بالمستقبل.