قال تقرير الشال الأسبوعي الصادر حول «التصنيف الائتماني السيادي – وكالة فيتش»: صدر في 5 سبتمبر الجاري تقرير وكالة «فيتش» حول التصنيف السيادي للكويت، فيه ثبتت الوكالة التصنيف عند ’-aa‘ مع نظرة مستقبلية مستقرة، لا جديد في التقرير، فهو نسخة شبه مكررة لتقارير سابقة، فسر البعض محتواه على أنه إيجابي، قراءتنا له مختلفة، ونعتقد أن محتواه سلبي، ويظل لكل من قرأه الحق أن يصنفه وفق قناعاته.
قراءتنا للتقرير من واقع تحليلاته هي أن لا شيء تحقق في الاتجاه الإيجابي، وبعض التحليل كان حول مؤشرات توحي حركتها إلى الاتجاه السلبي، فالتقرير يذكر بأن اقتصاد الكويت مرتهن بشكل متزايد وشبه كامل بحركة متغيرين لا قدرة للإدارة العامة المحلية في التأثير عليهما. الأول، وهو مبرر ثبات التصنيف، هو المصدات المالية أي مدخرات زمن رواج سوق النفط، التي ارتفعت قيمتها نتيجة رواج أسواق العالم المالية من نحو 576 % إلى 607 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025. وبسبب حرب العالم التجارية، وسخونة الأحداث الجيوسياسية، وأزمة ديون أمريكا وانعكاساتها على الدولار الأمريكي ومخاطرها السياسية، ما قد يحدث لها في المستقبل خارج قدرة الإدارة العامة المحلية على اجتنابه. العامل السلبي الثاني هو استمرار طغيان هيمنة حركة سوق النفط على المالية العامة التي يتوقع التقرير ارتفاع عجزها مصاحباً لطغيان النفقات الجارية بحيازتها على نحو 81 % من حجمها. وتوقعات التقرير لحركة أسعار النفط سلبية، فهو يتوقع أن يبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي للسنة المالية 2026/2027 نحو 66.1 دولار أمريكي، أي دون السعر المتحفظ للسنة المالية الحالية 2025/2026 والبالغ نحو 68 دولار أمريكي للبرميل.
في نفس الوقت، لا يتوقع التقرير أن تحقق الإدارة العامة إصلاح جوهري لهيكل النفقات العامة البالغ مساهمة نفقات الأجور والدعوم فيها نحو 41 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي و81 % من حجم النفقات العامة كما ذكرنا. وحتى ما يعتبره تقرير الوكالة بأنه انفراج في وضع السيولة بإقرار قانون الدين العام وضمانة سداده تعني رهن غير مباشر لاحتياطي الأجيال القادمة، يتوقع أن يصرف 70 % من حصيلته لتغطية عجز الموازنة التي يهيمن عليها الإنفاق الجاري، وما تبقى من عجز يغطيه السحب من الاحتياطي العام. وحتى المؤشر الذي ذكره وبدا إيجابياً وهو تحول نمو الاقتصاد الكويتي إلى الموجب بنحو 1.7 % في عام 2025 بعد انكماش بنسبة -2.8 % في عام 2024 و-3.6 % في عام 2023، يقدره صندوق النقد الدولي بحدود 1.9 %، ويظل أدنى توقعات معدل نمو موجب لنفس السنة مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى، وأدنى من متوسط نمو اقتصادها المجمع الموزون البالغ نحو 3.1 % لنفس السنة.
مشكلة الاقتصاد الكويتي في إدارته العامة، فكل التقارير المهنية تجمع على أن عطل الاقتصاد الكويتي في محركاته، ماعدا إدارته العامة التي تصر على أن العيب في طلاء مركبته، لذلك، تستعيض عن الغوص في عملية إصلاح المحرك، بعناوين ضخمة لا مضمون حقيقي فيها، مجرد تلوين يبهر العين ويخدر العقل، خطورته هي في ضياع وقت ثمين تتلاشى معه فرص إصلاح المحركات.