قال تقرير اقتصادي متخصص إن أسعار النفط في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت انخفاضا منذ الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 48 في المئة تقريبا على الأساس السنوي مما أثار مخاوف حول مدى قدرة تلك الدول على الاحتفاظ بمراكز فوائضها المالية.
وأضاف تقرير الشركة (الكويتية الصينية) الاستثمارية الصادر امس أن الضغوط الهائلة التي تواجه دول المجلس نتيجة التراجع المستمر الذي تتعرض له أسعار النفط خصوصا أنها تعتمد بشكل كبير على ايرادات النفط والغاز.
وأوضح أن صندوق النقد الدولي خفض بداية العام الحالي توقعاته هذا العام حول الفوائض المالية للبلدان الخليجية مجتمعة من 275 مليار دولار أمريكي الى حوالي 100 مليار دولار وحذر من أن بعض هذه الدول سيواجه عجزا ماليا اذا استمر الانفاق الحكومي وفق المستويات الحالية.
وذكر أن معظم البلدان الخليجية لا تزال قادرة على تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي وتجنب أي تراجع قد يطرأ على النشاط الاقتصادي حتى الان بفضل مرونة انفاقها الحكومي المدعوم باحتياطيات مالية كبيرة.
ولفت الى أن صندوق النقد الدولي يرى أن اعتماد تلك الدول على صادرات النفط سيظل يشكل خطرا على المدى البعيد مؤكدا أهمية التوسع في التنويع الاقتصادي وتعزيز القطاعات غير النفطية في دول التعاون للحفاظ على النمو والفوائض المالية في المستقبل البعيد.
وبين أن دول الخليج تتشارك بالسمات الاقتصادية ذاتها وتؤثر أسعار النفط المنخفضة كثيرا على اجمالي الناتج المحلي الاسمي والحقيقي اللذين يسهمان بأعلى نسبة بالنسبة لاقتصاداتها وانفاقها الحكومي وصافي صادراتها.
وأشار التقرير الى أن دول التعاون تمر بمراحل مختلفة في الدورة الاقتصادية رغم سماتها المشتركة حيث تعكس دورة أنشطة الأعمال تقلبات نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي لكل بلد بالنسبة لنمو اقتصاده المحتمل ويعرف من حيث الانكماش والتوسع.
وقال إنه حين يتجه نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي نحو الأعلى فإن الاقتصاد يعد في مرحلة توسعية بينما عندما يتجه نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي نحو التراجع فيشير ذلك الى دخول الاقتصاد مرحلة الانكماش.
وذكر تقرير (الكويتية الصينية) أن مرحلة التوسع عادة ما تتكون من ارتفاع نسبة التوظيف والناتج الصناعي والمبيعات والدخل الفردي وينظر الى هذه العوامل بشكل خاص بمعزل عن التأثير المباشر لتراجع أسعار النفط على الناتج المحلي الاجمالي.
وأشار الى عامل ثان لابد من أخذه بعين الاعتبار لدى تحليل دورة أنشطة الأعمال «فالبلدان التي لا ترتقي الى مستوى النمو لا تستغل مواردها بما يكفي وعادة ما تنتج اقتصاداتها معدلات بطالة وقدرة غير مستغلة على التصنيع وتضخما منخفضا».
وبين أن البلدان التي تزيد فيها معدلات النمو عن المتوقع تعاني من التضخم والمصانع غير المستفاد منها والاقتصاد التضخمي لافتا الى أن أربع دول خليجية تشهد الان مرحلة انكماش منذ الربع الأخير من 2014 وخص بالذكر عمان وقطر اللتين تمران بمرحلة مبكرة من الانكماش تعرف ببداية تراجع النمو الاقتصادي ولو أن معدلات النمو فيها على المدى البعيد لا تزال مرتفعة. وعزا هذا التباطؤ في النشاط الاقتصادي بصورة رئيسية الى ضعف الصادرات وتراجع الاستثمار والاستهلاك الخاص مضيفا أن المؤشرات الرئيسية مثل النمو الائتماني والسيولة تظهر أن تراجع النشاط الاقتصادي قد يستمر لفترة أطول.
وقال إن الكويت والسعودية تشهدان تباطؤا أيضا لكنهما ضمن مرحلة أخيرة من الانكماش فقد شهدتا بعض مؤشرات التعافي في قطاعات مختلفة كالسكن في الكويت والبنوك في السعودية مبينا أن المؤشرات الرئيسية بدأت بالصعود ما يشير الى أن اقتصاد البلدين سيشهد مزيدا من فرص الانفاق والثقة الايجابية للمضي قدما في المستقبل.
وبين التقرير أن البحرين والامارات أنهتا العام الماضي ضمن دورة توسعية اذ لم يؤثر تراجع أسعار النفط على نمو صادراتهما كما كان الحال في دول التعاون الأخرى بسبب تنوع صادراتهما بل أتاح الزخم الجيد في أسواق العمل أمام هذه البلدان أن تشهد معدلات قوية للاستهلاك الخاص نتيجة لقوة أسواق عملها.
وقال تقرير (الكويتية الصينية) إن النفط بشكل عام لايزال العامل الرئيسي في تحريك الأداء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي مشيرا الى ان التنويع الاقتصادي عنصر أساسي أمام بلدان المنطقة كي تضمن نموا قويا في المستقبل.
وأشار الى ضرورة تنويع الحكومات لمصادر دخلها بعيدا عن الايرادات النفطية «وينبغي أن تواصل تحسين أطر العمل القانونية والضريبية وضمان وجود إطار عمل سياسي مستقر».
وأكد ضرورة تهيئة السلطات الخليجية الظروف المناسبة لمشاركة القطاع الخاص باعتباره الوحيد القادر على معالجة التحديات القادمة المتمثلة بالضغوط الديمغرافية والبطالة.