قدر مختصون اقتصاديون ألمان أمس أن التأثير الكامل لموجة اللاجئين في سوق العمل في أكبر اقتصاد أوروبي لن يظهر قبل عام 2017. وبحسب «الألمانية»، فقد كشفت نتائج مسح بين مختصي سوق عمل لدى مصارف ألمانية كبرى أنه من المرجح البدء في الإحساس بتأثير موجة اللاجئين في سوق العمل اعتبارا من أوائل صيف العام المقبل دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع قوي في أعداد العاطلين عن العمل. وعزا المختصون تباطؤ تأثير هذه الموجة في سوق العمل إلى تباطؤ وتيرة إجراءات اللجوء، مشيرين إلى أن السماح لطالبي اللجوء بالبحث عن وظيفة يعقب الاعتراف بحقهم في اللجوء. وبالنسبة إلى الشهر الجاري، فقد توقع المختصون أن يصل عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا إلى 2.64 مليون شخص بتراجع بواقع نحو 10 آلاف شخص مقارنة بالشهر الماضي وبواقع نحو 80 ألف شخص مقارنة بعددهم في نفس الشهر من العام الماضي.
ومن المنتظر أن تعلن الوكالة الاتحادية للعمل بعد غد الأعداد الرسمية للعاطلين عن العمل في الشهر الجاري، وسط تزايد المخاوف من ارتفاع معدل البطالة نتيجة تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الأجانب إلى ألمانيا.
وقال رولف بويركل المحلل الاقتصادي في «جي.إف.كيه»، «إن الارتفاع المستمر في أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا أدى إلى تراجع الشعور بالتفاؤل بشأن الاقتصاد الألماني، كما أثر سلبا في مؤشر توقعات الدخل، في الوقت الذي تعتقد فيه أغلبية الأسر الألمانية أن معدل البطالة سيرتفع خلال الشهور المقبلة نتيجة أزمة اللاجئين الأجانب».
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد شددت الأسبوع الماضي أمام البرلمان الألماني «بوندستاج» على ضرورة ألا تكون هناك منافسة بين العاطلين عن العمل بالفعل منذ فترة طويلة في ألمانيا وبين اللاجئين القادمين إلى البلاد في عملية الدمج داخل سوق العمل. وطالبت ميركل بضرورة البدء بسرعة في إدماج اللاجئين، وأن ما يمكن تعلمه هناك يمكن استخدامه في أي حياة، سواء عندنا أو في سورية أيضا.
وأشادت ميركل بالدور الذي تضطلع به الشركات الألمانية في دمج اللاجئين في المجتمع الألماني، مؤكدة أنه من المهم أن تقدم الشركات فرصا للتدريب المهني للاجئين. وتسعى الحكومة الألمانية إلى تسهيل الإجراءات والقوانين الخاصة بدمج طالبي اللجوء في سوق العمل، ورغم أن شركات ألمانية كبرى تقدم للاجئين بعض الدورات التدريبية وأماكن للتكوين المهني في بعض الأحيان، إلا أنه نادرا ما يحصل اللاجئون على مناصب عمل دائمة.
ويخشى عديد من الشركات أن يتم ترحيل هؤلاء اللاجئين إلى دولهم الأصلية في وقت لاحق، وهذا ما يدفع بالشركات إلى التفاوض مع الفاعلين السياسيين، بهدف تحسين ظروف دمج اللاجئين في سوق العمل. وفي هذا السياق، أطلقت شركة سيمنز الألمانية العملاقة في مطلع هذه السنة في مدينة إيرلانجن برنامجا خاصا يشمل عشرة متدربين من اللاجئين، الذين يحصلون على رواتب خلال فترة التدريب، كما شمل البرنامج تسعة مواقع أخرى تابعة للشركة. ويقول ميشائيل فريدريش المتحدث باسم «سيمنز»، «إن البرنامج يهدف إلى دمج اللاجئين في الحياة الطبيعية والحياة اليومية العادية، لكن حتى الآن لم يحصل هؤلاء اللاجئون على مكان للاستفادة من تكوين مهني في الشركة، وقد يتغير ذلك قريبا». من جهتها، تقدم شركة «تليكوم» الألمانية العملاقة في مجال الاتصالات تدريبا للاجئين مقابل أجر، غير أن شروط قبول المرشحين تبدو صعبة، فالشركة تبحث أساسا عن طلاب في مجال إدارة الأعمال بمهارات جيدة في اللغتين الألمانية والإنجليزية.