نبهت منظمات الأمم المتحدة الى استمرار ارتفاع معدلات الجوع في العالم للعام الثالث على التوالي الذي يعانيه واحد من بين كل تسعة أشخاص من سكان العالم ما يهدد بالفشل في تحقيق هدف القضاء على الجوع.
جاء ذلك في التقرير الأممي حول (حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم) السنوي لعام 2018 عرضه اليوم الثلاثاء بمقر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) رؤساء منظمات (فاو) غراتسيانا داسيلفا والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (ايفاد) جيلبير أنغبو وبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي وممثلو منظمتي الصحة العالمية واليونسيف المشاركة في اعداده.
وكشف التقرير الأممي عن أدلة جديدة تشير إلى أن عدد الجياع في العالم آخذ في الارتفاع على مدى السنوات الثلاث الماضية ليبلغ 821 مليون شخص في عام 2017 إلى مستوياته منذ عقد كامل مع معاناة أكثر من 150 مليون طفل من التقزم بسبب سوء التغذية.
كما اعتبر التقرير "محدودية التقدم المحرز في معالجة مختلف أشكال سوء التغذية المتعددة ما بين تقزم الأطفال والسمنة بين البالغين التي تعرض صحة مئات الملايين من الناس للخطر" مشيرا الى زيادة تردي الوضع سوءا في أمريكا الجنوبية ومعظم مناطق أفريقيا مع تباطأ كبير في الاتجاه نحو تقليل مستوى نقص التغذية في آسيا.
وقال التقرير ان هذه الانتكاسة المسجلة للجهود والالتزام الدوليين ترسل تحذيرا واضحا بضرورة عمل المزيد وعلى وجه السرعة إذا أردنا تحقيق هدف أجندة التنمية المستدامة الخاص بالقضاء على الجوع بحلول عام 2030.
واعتبر تقرير الأمم المتحدة أن التقلبات المناخية بتأثيرها على أنماط سقوط الأمطار والمواسم الزراعية والظواهر المناخية الحادة كالجفاف والفيضانات من بين العوامل الرئيسية وراء ارتفاع مستويات الجوع بجانب النزاعات والتباطؤ الاقتصادي.
وقال ان رؤساء منظمات الأمم المتحدة الخمس حذروا من أن "المؤشرات المقلقة عن زيادة انعدام الأمن الغذائي والمستويات المرتفعة لمختلف أشكال سوء التغذية" تشكل رسالة تنبيه واضحة الى أن هناك الكثير الذي ينبغي عمله للتأكد من عدم ترك أحدا متخلفا عن الركب في السعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأمن الغذائي وتحسين التغذية".
ونقل عنهم في هذا الصدد "إذا أردنا بلوغ عالم خال من الجوع ومن سائر أشكال سوء التغذية" بحلول عام 2030 "يتحتم تسريع وتوسيع نطاق الإجراءات الرامية لتعزيز القدرة على الصمود وقدرة النظم الغذائية على التكيف وتحسين سبل معيشة الناس استجابة للتقلبات المناخية والظواهر المتطرفة".
وشدد التقرير على آثار التغير المناخي الواسعة وما تسببه من ضرر بالإنتاج الزراعي ومن ثم نقص توافر الغذاء مع تأثيرات مباشرة على ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخسائر في الدخل المتاح وهو ما يؤدي من تقليل قدرة الناس على الوصول إلى الغذاء.
واشار الى إحراز تقدم ضعيف في الحد من التقزم بين الأطفال بانخفاض عدد الأطفال دون الخامسة الأقصر قامة بالنسبة لأعمارهم خلال 5 سنوات من 165 مليون طفل متقزم عام 2012 الى 151 مليون متقزم نتيجة سوء التغذية في 2017 تتركز 39 بالمائة منهم في أفريقيا و55 بالمائة في آسيا حيث ترتفع للغاية نسبة انتشار هزال الأطفال.
كما لفت التقرير الى أن واحدة من كل ثلاث نساء في سن الإنجاب على مستوى العالم لاسيما في أفريقيا وآسيا تعاني من فقر الدم ذي العواقب الوخيمة على صحة ونمو النساء وأطفالهن فيما وصفه بأمر "مخجل".
على صعيد متصل أظهر التقرير أن أكثر من واحد بين كل ثمانية بالغين في العالم يعانون من السمنة التي تعد مشكلة أكبر في أمريكا الشمالية مشيرا الى ان هناك نموا تصاعديا في أفريقيا وآسيا.
واوضح أن "مشكلتي نقص التغذية والسمنة تتواجد معا في عديد من البلدان بل وداخل الأسرة الواحدة".
وأضاف إن صعوبة الوصول إلى الطعام المغذي بسبب تكلفته العالية والتوتر الناجم عن العيش دون أمن غذائي والتكيف الفسيولوجي مع الحرمان الغذائي تساعد جميعها في تفسير أن العائلات التي تفتقر إلى الأمن الغذائي تكون معرضة أكثر لخطر زيادة الوزن والسمنة.
وأمام هذا الوضع العالمي دعا التقرير إلى تنفيذ وتوسيع نطاق التدخلات الرامية إلى ضمان الوصول إلى الأطعمة المغذية وكسر دورة سوء التغذية بين الأجيال مشددا على ضرورة أن تولي السياسات اهتماما خاصا بالمجموعات الأكثر عرضة لأضرار سوء الوصول إلى الغذاء المتمثلة في الأطفال "الرضع" و"دون سن الخامسة" و"في سن المدرسة" و"المراهقات والنساء".
وشدد على الحاجة الى "إحداث تحول مستدام نحو الزراعة ونظم الأغذية الحساسة للتغذية التي يمكن أن توفر الغذاء الآمن والعالي الجودة للجميع" داعيا كذلك إلى بذل مزيد من الجهود لبناء القدرة على الصمود في وجه المناخ من خلال سياسات تعزز التكيف مع تغير المناخ وتخفف من آثاره والحد من مخاطر الكوارث".