ثبتت وكالة (ستاندرد آند بورز) اليوم الجمعة التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت عند المرتبة (ايه.ايه) مع نظرة مستقبلية مستقرة للتصنيف مؤكدة على قدرة الاصول الخارجية والحكومية "الكبيرة جدا" بتوفير مساحة للقيام بضبط أوضاع المالية العامة تدريجيا. وتوقعت الوكالة في تقريرها الذي نشرته على موقعها الالكتروني متضمنا ثلاثة فصول رئيسية هي النظرة العامة للتصنيف وآفاق التصنيف ومبرراته ان تستقر آفاق التصنيف وان تبقى مقاييس التصنيف الائتمانية الرئيسية في دولة الكويت قريبة نسبيا من المستويات الحالية. وقالت ان النظرة المستقبلية المستقرة لتصنيف الكويت تعكس توقعاتها ببقاء الأوضاع المالية والخارجية قوية خلال العامين القادمين مدعومة بمخزون ضخم من الأصول المالية متوقعة أن تساهم هذه القوة في تعويض المخاطر المتعلقة بكل من تقلبات أسعار النفط وعدم تنوع الاقتصاد الكويتي وتصاعد التوترات الجيو-سياسية في المنطقة. وأشارت إلى إمكانية تخفيض التصنيف الائتماني السيادي للكويت في حال خفض تقييم المرونة النقدية أو إذا تصاعدت المخاطر الجيو-سياسية بشكل ملحوظ بينما تشمل إمكانية رفع التصنيف الائتماني السيادي للكويت إذا نجحت الإصلاحات السياسية في تعزيز الفعالية المؤسساتية وتحسين التنويع الاقتصادي على المدى الطويل. وعن مبررات التصنيف قالت الوكالة ان تأكيدها للتصنيف الائتماني مدعوم بالمستويات المرتفعة من المصدات المالية والخارجية السيادية المتراكمة موضحة أن المنتجات النفطية تشكل نحو 55 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 90 بالمئة من الصادرات وأكثر من 90 بالمئة من الإيرادات العامة "ونظرا لهذا الاعتماد الكبير على النفط ترى (الوكالة) أن الاقتصاد الكويتي غير متنوع". واضافت ان مراكمة أصول مالية وخارجية كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية أتاح لصانعي السياسات الكويتيين الفرصة للتقدم التدريجي في الإصلاحات المالية ومواجهة تراجع أسعار النفط من خلال زيادة الإنفاق العام في إطار الخطة الإنمائية للدولة ولا سيما في مشاريع البنية التحتية. وتوقعت أن يتعافى أداء النشاط الاقتصادي خلال السنوات الأربع القادمة بعد الانكماش في عام 2017 مشيرة الى بعض النقاط التي تم الأخذ بها في التصنيف اهمها التوقعات بنمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنحو 8ر2 بالمئة في المتوسط خلال السنوات من 2018 حتى 2021 بدعم من زيادة انتاج النفط بدءا من النصف الثاني من السنة الحالية وزيادة الاستثمارات العامة. واكدت (ستاندرد آند بورز) عدم وجود أية مخاطر كبيرة لإدارة المالية العامة أو الاقتصادية خصوصا انها افترضت ان يصل متوسط سعر خام برنت إلى نحو 65 دولارا للبرميل في عام 2018 ونحو 60 دولارا في عام 2019 ونحو 55 دولارا خلال السنتين 2020-2021. وقالت انه رغم ارتفاع أسعار النفط إلى 55 دولارا للبرميل في عام 2017 مقارنة بالعام السابق إلا أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي شهد انكماشا بنحو 9ر2 بالمئة مدفوعا أساسا بتقليص إنتاج النفط بنسبة 5 بالمئة والذي تم تنفيذه بموجب اتفاق منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك). وعددت الوكالة العوامل التي من شأنها معاودة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام الحالي واهمها الانتعاش الطفيف في إنتاج النفط خلال النصف الثاني من هذا العام واستمرار الإنفاق العام على مشاريع البنية التحتية اضافة الى ارتفاع أسعار النفط في السنتين 2018 - 2019 فضلا عن تأخير إدخال ضريبة القيمة المضافة الامر الذي من شأنه دعم الاستهلاك الخاص والعام. اما على المدى المتوسط فتوقعت الوكالة ان يرتفع إنتاج النفط الكويتي إلى أكثر من 3 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020 مقارنة بنحو 7ر2 مليون برميل يوميا وذلك ضمن خطط مؤسسة البترول الكويتية لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى نحو 4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020. وقالت الوكالة ان المصدات المالية والخارجية الضخمة للكويت تبقى من نقاط القوة الأساسية للتصنيف الائتماني للكويت مع الأخذ بعين الاعتبار عدة نقاط. واعتبرت الوكالة ان من اهم هذه النقاط تأجيل الكويت بعض الاصلاحات المالية في ضوء ارتفاع اسعار النفط وبشكل خاص تطبيق ضريبة القيمة المضافة بما سيؤدي الى استمرار العجز في الموازنة العامة للدولة فضلا عن خطط الحكومة لتلبية احتياجاتها التمويلية من خلال زيادة نسبة الاقتراض العام وتخفيض نسبة السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام. واكدت الوكالة ان الكويت لا تزال تحتفظ بأحد أكبر مجمعات الأصول الخارجية السائلة بين جميع الدول التي تصنفها الوكالة متوقعة قدرة الكويت على الدفاع عن سياسة ربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات الرئيسية. واشارت الى استمرار الموازنة العامة بعد احتساب مخصص صندوق احتياطي الأجيال القادمة وبدون احتساب دخل الاستثمارات الحكومية بتسجيل عجوزات مالية بسبب انخفاض أسعار النفط منذ عام 2014 مشيرة الى ان السنة المالية 13/2014 كانت آخر سنة سجلت فيها الموازنة العامة فائضا. وقدرت ان يتقلص عجز الموازنة إلى نحو 6ر14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 17/2018 مقارنة بعجز بنحو 18 بالمئة في السنة المالية 16/2017 وذلك بسبب ارتفاع الإيرادات النفطية متوقعة تقلص العجز في الموازنة العامة الحالية الى 6ر10 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي. ولفتت الى ان "استجابة السياسة المالية في الكويت لانخفاض أسعار النفط محدودة ومتدرجة إلى حد ما بالنظر إلى المصدات المالية الكبيرة والارادة السياسية بالمحافظة على دولة الرفاهية" متوقعة تباطؤ زخم الإصلاحات التي تهدف إلى تنويع الإيرادات العامة في ظل ارتفاع أسعار النفط خلال عام 2018. وتوقعت ان تسجل الموازنة العامة بعد احتساب مخصص صندوق احتياطي الأجيال القادمة واحتساب دخل الاستثمارات الحكومية فائضا ماليا بنحو 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 17/2018. كما توقعت استمرار تسجيل الموازنة العامة فوائض مالية مدعومة بدخل الاستثمارات الحكومية خلال فترة التوقعات على ان يسجل الفائض المالي للموازنة العامة أكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المالية (18/2019 - 21/2022). واضافت ان "عجز الموازنة العامة يؤدي إلى زيادة المتطلبات التمويلية حيث أجل مجلس الأمة إصدار قانون جديد للدين العام بعد انقضاء المهلة السابقة في أكتوبر 2017 ما يعوق أي إصدارات جديدة للدين في عام 2018 الأمر الذي دفع الحكومة للجوء إلى السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام لتلبية الإحتياجات التمويلية للموازنة". وتوقعت الوكالة اتباع الحكومة استراتيجية تمويل أكثر توازنا بين الديون الجديدة والسحب من أصول صندوق الاحتياطي خلال عام 2019 مرهونا بموافقة مجلس الأمة على قانون الدين العام الجديد مشيرة الى ان قيمة الإصدار الأول للكويت من السندات الدولية بلغ 8 مليارات دولار في عام 2017 "على ان تستمر الكويت بالاستفادة من أسواق السندات الدولية في ظل أسعار الفائدة الحالية المؤاتية مقارنة بعائدات الأصول الخارجية". وقدرت الوكالة حجم الأصول التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار بنحو 6ر3 ضعف الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2018 ما يجعل الكويت من أعلى الدول الخاضعة لتصنيف الوكالة من حيث صافي حجم الموجودات الحكومية. كما قدرت (ستاندارد آند بورز) ان يتجاوز صافي وضع الأصول الخارجية للكويت 6 أضعاف المتحصلات من الحساب الجاري خلال السنوات 2018-2021 مشيرة إلى أن متحصلات الحساب الجاري والاحتياطيات القابلة للاستخدام ستظل تغطي إجمالي الاحتياجات التمويلية الخارجية خلال السنوات الأربع القادمة. وعن مؤشرات الحسابات الخارجية لدولة الكويت قالت الوكالة انها قوية جدا وأقوى من أقرانها تقريبا بما في ذلك دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأشارت الى ان سعر صرف الدينار الكويتي يرتبط بسلة عملات يهيمن عليها الدولار الأمريكي معتبرة أن نظام سعر الصرف في الكويت أكثر مرونة من نظم أسعار الصرف في معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث انه على الرغم من قيام الاحتياطي الفدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة إلا أن بنك الكويت المركزي أبقى على سعر الخصم الرئيسي دون تغيير ورفع سعر الفائدة على الودائع فقط.