الأمم عبر وسائل التواصل الحديثة وتفشي ظاهرة فوضى التلقي المعرفي، امتلأت عقول الشباب بأسئلة العصر المحيرة حول هويتهم ودينهم وإيمانهم وموروثهم الثقافي، فبدأوا رحلة البحث عن الإجابات لإرضاء إلحاح عقولهم السؤولة ونفوسهم القلقة.
وأمام تجاهل المجتمع لأسئلتهم، أو التهوين من أهمية استفهاماتهم، يجب أن نصارح شبابنا ونقول لهم: اسألوا ولا تخافوا... اسألوا ولا تترددوا.
أتدرون لماذا؟
لأن السؤال والتساؤل أمر فطري طبيعي، من خصوصية الإنسان المتفرد بالعقل والوعي.
اسأل، لأن السؤال مفتاح المعرفة.
اسأل، فبالسؤال تنتقل من القناعة الشعورية بمبادئك، إلى القناعة البرهانية.
اسأل، فلا تطور للوعي، ولا نضج للأفكار ولا ارتقاء للذات، من دون السؤال والتساؤل.
اسأل: فـ «حتى الملائكة تسأل»...!
هذا العنوان الجميل لكتاب الملحد الأسبق بروفيسور الرياضيات الأميركي جيفري لانغ الذي ألفه بعد إسلامه، لأنه اكتشف أن القرآن كتاب يقوم على السؤال وعلى استنفار العقل للبحث عن كبرى الحقائق الوجودية والوجدانية وأن الإجابات عن أسئلة البدايات وعن الكون والإنسان والحياة تحققت في كتاب الله العزيز.
فحتى الملائكة التي فطرها الله على الطاعة سألت ربها عن سبب خلق البشر، الذين في طبيعتهم النقص، لدرجة ارتكاب القتل!
فقالوا «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك»!
وهذا من أكبر الأسئلة والإشكالات الفلسفية التي شغلت العقل الإنساني قديماً وحديثاً...
لماذا خلق الله الشر؟ ولماذا وجد الألم في حياة البشر؟ وكيف نوفق بين كون الله خير محض، ولا يحب الشر، وينهى عنه، ويدعو إلى فعل الصالحات مع الاعتقاد أنه سبحانه خالق كل شيء بما في ذلك الشر؟!
ولماذا أوجد الآلام في حياة الناس وهو أرحم الراحمين؟!
وقد تتساءلون:
ما الموضوعات التي يمكن أن نسأل عنها؟
وأين نسألها وما الوسيلة التي نتواصل فيها مع المسؤولين؟
ومن الذين سيجيبون عنها؟
للحديث بقية.
mh_awadi@
المصدر جريدة الراي