قالت شركة «توتال» العالمية للنفط إن حالة وفرة المعروض في سوق النفط الخام لن تستمر طويلا، وإن الأسعار ستتحسن على المدى الطويل مشيرة إلى أن ظروف السوق الراهنة تتسم بتخمة المعروض بسبب وجود طاقة فائضة أكثر في مقابل ضعف الطلب نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة جهود التوسع في كفاءة استخدام الطاقة وهو ما أدى إلى انخفاض أسعار الخام حاليا بشكل كبير، ولا أحد يعرف بدقة كم من الوقت يمكن أن تستمر هذه الظروف.
وأضاف تقرير «توتال» - الذى أعده باتريك بوانييه الرئيس التنفيذي للشركة - أن هناك شيئا واحدا مؤكدا سيتحقق عاجلا أو آجلا وهو أن الأسعار سترتفع مرة أخرى، مشيرا إلى أن الاستثمارات قد تراجعت من قبل بنسبة تراوح بين 10و15 بالمئة للشركات، ووصل الأمر إلى 30 بالمئة لشركات أخرى مستقلة وهو ما يعني ضعفا متوقعا في إمدادات الطاقة.
وأشار التقرير إلى أن هناك نموا ملحوظا في مستويات الطلب وتباطؤا في جهود كفاءة استخدام الطاقة وهو ما يعني أن المستقبل القريب سيشهد تحرك الأسعار صعودا موضحا، أن التوازن في السوق سيحتاج إلى بعض الوقت ليتحقق على أكمل وجه.
ونبه التقرير إلى أن استثمارات توتال بلغت 25 مليار دولار من عام 2012 وحتى العام المقبل 2016 وأن الشركة تركز رغم ظروف السوق على جودة تسليم المشروعات والتشغيل المتميز مع الاهتمام بالتوقيت وبمعدلات الأمان المرتفعة.
وأضاف أن الصناعة واجهت العديد من التحديات الصعبة خلال عام بسبب اضطراب الأداء في السوق وحالة عدم اليقين من مسار التطورات فيه، ولكن يجب أن ندرك أن هذه طبيعة العمل في قطاع الطاقة وأنها سمة أساسية في كل الاستثمارات في هذا المجال الحيوي، مشيرا إلى أن هذه الاستثمارات ستصل الى 40 تريليون دولار حتى عام 2040.
ولفت التقرير إلى أنه في عام 1997 وصل سعر برميل النفط لأدنى مستوياته وهو أقل من 10 دولارات للبرميل وهو ما مثل أزمة كبيرة للصناعة واضطرها إلى سياسات واسعة للتقشف وخفض التكاليف ثم شهدنا كيف تطور السوق في السنوات اللاحقة ليرتفع في عام 2007 إلى 100 دولار للبرميل ثم حدث ما سمي بثورة النفط الصخري الزيتي ولم يكن يتوقع أحد أن الولايات المتحدة في نهاية عام 2014 ستصبح أكبر منتج للنفط مثلها مثل السعودية وروسيا.
وأشار التقرير إلى أن كثيرا من المختصين أطلقوا تحذيرات من استمرار انخفاض أسعار النفط الخام وأسهبوا في شرح مسببات ذلك ولكن لم يقدموا رؤية مستقبلية لتطور الصناعة، ورغم الصعوبات التي يسببها تراجع الأسعار إلا أن علينا أن ننظر للوجه الإيجابي والعمل على إيجاد فرصا حقيقية من الأزمات.
وشدد تقرير توتال على ضرورة مواجهة الصعوبات الحالية بسياسات مرنة والتكيف مع تلك المتغيرات ومراجعة أساليب وسياسات العمل في شركات النفط للوصول إلى مرحلة متقدمة من ضبط الأداء والتواؤم مع المتغيرات.
وقال التقرير إن الاستثمار في قطاع الطاقة بشكل عام وقطاع النفط الخام بشكل خاص يقوم على نسبة مخاطرة مرتفعة لأننا نقيم استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات وليس لدينا يقين وضمان تام بشأن أسعار بيع منتجاتنا وهذه طبيعة الصناعة.
ودعا التقرير إلى ضرورة التزام الصناعة بمعايير الكفاءة في الأداء ومراقبة التكاليف وتطوير التكنولوجيا والتقنيات المستخدمة وحسن إدارة رأس المال ومواجهة ارتفاع نسبة المخاطر وتنويع المحافظ المالية لتحقيق أفضل مستويات الربحية.
وأضاف أن صناعة النفط من الصناعات الطويلة في دورات رأس المال ولذا على الشركات الكبرى في هذا القطاع أن تكون لها رؤية مستقبلية واعية لتطورات السوق خاصة فيما يتعلق بمستقبل مزيج الطاقة في العالم خلال العشرين عاما القادمة وحجم مساهمة النفط الخام فيه وهو ما يتطلب مراجعة دائمة للقدرات الإنتاجية وحجم الاستثمارات إلى جانب وضوح الآليات الجيدة اللازمة لمواجهة التقلبات الحادة الراهنة في السوق.
وشدد التقرير على ضرورة تطوير علاقات التعاون بين شركات النفط الوطنية وشركات النفط العالمية من أجل الوصول إلى آليات أفضل وأكثر فاعلية لمواجهة التغيرات في السوق مشيرا إلى أن صناعة النفط والغاز ستواجه في العقود المقبلة عددا من التحديات أهمها على الإطلاق تلبية الطلب المتزايد على الطاقة بفعل النمو السكاني وزيادة احتياج العالم إلى طاقة آمنة ونظيفة وبأسعار معقولة.
وأشار تقرير الشركة الفرنسية إلى أهمية تعامل قطاع الطاقة التقليدية بشكل جيد أيضا مع مكافحة تغير المناخ والمساهمة في حل تلك المشكلة موضحا أنه مهما تزايد الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وعلى الرغم من التطور الهائل في مجال زيادة إنتاج الطاقة الشمسية إلا أننا نعتقد أن العالم سيحتاج في المستقبل إلى كل أنواع الطاقة سواء التقليدية أو البديلة وأنه لا تعارض بين نمو إنتاج جميع موارد الطاقة.
وبحسب «توتال» فإن الرؤية المستقبلية لوضع إنتاج الطاقة في العالم حتى عام 2040 أو2050 تؤكد أن الوقود الأحفوري سيمثل النسبة الغالبة من مزيج الطاقة العالمي وهذه النسبة ربما تكون في حدود 60 بالمئة من مزيج الطاقة.
وتوقع التقرير أن تشهد السنوات القادمة زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي كمكون رئيسي في منظومة الطاقة العالمية في مقابل تراجع كبير في الاعتماد على الفحم مشيرا إلى أن هذا الأمر سيكون ناتجا عن الضغوط والعوامل الخاصة بالحفاظ على البيئة حيث إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من استهلاك الغاز الطبيعي أقل من نصف انبعاثات استهلاك الفحم خاصة في نشاط توليد الكهرباء.
وذكر التقرير أن النفط سيظل يلعب دورا رئيسيا وأساسيا في منظومة الطاقة على الرغم من التراجع الطبيعي في الإنتاج نتيجة العمر الافتراضي للحقول النفطية ويجب أن يعوض ذلك زيادة الاستثمارات مشيرا إلى أن موارد الطاقة لا يلغي بعضها البعض وأن المؤشرات المستقبلية تؤكد الحاجة إلى كل موارد الطاقة.
وأوضح التقرير أننا بصدد توقعات مستقبلية تؤكد ارتفاع أسعار الخام على المدى الطويل في ظل الحاجة إلى استثمارات ضخمة في هذا القطاع لتعويض انخفاض الإنتاج الطبيعي وتلبية التطور الكبير في مستويات الطلب العالمي حيث تتطلب المرحلة الحالية التواؤم والتكيف مع الأسعار المنخفضة الحالية من أجل استمرار النشاط والسعي لتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات.
واعتبر التقرير أن التحدي الأكبر الآن هو أن نحافظ على هامش ربح مهما تراجعت الأسعار في السوق وتبني استراتيجيات ناجحة في الإدارة والإنتاج والتسويق تتلاءم مع كل الظروف والمتغيرات وتمكنك من الحفاظ على التوازن والقدرة على الاستمرار.
من ناحية أخرى وعلى صعيد أسعار النفط، هبط الخام الأميركي نهاية الأسبوع الماضي عن 40 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ الأزمة المالية لعام 2009 ليغلق منخفضا 2 بالمئة لمؤشرات على تخمة المعروض في الولايات المتحدة وبيانات ضعيفة للإنتاج الصناعي الصيني ليسجل النفط أطول موجة خسائر أسبوعية في نحو ثلاثة عقود.
ووفقا فقد هبط الخام عن مستوى 40 دولارا إثر بيانات أسبوعية تظهر زيادة عدد حفارات النفط العاملة في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي وذلك للأسبوع الخامس على التوالي.
وتحدد سعر التسوية للخام الأميركي تسليم (أكتوبر) على انخفاض 87 سنتا بما يعادل 2.1 بالمئة عند 40.45 دولار للبرميل بعد أن لامس مستوى منخفضا جديدا في ست سنوات ونصف السنة عند 39.86 دولار للبرميل. ونزل عقد أقرب استحقاق للخام الأميركي 33 بالمئة على مدى ثمانية أسابيع متتالية من الخسائر في أطول موجة من نوعها منذ 1986.
وأغلق خام برنت على انخفاض 1.16 دولار أو 2.5 بالمئة إلى 45.46 دولار للبرميل، ونزل خلال المعاملات إلى 45.07 دولار ليقترب من الهبوط من 45 دولارا للمرة الأولى منذ (مارس) 2009. ويدق انهيار أسعار النفط وهو الثاني هذا العام جرس الإنذار داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» بما في ذلك بين بعض الأعضاء الخليجيين، لكن مندوبين استبعدوا تغيير سياسة رفع الإنتاج لحماية الحصة السوقية.