فتحت المصارف اليونانية أبوابها مجددا صباح امس  الاثنين ، بموجب قرار حكومي بعد إغلاقها ثلاثة أسابيع لحماية النظام المصرفي من هروب كثيف لرؤوس الأموال. ومن المقرر أن يتمكن اليونانيون من الحصول على الخدمات البنكية الأساسية، غير أن القيود المفروضة على عمليات السحب والرقابة على رؤوس الأموال ستبقى سارية مع تخفيفها بعض الشيء.
وسيبقى الحد الأقصى للسحب النقدي اليومي للفرد كما هو عند 60 يورو، مع إمكانية سحب 420 يورو في الأسبوع تجنيبا للمواطنين الانتظار في طوابير يومية طويلة أمام ماكينات الصرافة. ويستثنى من هذه القيود المواطنون الذين يترتب عليهم دفع نفقات علاجات طبية أو نفقات دراسة في الخارج.
أما ضريبة القيمة المضافة فستسجل زيادة من 13% إلى 23% بالنسبة إلى المطاعم  والمنتجات غير القابلة للتلف، وعدد كبير من الخدمات والسلع بدءا من السكر والكاكاو والواقيات الذكرية وانتهاء ببدل سيارات الأجرة وتكاليف مراسم
كشف الفوران الأخير لأزمة ديون اليونان عن شقاقات متفاقمة في منطقة اليورو قد تؤدي -ما لم يتم حلها سريعا- إلى تفكك الوحدة النقدية الأوروبية التي تمثل ذورة المشاريع الطموحة للاتحاد الأوروبي. وبحسب “رويترز”، فإن أشد ما يثير قلق الزعماء الأوروبيين هو أن الرأي العام والسياسات المحلية تتجاذبهم على نحو متزايد في اتجاهات متعارضة، ليس فقط بين اليونان وألمانيا -أكبر مدين وأكبر دائن- وإنما تقريبا بين جميع أعضاء الاتحاد.
فالألمان والفنلنديون والهولنديون والسلوفاك ومواطنو دول البلطيق لم يعودوا يقبلون فكرة توجيه أموال دافعي الضرائب لإنقاذ اليونانيين. في المقابل يشعر الفرنسيون والإيطاليون واليونانيون بأن منطقة اليورو لا تعني الآن سوى التقشف والعقاب وأنها تفتقر إلى التضامن والتحفيز الاقتصادي. ومع تشبث دول وسط وشرق أوروبا بمواقفها وتنامي الضغوط الداخلية في هولندا وفنلندا لم يعد أي حل وسط بين ألمانيا وفرنسا زعيمتي منطقة اليورو كافيا لتسوية المشكلات، ناهيك عن صعوبة التوصل إليه أصلا.
وهناك أطراف كثيرة جدا من أصحاب المصلحة والآراء المتباينة بشكل تزداد معه صعوبة إدارة الأزمة. ويبدو الآن أي إصلاح واسع النطاق للهيكل المتصدع لمنطقة العملة الموحدة الذي يضم 19 دولة حلما بعيد المنال.
وبعد أسابيع من الاجتماعات الطارئة التي كانت تمتد حتى الساعات الأولى من الصباح لزعماء ووزراء مالية منطقة اليورو التي توجت بمؤتمر قمة استمر حتى صباح اليوم التالي توصلت منطقة اليورو إلى اتفاق هش يحول دون غرق اليونان ويجعلها محمية افتراضية تخضع لإشراف ينتهك خصوصياتها كدولة مستقلة.
ولا يعتقد سوى قلة -على أحسن تقدير- من مؤيدي الاتفاق أنه سينجح فعليا. وقال رئيس وزراء اليونان تسيبراس “إنه اتفاق سيئ سيجعل الحياة أسوأ لليونان”، لكنه اضطر إلى تجرع الدواء المر لأن البديل كان أسوأ. وقال فولفجانج شيوبله وزير المالية الألماني “إنه كان من الأفضل لأثينا أن تخرج من منطقة اليورو “مؤقتا” للحصول على إعفاء من الديون”.
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فأوضحت أن الميزة الرئيسية للاتفاق هي تفادي ما هو أسوأ، معتبرة أن البديل لهذا الاتفاق لن يكون وقتا مستقطعا تخرج فيه اليونان من اليورو مؤقتا وإنما فوضى يمكن التنبؤ بها.
وأوضح مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي شارك في مفاوضات التوصل إلى الحل الوسط أن فرصة نجاح الاتفاق الآن تبلغ 20 وربما 30 في المائة، “وعندما أتطلع إلى العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة أو حتى الأشهر الثلاثة المقبلة لا أرى سوى سحب قاتمة، وكل ما تمكنا من عمله هو تفادي خروج فوضوي لليونان من منطقة اليورو”.
وستعاود المشكلات الظهور على الأرجح في أواخر (أغسطس) أو (سبتمبر) عندما يتعين الانتهاء من المفاوضات التفصيلية بشأن برنامج إنقاذ يستمر ثلاث سنوات.
ولو أن الأزمة اليونانية كانت الهم الوحيد لمنطقة اليورو فلربما كان من السهل احتواؤها وحلها نظرا لأنه لم تظهر على الأسواق المالية بوادر تذكر على انتقال العدوى إلى سندات سيادية ضعيفة أخرى مثلما حدث في عام 2012 وهدد بتمزيق أوصال منطقة اليورو.
ويواجه اليونانيون منذ امس  زيادات كبيرة في ضرائب القيمة المضافة، تنفيذا لأحد الشروط التي أملاها المقرضون لبدء المحادثات حول تقديم حزمة الإنقاذ المالي الثالثة لليونان خلال خمسة أعوام. وبحسب “الفرنسية”، فستطبق زيادة الضرائب من 13 إلى 23 في المائة على منتجات وخدمات مثل الأطعمة المجهزة والمشروبات والأطباق التي تقدم في المطاعم، كما تشهد الكثير من جزر اليونان ارتفاعا حادا في ضرائب المستهلك بداية من اليوم.وأفادت وسائل الإعلام المعنية بالاقتصاد في اليونان بأن ارتفاع الضرائب يتوقع أن يجمع 800 مليون يورو (867 مليون دولار) بحلول نهاية هذا العام. ووافق البرلمان الخميس الماضي على رفع الضرائب ضمن تدابير تقشفية وإصلاحية اشترطها مقرضو اليونان لبدء محادثات حزمة إنقاذ مالي تستمر 3 أعوام بقيمة 86 مليار يورو تحتاج إليها اليونان لتفادي الإفلاس.