صوت البرلمان اليوناني يوم امس الاربعاء على اتفاق الإنقاذ المالي الذي تم التوصل إليه في قمة منطقة اليورو الأخيرة، كما سيجري التصويت على الاتفاق في البرلمانات الأوروبية.
واعتبر رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس أن الاتفاقية مع دول مجموعة اليورو هي أفضل ما أمكن لأثينا أن تحصل عليه، مشيرا إلى أن الاتفاق جرى في أجواء من الابتزاز وتضييق الخناق. واستبعد تسيبراس الاستقالة قائلا إن «الاتفاق السيء» كان أفضل المتاح وسط الظروف الحالية.
وقال تسيبراس: «نتيجة القمة الأوروبية ومجموعة اليورو كانت نتيجة الضغط على بلد وشعب يقرر بطريقة ديمقراطية، لقد أريد لنا أن نذهب ضد آمال أكثر الشعوب قوة في خضم جو من التهديدات وتضييق الخناق وكان أمامنا خياران على الطاولة، فإما متطلبات محددة أو إعلان الإفلاس الذي يعني الخروج من منطقة اليورو».
منطقة اليورو
وكان قادة منطقة اليورو قد توصلوا الاثنين الماضي.. بعد مفاوضات عسيرة استمرت أكثر من 17 ساعة.. توصلوا إلى اتفاق يجيز بدأ المفاوضات مع اليونان بشأن حزمة مساعدات ثالثة بقيمة تقدر بين 82 و86 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات، بشرط قيام أثينا بإجراء إصلاحات هي زيادة عائدات الضرائب وترشيد الرواتب التقاعدية وتحرير سوق العمل.
هذا وبدأ تسيبراس فور وصوله إلى بلاده عقد اجتماعات مع زملائه في الحزب والحكومة للحصول على دعمهم للاتفاقية التي تم التوصل إليها في بروكسل.
ويسعى تسيبراس الآن لإقرار هذه الإصلاحات التي لا تحظى بأغلبية ساحقة في البرلمان اليوناني، بينما يرى وزير الداخلية اليوناني نيكوس فوتسيس أن معظم نواب البرلمان سيدعمون قرار رئيس الوزراء اليوناني، حيث قال فوتسيس إن تسيبراس سيحظى بدعم من دون شك.
قال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إنه غير مقتنع بالاتفاق الذي وقعه مع دول اليورو للخروج من الأزمة الاقتصادية، لكنه سينفذه.
ووصف تسيبراس الاتفاق بأنه «قاس»، لكنه قال إنه الخيار الوحيد المتاح أمام اليونان للبقاء في منطقة اليورو.
ويتوقف تطبيق إجراءات التقشف التي يفرضه الاتفاق على إقرار البرلمان اليوناني له، حيث يواجه تسيبراس معارضة حتى من أعضاء في حزبه.
وقال تسيبراس إنه لا ينوي الاستقالة، بالرغم من المعارضة المتنامية له في بلده.
وقال دفاعا عن الصفقة التي وقعها « أتحمل المسؤولية عن جميع الأخطاء التي قد أكون ارتكبتها، أتحمل المسؤولية عن اتفاقية لست مقتنعا بها لكني وقعتها لتجنب الكارثة التي تحدق بالبلاد لو انهارت البنوك».
واضاف أنه قاوم طلب تخفيض الأجور والرواتب التقاعدية، وأن التخفيض الذي اتفق عليه أقل من الذي كان مطلوبا في الاتفاقيات السابقة.
وانتقد تسيبراس الدائنين وقال إنهم «أرادوا الانتقام».
من جهته صرح يرون ديسيلبلوم رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو أنه غاضب من تسيبراس «بسبب تشجيعه المواطنين على التصويت بلا في الاستفتاء على إجراءات التقشف».
وقال تسيبراس إن الاستفتاء ساعد اليونان في الحصول على شروط أفضل.
وكان تسيبراس يتحدث عشية التصويت في البرلمان اليوناني على الاتفاقية التي وقعها، حيث قد يحتاج لأصوات من المعارضة لإقرارها.
الشارع اليوناني
وأبدى الشارع اليوناني عدم ارتياحه لوضع البلاد بعد موافقة الحكومة على خطة الإنقاذ الثالثة، حيث يرون أن الظرف المعيشي متدن، خاصة في صفوف المتقاعدين.
وعبر كثير من اليونانيين عن غضبهم بسبب إجراءات التقشف وبرنامج الإنقاذ الجديد، وقاموا باحتجاجات بداية الأسبوع وإحراق علم ائتلاف «سيريزا» في وسط أثينا.
واتهم عدد من النواب والأحزاب السياسية تسيبراس بتقديم تنازلات كبيرة، كما أعلن نواب داخل حزب «سيريزا» عن استقالتهم احتجاجا على الاتفاق، ودعت كذلك نقابات موظفي الدولة لإضراب عام اليوم الأربعاء لأربع وعشرين ساعة.
من جانبها، دعت ديسبوينا شارالامبيدو نائب رئيس البرلمان اليوناني الحكومة إلى التراجع عن الصفقة، التي اعتبرتها مدمرة للشعب اليوناني. ووصفت شارالامبيدو الاتفاق بأنه عبارة عن مجموعة ثالثة من إجراءات التقشف، وقالت: «هو برنامج يتضمن تدابير من شأنها أن تهدم بشكل كامل الحقوق التأمينية للعمال. هم يضعون حاجزا أمام توسيع حقوق العمال، نحن ندعم الحكومة وندعوها إلى التراجع عن هذه الصفقة، التي تعتبر مدمرة للشعب اليوناني».
وفي بروكسل، تواصل مجموعة اليورو العمل على آلية تمويل انتقالية تسمح لأثينا بتلبية احتياجاتها العاجلة إلى أموال. وبيقيت المصارف اليونانية مغلقة حتى يوم امس الأربعاء، وهو الوقت اللازم للبنك المركزي الأوروبي للبت في الاعتمادات الطارئة التي تستفيد منها والتي تبلغ قيمتها 89 مليار يورو مجمدة حاليا، إلا أن تسيبراس قال الثلاثاء إن الموعد الذي سيكون فيه بمقدور البنوك اليونانية استئناف عملها سيعتمد على موعد التصديق على اتفاق تتوصل إليه بلاده المثقلة بالديون مع مقرضيها.
وينص أحد بنود الاتفاق مع الدائنين على تخصيص 25 مليار يورو لإعادة رسملة البنوك اليونانية.
صندوق النقد
واعتبر صندوق النقد الدولي في تقرير اصدره الثلاثاء ان على الاتحاد الاوروبي ان «يمضي ابعد» من الخطوات التي ينوي اتخاذها بهدف تخفيف دين اليونان، حتى انه قد يضطر الى شطب قسم من هذا الدين.
وقال الصندوق في هذه الوثيقة التي سلمت للقادة الاوروبيين السبت قبل التوصل الى تسوية مع اليونان ، ان «دين اليونان لا يمكن ان يكون قابلا للمعالجة الا عبر اجراءات لتخفيف الدين تذهب ابعد بكثير مما تنوي اوروبا القيام به حتى الان».
والاتفاق المبدئي مع اليونان يلحظ مساعدة جديدة تراوح بين 82 و86 مليار يورو مشروطة بتبن سريع لاصلاحات من جانب اثينا مع اشارة سريعة الى امكان تخفيف الدين اليوناني.
لكن الصندوق اكد في تقريره ان الدين اليوناني «لا يمكن معالجته على الاطلاق» وتوشك نسبته ان تناهز 200 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي لاثينا «في العامين المقبلين»، علما انها تبلغ حاليا نحو 175 في المئة.
وفي هذا السياق، اعتبر الصندوق ان لا خيار اخر امام اوروبا سوى تخفيف الدين اليوناني، وهو خيار تصدت له المانيا بقوة، والا فان المؤسسة الدولية سترفض المشاركة في مساعدة مالية لليونان.
وعرض الصندوق ثلاثة خيارات امام الاوروبيين. الاول، ان تمتد «فترة السماح» من عشرة الى ثلاثين عاما لا تكون خلالها اليونان ملزمة بسداد دينها للاوروبيين، الثاني يكمن في «تحويل» اموال لليونان «سنويا» والثالث يقضي بكل بساطة ب»شطب للدين».
وفي ما يتجاوز قضية الدين، اعتبر صندوق النقد ان تدهور الوضع في اليونان قد يتطلب «عمليات تمويل طارئة اضافية من الاوروبيين» تتجاوز ال85 مليار يورو من العجز المالي التي تمت الاشارة اليها في الاتفاق المبدئي بين اليونان ودائنيها.