تستعد فرنسا، لدخول مرحلة جديدة غير مسبوقة على المستوى القانوني والتشريعي، لدعم جهودها لمكافحة الإرهاب، وذلك باعتماد قانون وهيكل تشريعي جديد يحكم عمل المخابرات الفرنسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، يتجاوز الكثير من النقائص التي تميز عمل هذه الأجهزة، بحكم التشدد الفرنسي التقليدي في مجال حماية الحريات الفردية وسرية المراسلات والاتصالات وغيرها، وهي الحريات التي ستشهد بمناسبة القانون الجديد المنتظر، إعادة صياغة جوهرية، وفق ما انفردت به صحيفة لوفيغارو الفرنسية، الثلاثاء.
وللإشارة يحرم القانون الفرنسي، أجهزة المخابرات المختلفة، حالياً ، من اللجوء تلقائياً إلى إجراءات وآليات عمل معتمدة من قبل أجهزة الأمن العادية مثل الشرطة الجنائية، التي تلجأ بشكل آلي لمراقبة الاتصالات الهاتفية وزراعة الميكروفونات للتنصت والتجسس ومتابعة الأشخاص عبر أنظمة "جي بي اس"، وغيرها من الطرق التي أثببت فعاليتها في رصد ومكافحة الجرائم والوقاية منها.
حماية من الملاحقة
ويحظر القانون الحالي على "رجال الخفاء"، امتيازات إجرائية كثيرة متاحة لغيرهم، وأولها الحماية القانونية والحصانة من الملاحقات القضائية التي كان سبب في تعرض عدد من المخبرين والجواسيس الفرنسيين إلى مشاكل كثيرة على مستوى المساءلة القانونية والمسؤولية الشخصية في الداخل والخارج، ما شكل عائقاً كبيراً في السنوات الماضية لعمل الأجهزة المتخصصة.
وكشف الصحيفة الفرنسية أن القانون الجديد، سيتجاوز عائق الحصول على إذن قضائي مسبق لمراقبة الإرهابيين واستباق العمليات الإرهابية في الداخل والخارج، بالمتابعة والتجسس والتنصت على المراسلات العادية والالكترونية واستعمال الوسائل الإلكترونية الحديثة من أجهزة تجسس متنقلة وثابتة وأقمار صناعية لتحديد الأشخاص والمواقع والسيارات ورصد التنقلات الشخصية والتحويلات المالية وغيرها.
إذن إداري
وأضافت الصحيفة، أن القانون الجديد، لم يعد يطالب الأجهزة بتبرير طلبات المراقبة أو الرصد بشكل مسبق، بل يعتمد في شكله الجديد قائمة بالمجالات التي يمكن للأجهزة التصرف الحر والفوري إذا توفرت شروطها بعيداً عن الرقابة المسبقة، وأهمها التهديدات التي تتعلق خاصة بالدفاع الوطني والمصالح الحيوية والسياسية لفرنسا في الخارج، والمصالح الاقتصادية أو العلمية وذلك إلى جانب الوقاية من الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل والعنف المهدد للأمن والسلم العام في البلاد.
وعلى هذا الأساس وبفضل هذا التحديد لمجالات التحرك والتدخل، ستكتفي مصالح ودوائروأجهزة الاستخبارات الفرنسية المختلفة، سواءً العاملة منها في فرنسا نفسها أو في الخارج، بإذن إدراي داخلي، للمباشرة الفورية بعمليات الاختراق والمراقبة والتجسس والتنصت والمطاردة للتهديدات الواردة ومصادرها.
تنصت اختراق وشفط بيانات 
ومن أبرز ما جاء به القانون حسب الصحيفة، اللجوء المكثف إلى العناصر التقنية والتكنولوجية الحديثة، إلى جانب تعزيز العنصر البشري بعدد كبير من المحللين والمترجمين وخبراء اللغات، وهي العناصر التي تسمح مثلاً بالمتابعة بواسطة برمجيات متخصصة، فوراً لما يجري تداوله على الشبكات وصفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت، بطريقة سرية ولكن أيضاً بطريقة تسمح بتحديد أماكن وعناوين المتطرفين في وقت قياسي.
أما على المستوى المادي، فيسمح القانون الجديد باقتحام المحلات والمساكن والسيارات وغيرها، لزراعة أجهزةتصنت من ميكروفونات أو أجهزة بث الإشارات الالكترونية عن بعد، لرصد أجهزة الهاتف أو السيارات أوالأشخاص، وصولاً إلى السماح باستعمال سحب المعطيات والمعلومات من الهواتف والكمبيوترات ووسائل التواصل الالكترونية باعتماد ما يعرف بأجهزة "امسي كاتشر" " Imsi Catcher " التي تشفط كل المعلومات والبيانات من هواتف أو كمبيوترات أو الأقراص الصلبة أو غيرها من وسائل تخزين المعطيات، بمجرد مرور الشخص المستهدف قربها أو وجودها في دائرة نشاطها أوعملها.