لا تصب بيانات الاقتصاد البريطاني في مصلحة رئيسة الوزراء تريزا ماي، ومعركتها المقبلة مع قادة الاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد. فالتقديرات تشير إلى أن بريطانيا خامس اقتصاد في العالم ستواجه فترة طويلة من النمو الاقتصادي البطيء، ولن يتجاوز معدل النمو لهذا العام 1.9 بالمئة، وسيتراجع العام المقبل إلى 0.8 بالمئة. والسبب في ذلك تراجع إنفاق المستهلكين، ما أدى بالعديد من الشركات البريطانية إلى تبنى نهجا متريثا في مجال التوظيف والاستثمار، وقد تراجع استثمار الشركات البريطانية بنحو 2 بالمئة هذا العام جراء القلق تجاه المستقبل.
وقال فيونا بول نائب الرئيس التنفيذي لاتحاد الصناعات في المملكة المتحدة تعلق»: «الأداء السيئ للعملة البريطانية يكشف إلى حد كبير المأزق الراهن للاقتصاد البريطاني، وتراجع قيمة الاسترليني سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلك، ما يعني تراجعا كبيرا في معدلات إنفاق المستهلكين، ومن ثم انخفاض الطلب الكلي، وتلك التطورات يمكن أن نستشف منها أن العديد من المصاعب الاقتصادية في الطريق»
 وقال البروفيسور راسل هال أستاذ المالية العامة في جامعة كينت: «خلال فترة حكم كاميرونرئيس الوزراء السابق ووزير ماليته جورج أوزبورن، كان هناك رؤية موحدة بينهم وبين محافظ بنك إنجلترا مارك كارني حول ضرورة تبني سياسات تقشفية واستقطاعات مالية حادة، من اجل سد العجز في الميزانية، الآن الصراع حاد بين تيريزا ماي رئيسة الوزراء ومحافظ بنك إنجلترا، إذ تحمل ماي السياسات المالية لكارني المسؤولية في تصويت الناخبين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وغياب الاتفاق بين السياسيين واعني تريزا ماي والمسؤول الأول عن السياسة المالية في البلاد واعني محافظ بنك إنجلترا يبعث برسائل سيئة وسلبية للمستثمرين في داخل وخارج بريطانيا بأن الوضع الاقتصادي مضطرب»
وقال وليم براون الاستشاري السابق في بنك إنجلترا : «كما يوجد خلاف واضح بين رئيسة الوزراء ومحافظ بنك إنجلترا، هناك خلاف أكثر حدة داخل المجموعة المالية التي تصوغ سياسات البنك بشأن الحل الأمثل لأسعار الفائدة في بريطانيا. التيار الأول ولا يزال هو التيار المهيمن ويقوده محافظ البنك مارك كارني يعتقد أن خفض أسعار الفائدة لن يترك مردودا حقيقيا على الاقتصاد البريطاني، بل لربما يعمق الأزمة، إذ سيوجد انطباعا عاما في الأسواق المحلية والدولية بأن الاقتصاد البريطاني يمر بأوضاع شديدة الصعوبة، وان بنك إنجلترا لجاء لتلك الخطوة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بتشجيع المستثمرين على الاقتراض وإعادة ضخ تلك القروض في الاقتصاد المحلي، كما أن خفض سعر الفائدة سيزيد من معدلات الاقتراض بصورة قد تمثل خطرا على الاقتصاد البريطاني مستقبلا، التيار الثاني وهو مدعوم من عدد من السياسيين من بينهم وزير المالية هاموند، ويدافع عن خفض سعر الفائدة من المعدل الحالي 0.25 بالمئة إلى 0.1 بالمئة، على أن يتواكب ذلك مع تشجيع سياسة التحفيز الكمي، ومن ثم يقوم البنك بشراء سندات الحكومة والشركات، ويدافع هذا التيار عن الآثار السلبية لتلك الخطوة على الاسترليني، من منطلق أن قيمة العملة البريطانية ستتراجع لفترة وجيزة، ستكون كفيلة بزيادة الصادرات بصورة ملحوظة وإنعاش الاقتصاد الكلي»