عادت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع في الأسواق الدولية بفعل تجدد الآمال مرة أخرى في نجاح اجتماع المنتجين في الجزائر الشهر المقبل، بعد وصول إنتاج كبار المنتجين إلى المستوىات القصوى وإحكام السيطرة على الحصص السوقية، كما عزز اتجاه ارتفاع الأسعار تراجع الدولار الأمريكي من أعلى مستوى له في أسبوعين إضافة إلى تعليق بعض الإنتاج الأمريكي بسبب العواصف.
واعتبر المختصون النفطيون، أن مباحثات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودى مع شركات طاقة صينية في بكين حول التعاون في مجال الطاقة النووية يؤكد جدية السعودية في خطة تنويع موارد الطاقة وتحقيق الإسراع في عملية التحول الاقتصادي، كما اعتبروا أن تصريحات الفالح السابقة بشأن عدم ضرورية التدخل في سوق النفط تعكس استمرار قناعة السعودية بترك السوق تحركه قوى العرض والطلب مع الثقة التامة في أن السوق يتحرك في الاتجاه الصحيح ويتوازن تلقائيا.
وفسر المختصون تصريحات الفالح التي تزامنت مع تصريحات سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة الإماراتي التي أكد فيها الأخير أن الحصة الحالية لأوبك في سوق النفط «عند مستوى جيد» بأنها تعكس رضا كبار المنتجين عن ظروف السوق الحالية والتفاؤل بالفترة المقبلة، وهو ما يجعل اجتماع الجزائر ليس بالضرورة، أن يسفر عن إجراء جديد يتعلق بتجميد الإنتاج أو أى قرارات أخرى تؤثر على الإنتاج والمعروض النفطي العالمي.
قال فيم توماس؛ كبير مستشاري الطاقة لدى شركة شل النفطية، إن الفائض الضخم في المعروض العالمي من النفط الذي ضغط على الأسعار في العامين الأخيرين، قد لا ينحسر حتى النصف الثاني من 2017.
وتؤخر العودة المحتملة لنحو 1.5 مليون برميل يوميا إلى السوق من ليبيا ونيجيريا، إضافة إلى الغموض بشأن مستويات إنتاج إيران والعراقـ، إعادة التوازن التي يأملها كثيرون في القطاع.
وفى هذا الإطار، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة أيه كنترول لأبحاث النفط والغاز، أن اجتماع الجزائر فرصة جيدة لمواصلة التشاور والتقارب بين المنتجين في أوبك وخارجها وأيضا مع المستهلكين، وليس من الضروري اتخاذ قرار بشأن تجميد الإنتاج إذا لم يتحقق له الإجماع أو كانت مؤشرات السوق لا تتطلب هذا الأمر.
وأشار إلى أن التصريحات السعودية والإماراتية الأخيرة تؤكد على الثقة بتعافى السوق تلقائيا، بفعل نمو الطلب وتراجع المعروض في بعض دول أوبك مثل ليبيا ونيجيريا ومن خارج أوبك النفط الامريكى الذي شهد هذا الأسبوع استقرار الحفارات النفطية بعد تراجع مستوى الأسعار.
ونوه إلى أن احتمال رفع الفائدة الأمريكية بعد تحسن مؤشرات الاقتصاد وبيانات الوظائف، ما يجعل احتمال صعود الدولار كبيرا على حساب أسعار النفط التي ترتبط به بعلاقة عكسية، مشيرا إلى أن الفائض الواسع في المعروض العالمي والمخزونات يتجه إلى الانحسار تدريجيا بفعل تقلص الاستثمارات وارتفاع مستوى الطلب في الدول كثيفة الاستهلاك خاصة في وسط أسيا.
من جانبها، قالت أنجيلا برالي المدير التنفيذي لشركة «إكسون موبيل» العالمية للطاقة، إن العالم يعيش حاليا مرحلة الخيارات المتعددة والمتنوعة والوفيرة في مجالات الطاقة المتنوعة وهو ما يجعل فرص نمو الأسعار محدودة.
وأشارت إلى أنه «بفضل التقدم في مجال تكنولوجيا الطاقة أصبحنا اليوم قادرين على الحصول بسهولة على الغاز الصخري والنفط ضيق من أمريكا الشمالية وعلى الغاز الطبيعي المسال من الشرق الأوسط، وعلى النفط من حقول المياه العميقة قبالة الساحل الإفريقي، إلى جانب موارد الطاقة المتجددة التي أدت إلى ثراء وتنوع واسع في مزيج الطاقة».
وأوضحت أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية تتسم بالقدرات الواعدة والمتنامية، كما أن عملية نقل الطاقة بين دول العالم -مهما بعدت المسافة - أصبحت أكثر سهولة، مضيفة أن هذا التحول الجوهرى في منظومة الطاقة العالمية جعل المستهلكين يتمتعون بخيارات واسعة في الموارد المتنوعة إلى جانب أن تحقيق أمن الطاقة بات مهمة ليست صعبة.